من روائع المؤلفات .. طبقات ود ضيف الله

كامل عبد الماجد

ولد محمد النور ضيف الله مؤلف الكتاب عام 1737م، في الحلفاية ونهل من مصادر العلوم الدينية المنتشرة في السودان خاصة المذهب المالكي حتى صار حجة فيه. ويقول الدكتور يوسف فضل الذي حقق الكتاب وكتب مقدماته أن محمد النور ضيف الله اطلع على كتب كثيرة مثل (مختصر خليل) ومؤلفات عبد الوهاب الشعراني ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، ويستنتج من مؤلفه هذا أنه اطلع على (أسد الغابة في معرفة الصحابة) لابن الأثير، ويشير الدكتور يوسف فضل أن لود ضيف الله العديد من المؤلفات، ولكن مؤلفه المعروف هو كتاب الطبقات ويفهم من بعض وثائق تمليك الأراضي في عهد الفونج أن ملوك الفونج ومشائخ العبدلاب عهدوا له بالإفتاء في بعض قضايا التمليك. 

يقول الدكتور يوسف فضل إنه لم يجد في النسخ الخطية التي لديه عنواناً للكتاب غير أن الشيخ إبراهيم صديق أورد في طبعته عنوان (كتاب الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان)، وهذا هو العنوان الذي اعتمده.

كتاب الطبقات من المراجع الهامة لأهل السودان وربما يؤرخ لبداية التأليف في السودان، وربما سبقته بعض المخطوطات. ورغم ما أشار إليه المحقق يوسف فضل الذي راجعه وصححه وحققه من النسخ الخطية ويسّر أمر الاطلاع عليه برغم ما يشير إليه من معرفة خارجية بالكتاب إلا أن أهميته الكبرى في داخل السودان إذ يؤرخ المؤلف لأهل زمانه من الأولياء والصالحين والشعراء والشيوخ والمشاهير. وقد كتب الكتاب بلغة عامية موغلة في عاميتها مما حدا بالمحقق لمداومة شرح بعض المفردات والعبارات. ويبدو أن في القرن الثامن عشر زمن تأليف الكتاب أن النشاط الديني في الخلاوى والمسايد كان منتشراً في أنحاء السودان خاصة وأن ذلك كان زمان سلطنة الفونج.

يركز المؤلف كثيراً على كرامات الصالحين في زمانه ذاك، وقد يكون معظم ما ورد إليه أو جله سماعياً، فقد أورد كرامات تصل إلى مراحل الإعجاز بما لا يتسق مع المفاهيم الدينية للأجيال التي تلت زمان المؤلف، غير أن الكتاب بجانب الكرامات أورد فيضاً من الشعر والحكمة والمأثورات والأمثال وتكمن قيمته في أنه كتاب أبان لنا ما كان عليه أهل السودان من إدراك معرفي قبل ثلاثة قرون.

أخيراً، لابد من الإشارة إلى الجهد الكبير جداً الذي بذله الدكتور يوسف فضل في إخراجه هذا الكتاب القيم للناس، فالذي يطلع على بعض صفحات المخطوط اليدوي للكتاب يعرف الجهد الذي بذله الدكتور في التحقيق والتصحيح، وقد أورد في الكتاب نماذج بخط المؤلف عسيرة على القراءة تدل على صبر الدكتور على فهم معانيها وفك غموضها. ويشير الدكتور قاسم عثمان نور في مؤلفه البديع معجم المؤلفين السودانيين من 1510م إلى 1030م إلى كتاب الطبقات ويورد النسخ المخطوطة:

-نسخة البرياب 207 ورقة.

-نسخة الشيخ إبراهيم بر 239 ورقة.

-نسخة الخليفة محيي الدين خليفة الشيخ خوجلي 321 ورقة.

-نسخة الشيخ سحب الرسول 510 ورقة.

-نسخة ماكمايكل.

ويقول د. قاسم إن ماكمايكل يقدر بعد مقارنة الطبقات ببعض الكتاب وأشجار النسب التي توفر على دراستها أن ود ضيف الله كان أميناً دقيقاً في تسجيل الحوادث التاريخية، وأنه قل أن يخطئ فيما يذكره، وكثيراً ما يعترف بجهله ويعتذر. ويقول الدكتور يوسف فضل إن ود ضيف الله كان مرآة صادقة وسجلاً حافلاً لما في عصره من أخبار وأحوال دون أن يناقش ما أورد أو يحذف منه ما لا يقبله العقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى