مقترح تعيين الدقير.. مُحاصصة أم كفاءة؟

 

الخرطوم: زمزم خاطر

تداول عدد من الصحف والمواقع الإخبارية خبر مفاده أن قوى الحرية والتغيير لديها توجُّه برفع توصية  إلى رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك بتعيين رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير نائباً لرئيس مجلس الوزراء مع توليه إحدى الوزارات السيادية, وبحسب (باج نيوز)، فالخطوة وجدت قبولاً من رئيس مجلس الوزراء الذي رحّب بالدقير في حكومته، وأكدت ذات المصادر أن الدقير ما زال مُتمسّكاً بقرار حزبه الذي قضى بعدم المشاركة في الفترة الانتقالية والالتزام بتقديم الدعم للحكومة حتى تعبر.

القارئ لهذه الأخبار يتساءل من هو عمر الدقير، وهل لحزب المؤتمر السوداني تأثير على الساحة السياسية السودانية، وما الأسباب التي أدت إلى تغيير مواقفه تجاه المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية، وهل لتصريحات رئيس الحزب دور في تعيينه؟ وهل سيقبل الدقير التعيين؟ وهل سينجح في إدارة الملفات ويُحدِث فرقاً.

التصريحات النشاذ

تصريحات الدقير خلال الفترة السابقة لم تخل من انتقادات صريحة لأداء الحكومة وقوى الحرية والتغيير، واعتبرها البعض خطوة تجاه تصحيح مسار الثورة.

وفي الاتجاه المعاكس، يرى البعض أن مغازلته للنظام السابق ما هي إلا أشواق وحنين تنتابه بحكم علاقته وأسرته بالنظام. وعندما قال إن تعديل الوثيقة الدستورية ما زال ممكنًا ولم يفت أوانه، قرأ البعض هذه السطور بأن الرجل يُفصّل جلباباً لنفسه وفقاً لمرونة الوثيقة الدستورية وخصوصا أنه كان من المرشحين وبقوة في شغل منصب في حكومة الفترة الانتقالية إلا أنه لم يُوفَّق.

مبدأ مطلوب

الخبير في الدراسات الإستراتيجية والقانوني البروفيسور عثمان حسن أحمد خيري قال لـ”الصيحة” إن وجود نائب لرئيس  مجلس الوزراء شيء مطلوب في دولة متوسعة وضخمة، ولها مقتضيات كثيرة  في التنمية والسلام ،  والتغيير نفسه والثورة تقتضي أن يكون هناك جانب يعمل في مجال التنمية، وجانب يعمل في مجال الإصلاح والتغيير، فمبدئيًا ليست هناك غضاضة أن يكون هناك نائب لرئيس الوزراء.

نقض ميثاق

وأضاف خيري، أن الثورة قالت إنها لا تعتمد على الأحزاب ومحاصصتها، وهذا وعد كان مغلظاً وقاطعاً ووعداً مُعلناً وجزءاً من ميثاق التعامُل في بداية الثورة، إلا أنها نكصت ونقضت العهد، وهذه هي المشكلة الأولى.

والمشكلة الثانية أن الدقير يمثل حزباً بل يُمثّل قمة الحزب، وبالتالي قبوله  بالحقيبة الوزارية يعني ضرورة إشراك رؤساء الأحزاب الآخرين، ولدينا أكثر من تسعين حزباً، وعندنا عشرة أحزاب رئيسية كبرى، وستكون هذه مشكلة عويصة وكبيرة جدًا، وستعمل عراقيل تعوق عمل دولاب الدولة ويتضرر منه الاقتصاد والتنمية والعمل السياسي والمسار الأمني نفسه والمسار السلمي.

صعود غير مُستَحق

ويُعدّد خيري المشاكل، ويقول: المشكلة الثالثة، هي أن الدقير نفسه ليس من الكفاءات المعروفة في العمل السياسي، فهو صعد إلى هذا المنصب باسمه واسم العائلة، أما المشكلة  الرابعة والرئيسية، فهي في عملية  السلام، وما يسمى بالنخبة النيلية، فكلما ازدادت الشخوص الذين يدخلون في تشكيل الحكومة من النخبة النيلية يزداد التوتر وتزداد حجج الذين ينادون بالمساواة والعدل والتهميش للغرب والشرق.

وتساءل خيري عن ماذا يفعل الدقير في الإصلاح؟ بيد أنه سيضيف إضافة سالبة في الشخص والإدراك والتوجّه، وفي العمل، وإضافته ستكون سلبية في مجلس الوزراء، وسيُحدِث عدم تناغُم في القرارات.

تأثير حزب المؤتمر السوداني

فيما يرى القيادي الإسلامي السفير الشفيع أحمد محمد، أن

المؤتمر السوداني هو حزب له تأثيره في الواقع، وهو حزب نشأ بتجربة بدأت  من المؤسسات التعليمية بالذات الجامعات والمعاهد العليا، واكتسب تجربة وخبرة نضالية في ظل الإنقاذ لأنه ظلّ مُعارضاً لفترة طويلة، ولديه وجوده وكوادره في بعض الولايات التي لا يوجد بها وجود للقوى الجديدة، ولديه طرح يجد قبولًا عند قطاع  لا بأس به من الشعب السوداني وخاصة القطاع الشبابي، وأعتقد أن المؤتمر السوداني إذا تصرّف بعقلانية ورُشد وحس وطني عالٍ سيجد مساحة معقولة جداً لدى الرأي العام، وتأييداً من الشعب السوداني.

نجاح مشروط

ويري الشفيع أن المرحلة الانتقالية هي مرحلة محايدة وإدخال الألوان السياسية والأبعاد الأيدولوجية فيها تفقدها معناها الحقيقي، ولذلك من الأفضل للأحزاب التي يتوقع لها مستقبل سياسي أن تنكفئ داخلياً حول تحسين وتجويد أدائها ووضع رؤاها المستقبلية للسودان في الفترة الانتقالية هذه، وتبدأ برامجها الانتخابية من الآن، فالأفضل لقياداتها الواعية المُدركة المؤثرة أن تعكف على تحضير هذه الدراسة وتنفتح خارجياً لإثراء الساحة السياسة بآراء موضوعية ومنطقية وآراء تساعد بإيجابية في إنجاح المرحلة الانتقالية، وفي تقديري إذا حاول رئيس الحزب أن يكون في “المكنة” التنفيذية التي يفترض أن يكون بها خبراء وكفاءات ومهنيون يؤدون وظيفة محايدة مع كل الناس رغم أنها جاءت بعد الثورة في تقديري سيفقدون الكثير لأنهم سينشغلون جداً بالهم اليومي وسيدخلون في بعض المهاترات مع الشعب وبعض القطاعات في قوى الحرية التغيير نفسها، وبالتالي سينشغلون عن مرحلة تأسيس فترة ما بعد الانتقال وسيكونون “وحلانين” في فترة الانتقالية ومشاكلها.

وقال لـ”الصيحة” إن النجاح في المرحلة الانتقالية لا يتوقف على مقدرات الشخص السياسية ولا الإثنية ولا الأكاديمية، يتوقف النجاح على رؤيته هو للمرحلة الانتقالية ورؤيته للسودان  كيف يكون وكيفية التعامل مع الواقع السوداني المُعقّد، ودائماً أنا أقول “أي قائد سياسي داير مستقبل ناجح لهذا السودان مطلوب منه أن يفكر في مشروع وطني استراتيجي يكون بتوافق كل أهل السودان وقطاعاته، وألا يكون مشغولاً بالماضي ومرارته وتقسيم الكيكة سينجح ويُنجِح الفترة الانتقالية ودون ذلك لا نجاح”.

خطوة مضرة

وأشار الشفيع إلى أنه في هذه المرحلة غير مطلوب  مثل هذه التعيينات لأنها تأتي نتيجة موازنات ومحاصصات وهي مضرة وغير مفيدة بالذات على مستوى رئيس الوزراء، وهي فترة تسيير من حيث فهمها العام، ولكن لأنها جاءت بعد الثورة  فهي محتاجة أن تُحدِث بعض التغييرات التي تحقق أهداف الثورة الوطنية، وليست الثورية الأيدلوجية والحزبية الإقصائية التي تُبعِد الثورة من مسارها الصحيح والنظرة غير المحايدة للقضية الوطنية تدع كل حزب يترك بصماته هو وليس بصمات الشعب أو الثورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى