الرَّاهنُ السياحيّ.. جواذِب ومُعوِّقات

ضعفُ الإعلامِ والترويجُ من أبرز المُشكلات

 

تحديات في البنى التحتية والخدمات المصرفية
ختمي: لابد من إعداد دليل وخارطة سياحية بكل اللغات للولايات على شبكات الإنترنت
د. هيثم: لابد للدولة أن تتبنّى السياحةَ في الخطط الإستراتيجية
وزارة الصناعة تُطالِب بتبعية السياحة لها كصناعة رائدة يُمكِن أن تُساهِم في الدَّخل القومي
القوني: لابد من تطوير السياحة الدينية والطبيعية والترفيهية ومنح تسهيلات سخيّة للمستثمرين
الخرطوم: سارة إبراهيم عباس
المساحات الشاسعة والتضاريس المتباينة، والتنوع البيئي والثقافي والأهرامات والمحميّات الطبيعية والمرتفعات الجبلية وغيرها، وبالرغم من الإمكانيات والمقوّمات السياحيّة الموجودة والتي تؤهّل السودان لاحتلال مكانة هامة في السوق العالمية للسياحة لما يزخر به من مقومات، إلا أن البلاد لم تستفد من هذا القطاع علماً بأنه يُشكّل واحداً من أهم القطاعات المعول عليها للمساهمة في رفع النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الاقتصادية.
المقاصد السياحية
في ذات السياق، قال نائب مدير الإدارة العامة للإحصاء بوزارة الصناعة والتجارة عماد ختمي محمد أحمد، إن السودان يتمتع بميزات وبيئات متعددة من ناحية الجذب السياحي يحتل المرتبة الأولى في جانب المقاصد، لافتاً إلى ما يعانيه القطاع من تحديات في البنيات التحتية في مجال الطرق، الفنادق، الخدمات المصرفية وضعف الإعلام والترويج، واستعرض في ندوة عن فرص السياحة في السودان في إطار معرض الخرطوم الدولي الدورة 37 بأرض المعارض، استعرض ختمي عدداً كبيراً من المقاصد السياحية التي تزخر بها ولايات البلاد المختلفة، منها الآثار والأهرامات وحضارات نبتة، مروي والمدافن والمعابد والمصورات، نهر النيل (مقرن النيلين) جبل مرة، الجزر المرجانية بالبحر الأحمر، الحظائر والمحميات في حديقة الدندر، فضلاً عن سياحة السفاري.

ولفت إلى التنوّع السكاني في السودان الذي أفرز ثقافات متنوعة انعكست في الصناعات اليدوية لإنسان هذه المناطق لتكون الإرث الثقافي الكلي للسودان (الصناعات اليدوية الجلدية، السعفية، أعمال الحياكة صناعة الفخار وصناعة النحت والمصوغات والحلي).
الوضع الراهن
وأشار ختمي للوضع الراهن للسياحة في السودان وفقاً لقانون 2019م الذي آلت فيه وزارة السياحة لوزارة الثقافة بهدف تطوير هذا القطاع وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإصدار السياسات التي تنهض بالقطاع، مقرًا بأهمية تبعية السياحة لوزارة الصناعة كصناعة رائدة، يمكن أن تساهم في الدخل القومي، وأشار إلى عدد من التحديات التي تواجه القطاع والمتمثلة في وعورة شبكة الطرق وبُعد المواقع السياحية عن المركز، بجانب تردي خدمات السكة الحديد في ظل ارتفاع تكلفة النقل الجوي، مشيراً إلى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، ورهن ذلك بهجرة أعداد كبيرة من الحيوانات والطيور، فضلاً عن وجود الكثبان الرملية.
ضعف الوعي المجتمعي
أما فيما يخص السياسات، قطع ختمي بعدم وجود استثمارات في القطاع، مرجعاً ذلك لكثرة الضرائب والرسوم، وشكا من ضعف الدراسات والبحوث والترويج في هذا الجانب، معيبًا انعدام التقانات وعدم وجود وعي مجتمعي بأهمية السياحة، ولوّح بوجود جملة من المعوقات الاقتصادية في جانب ضعف الاستثمارات والتسويق وعدم توفر النقد الأجنبي وقصور الإعلام الخارجي، مشددًا على أهمية خلق بيئة سياحية مُثلى وتحديث البنيات التحتية، والسعي لإعداد دليل وخارطة سياحية بكل اللغات للولايات ونشره على شبكة الغنترنت، مشيراً إلى أهمية إعطاء إعفاءات وامتيازات لشركات الاستثمار السياحية، وطالب بإقامة المعارض والمهرجانات للترويج والدعاية للسياحة في السودان، مشددًا على دعم وتشجيع المؤسسات التعليمية السياحية وتنظيم وتطوير أسواق رأس المال.
تنوع ثقافي وإثني
وفي ذات المنحى، أقرت ممثلة الإدارة العامة للسياحة والآثار بولاية سنار نشوى عوض محمود، بأن التنوع الثقافي والإثني خلق تنوعاً سياحياً في الولاية، خاصة في النيل الأزرق، الدندر والرهد، وعدد كبير من المشاريع البستانية والغابات، مشيرة لسياحة السفاري والصيد في محمية الدندر، وسياحة الهجن، وقالت إن مشروع سنار عاصمة الثقافة خلف عدداً كبيراً من الصروح، المركز الثقافي، فندق السلطان بادي، والقرية التراثية، وعدد من الشاليهات، ولفتت إلى السياحة الريفية في القرى المتاخمة للحدود، ونادت بأهمية تنظيم السياحة، تدريب كوادرها بجانب الاهتمام بالمشاركات الخارجية والفعاليات ذات الصلة، وشددت على تفعيل دور الإعلام لأداء الأدوار المنوطة به، وقالت: لابد من تنفيذ الخطط والبرامج المجازة، مطالبة الحكومة والجهات ذات الصلة بالاهتمام بمحمية الدندر بتوفير الطرق والبنيات التحتية المختلفة، ورهنت ذلك بانقطاع المنطقة في فصل الخريف، مؤكدة أنها مهيأة لتنمية السياحة في البلاد ليعود ريعها على كافة أهل السودان.
الجواذب السياحية
وفي سياق متصل، قال مدير السياحة ولاية شمال دارفور مصطفى حامد مصري، إن ولايته تزخر بالجواذب السياحية المختلفة، تتركز في منطقة كتم، مناطق عين فرح، وادي هور وجبل مرة كمعلم سياحي بارز، منطقة كلمندو، المالحة وأم كدادة التي بها محمية طبيعية لم يتم تسجيلها ضمن التراث العالمي.

وعاب مصري عدم وجود مسح سياحي في الولاية بما يمكن من اكتشاف الآثار والممارسات السائدة في القرون الماضية في الولاية (كدفن المُتوفّى واقفاً، ودفنه مع احتياجاته) على حسب قوله، داعياً العلماء والمختصين لزيارة شمال دارفور وعمل المسوحات اللازمة.
رفع مستوى المعيشة
من جهته، قال الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد: تعتبر السياحة مصدراً مهماً من مصادر اكتساب العملات الأجنبية، وذلك بما ينفقه السائح على السلع والخدمات من هذه العملات، ولا ينكر أن العملات الصعبة تمكن البلد من استيراد السلع والخدمات وتسند العملة المحلية ما يؤدي إلى التقليل من التضخم وغلاء المعيشة، لافتاً أن القطاع السياحي أحد القطاعات الإضافية الناشطة إلى جانب القطاعات الاقتصادية الأخرى، حيث يساعد على نمو البلد اقتصادياً واجتماعياً، وتعتبر ضرورة ملحة لأنها تساعد على خلق فرص أكثر للعمالة، وبالتالي تعمل على رفع مستوى المعيشة، وتكون معيناً للوصول إلى ما يصبو إليه المجتمع من تقدم ورُقي.
عائد اقتصادي
ويواصل د. هيثم حديثه لـ (الصيحة): السياحة تحقق عائداً اقتصادياً في مجالات مختلفة لقطاعات النقل، السكن، الطعام  وخدمات السياحة، وبالتالي يجب أن تكون هناك إدارة للسياحة في كل ولاية بالشراكة مع القطاع الخاص لمضاعفة الفائدة المادية لكل الدورة الاقتصادية، وذلك يقود للمطالبة بتبنيها من ضمن الخطط الاستراتيجية للاقتصاد الوطني.
خفض الرسوم والجبايات
الخبير الاقتصادي د. حسين القوني، قال إن السودان بلد عريق يتمتع بإمكانيات سياحية مهولة، لكنها لم تجد الاهتمام والتطوير المطلوب، وأشار لـ(الصيحة) إلى الأنواع المتعددة للسياحية بالبلاد كالسياحة الطبيعية والأنهار والتنوع الحيواني والمناطق التاريخية والأثرية في كل ولايات السودان، وقال: هذه المناطق السياحية كان يمكن أن يكون عائدها المالي والاستثماري أكبر مما هو عليه الحال الآن، لكن كل هذه الأماكن تعاني من مشاكل في التنقل  والفنادق وبعد المسافات ووعورة الطرق وضعف الاستثمار السياحي، مشددًا على أهمية تشجيع السياحة لما لها من قدرات مالية واقتصادية واجتماعية إذ أنها تحقق دخولاً لمناطق السياحة التي يرتادها السياح وتوسّع من النشاط الاقتصادي، منادياً بضرورة تطوير السياحة الدينية والطبيعية والترفيهية، ومنح تسهيلات سخية للمستثمرين في هذا المجال خاصة أن السودان مقبل على نهضة اقتصادية كبيرة تبعاً لتوفر الإمكانيات الطبيعية والاستثمارية في المستقبل، وإعطاء الولايات التي بها ميزة نسبية في المجال السياحي، فضلاً عن خفض الرسوم والجبايات المتعلقة بالعمل السياحي على الأقل في السنوات القادمة، وتنمية المناطق السياحية وتوفير الطرق والمعينات الأخرى.
دعوة لمن يهمه الأمر
القائمون على أمر السياحة في البلاد عليهم  الشروع  في عمل مسوحات وقاعدة معلوماتية عن الأماكن السياحية للنهوض بالقطاع السياحي  وأن الوقت مناسباً في ظل المتغيرات السياسية التي شهدتها البلاد مؤخراُ والاستقرار السياسي والأمني أن تحتل مكانها الطبيعي وتكون موردًا مهما ورافدًا للخزينة العامة بالعملات الصعبة للمساهمة  في الاستقرار الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى