التطبيع.. عودة الحياة لطبيعتها

 

ماذا سنخسر إذا طبّعنا مع إسرائيل، وماذا سنكسب؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا؟

إن سألنا عن الخسارة فهي غير واردة، لأننا لا نملك شيئاً لنخسره من الأساس، فـ”الممطورة ما بتبالي بالرش”، وإذا كان من يقول إننا خذلنا القضية الفلسطينية فقولهم مردود عليهم، لأن الفلسطينيين أنفسهم باعوا أراضيهم وتزوجوا من الإسرائيليين، وقد شاهدت فيديو لفلسطيني يُعاتب من يلومون البرهان على لقائه نتنياهو، ويقول إن من حقه أن يبحث عن مصلحة بلاده، ويضيف أنهم يشترون الكهرباء والغاز من إسرائيل فلماذا يلومون البرهان (يعني أهل الموت غفروا والجيران كفروا)!

أما إذا سألنا عن المكاسب فهي بلا شك كثيرة، إذا اكتملت خطوات التطبيع، وأظنها ستكتمل بإذن الله، حتى وإن كان هناك بعض المُخذّلين، ويكفي أن إسرائيل ذكرت كأول بشارة لهذا التطبيع أن (السودان لم يعد مُهدّداً للأمن القومي)، ولعلها الخطوة الأولى لرفع اسم السودان من القائمة اللعينة، ومن ثم رفع العقوبات الأمريكية التي ذقنا ويلاتها جميعاً، رفع بصورة حقيقية وليس بالصورة (المدغمسة) التي احتفينا بها جميعاً، ولكن المحصلة كانت بلوغ الدولار مائة جنيه! ونسأل الله بعد هذا التطبيع أن أن (ينبرش) الدولار حتى يعافه الكلب فلا يجد من يرفعه من على الأرض ويرفرف جنيهنا فيبلغ عنان السماء عزة وكرامة بعد طول (انبطاح).

لا نريد أن نسرف في التفاؤل، ولكن من مصلحة أي دولة ألا يكون لها عداء مع أخرى، ولو كانت صغيرة، ناهيك عن الدول الكبرى التي بيدها مفاتيح سعادة وشقاء الدول، حيث يُسلّطها المولى عز وجل على من يشاء فيسعده بقربها ويشقيه بعدائها. على الدول أن تحتفظ بعلاقات متوازنة مع جميع الدول، وتميل حيث تميل مصلحتها، و”الأيد الما بتقدر تدوسا تبوسا”.

لماذا يريدون منا أن نُساند فلسطين على حساب مصلحتنا؟ لماذا يصنفوننا كخونة حين نبحث عن مصلحتنا؟ من هنا نُعلن تضامننا الكامل مع الشعب الفلسطيني وحقه في بناء دولته وقلوبنا معه، ولكن من حقنا أيضاً أن نبحث عن مخرج من (الفتيل) الذي وضعتنا فيه علاقاتنا الخارجية الخرقاء التي لم تُبن على إستراتيجيات المصالح مع مراكز القوى، ولكنها تكتيكية أُسِّست على المشاعر والعواطف.

التطبيع مع إسرائيل أدرك النظام المخلوع أهميته بعد “خراب مالطة”، وحسبما علمتُ فقد أراد البشير السير في هذا الاتجاه ولكن إسرائيل اشترطت ألا يتم اتفاقها مع البشير، فتم اختيار بكري حسن صالح ليقوم بالمهمة، إلا أن البشير رفض وأصر “يا فيها يا نطفيها”. والآن نحمد للبرهان أن انتبه لأهمية التطبيع، ولا أدري لماذا تُصيب الكلمة البعض بالقشعريرة وهي في حقيقتها تعني (عودة الحياة لطبيعتها)؟

أضمُّ صوتي لصوت من يقول إن البرهان لا يمكن أن يكون قد انفرد بالقرار، وقد علمنا أنه كان في معيته أحد أعضاء السيادي من المكوّن العسكري، أما حمدوك فيبدو أنه مهندس الاتفاق، ومن هنا أحييه وأقول له (شكراً حمدوك).

أما الغارقون في الأحقاد والضغائن و(المفندرين) كما تقول حبوبتي فما ضروري يعرفو ونقول لهم (كملو نومتكم الله يعطيكم العافية).

زر الذهاب إلى الأعلى