الفاخر وتصدير الذهب.. علاقة مشبوهة

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

أثار اتفاق وزارة المالية مع شركة الفاخر للحلول المتكاملة، بمنح الأخيرة حق شراء وتصدير الذهب، مخاوف وشكوك المشتغلين بقطاع الذهب من التجار والصاغة والشركات، حول جدية الحكومة في إصلاح السياسات السابقة التي أدت لفشل الحكومة في الاستفادة من عائدات الذهب وخروج من 70% من الكميات المنتجة عبر التهريب.

شكوك ومخاوف

ووصل صدى المخاوف، للصاغة وتجار الذهب، فسارعوا لمقابلة وزير المالية د. إبراهيم البدوي، ناقلين له تحفظهم على منح الشركة هذا الحق بلا مناقصة ولا عطاء، وقالوا له إن الاتفاق بمثابة احتكار صريح يخل بالمنافسة، فما كان من الوزير إلا أن وجههم بمقابلة مسؤولي قطاع التعدين، فخرج الوفد من الوزير دون الحصول على إجابات واضحة سوى تطمينات بأن باب تصدير الذهب مفتوح لجميع الشركات وأسماء الأعمال بلا تمييز ولا احتكار.

اتفاق مع المالية

وكانت الوزارة قد منحت في السابع من ديسمبر الماضي بموجب اتفاق بينهما وشركة الفاخر، الأخيرة حق شراء وتصدير الذهب، كما منحتها حق استيراد السلع الاستراتيجية التي تحددها الحكومة، من حصيلة صادر الذهب المصدر.

وبحسب خطاب التعاقُد الصادر عن المالية بتاريخ 7 ديسمبر الحالي، فقد وقّعت الوزارة عقداً مع الشركة المَعنية لشراء وتَصدير الذهب بغَرض تَثبيت وتخفيض سعر صرف العُملات الأجنبية مُقابل الجنيه، والاستفادة من مُبيعات صادر الذهب في استيراد السِّلع الاستراتيجية وأيِّ سلعٍ تحتاجها البلاد، واعتبار قيمة السلع المُستوردة والدفعيات التي تتم للشركات والجهات المُستورد منها من شركة الفاخر بمثابة حصيلة صادر.

صعوبة الاستقصاء

وأسهم وضع الشركة الضبابي وعدم توفر معلومات موثوقة عنها، في تزايد الشكوك حول اتفاقها مع المالية، وتشير تسريبات إلى أن الفاخر ليست جديدة كشركة وأن مالكها أحد الرأسمالية الناشطين في مجال الصادر ويتنقل بين دبي وتركيا، كما تزايدت الشكوك حولها بعد المعلومات المتضاربة التي خرجت عن وزير المالية بشأن اتفاقه معهم، ففي بادئ الأمر وحسب خطاب الاتفاق تتولى الشركة شراء وتصدير الذهب واستخدام حصائل الصادر في استيراد سلع إستراتيجية تحددها الحكومة، ولكن بعد تزايد الضغوط على الوزير قال إن الوزارة لم تمنح الشركة احتكار تصدير الذهب، وزاد بأن هناك 40 شركة تقدمت بعروض للوزارة ستدرسها وأن الباب مفتوح أمام جميع الشركات.

ورغم محاولات استقصاء معلومات موثوقة عن الشركة، إلا أن الأمر ليس سهلاً، فتجار وصاغة الذهب الذين طرحت عليهم “الصيحة” سؤالاً حول مكانة الشركة في قطاع الذهب، قالوا إنهم لا يعرفون عنها شيئاً، حتى شعبة مصدري الذهب لم نجد عندها ما يفيد عن شركة الفاخر غير اسم مديرها العام، أما مقرها وهواتفها وعملها وخبراتها في تصدير الذهب فلا أثر ملموساً له.

فرص الناجح والفشل

وتواجه الفاخر احتمالي النجاح والفشل في مهمتها، وكلا الخيارين راجح الحدوث بناء على معطيات سنأتي على ذكرها طي هذا المكتوب.

وتوفر للشركة عدة عوامل يمكن أن تشكل لها محفزات للنجاح أولها أن تجربة البنك المركزي في شراء وتصدير الذهب طوال السنوات الماضية مُنيت بالفشل الذريع، وثاني العوامل أن سعر الصرف المضطرب وعدم قدرة الحكومة على كبح السوق الموازي تحتاج لاختراق جدي بوضع الحكومة يدها على إنتاج الذهب وتصديره وهو ما يمكن أن تقوم به الفاخر بضمان إعادة حصائل صادر الذهب لاستقرار الأسعار وخفض تكلفة مدخلات الإنتاج والوصول لسعر معتدل للمنتج النهائي والنهوض بالصادرات، كما أن وزارة المالية تستهدف في الموازنة الجديدة خفض سعر الدولار بالسوق الموازي إلى “60” جنيهاً، وهو ذات السعر الذي التزمت به الفاخر بعد انتظامها في صادر الذهب.

وبالنسبة للوقود فهو بالأصل تحتكره الحكومة فيما يعهد لبعض المطاحن باستيراد القمح تحت إشراف سعري من الحكومة، أما الدواء فقد تعهدت الفاخر بتوفير النقد الأجنبي لاحتياجات شركات الأدوية، وهو ما ينفي عنها الاحتكار.

أما أبرز ما يعوق الشركة فهو تزايد الحديث عن ماهية اتفاقها مع وزارة المالية، وما تفاصيل الاتفاق وعلى أي أساس تم، سيما وأنه خلا من أي إعلان مسبق، ولم يتم طرحه في عطاء لشركات الذهب، وقريباً من ذلك، تتناقل المجالس حديثاً لا يمكن الجزم بصحته، حول علاقة نافذي النظام السابق بالشركة، لكونها مسجلة منذ العام 2018م كما تنتشر على الوسائط معلومات عن علاقة مالكها بشخصيات عليا في الحكومة الانتقالية.

ويرى مراقبون أن المسألة تتعلق بإصلاح هيكلي في الاقتصاد وليس مجرد ترسية عطاء يريد المنتقدون منه تشتيت صادر الذهب كما كان من قبل، ولم يحس به أحد بل كان يؤثر سلباً على سعر الصرف بسبب إتاحة القليل من عائده في أسواق دبي للمضاربة به، ولا يعرف احد أين يذهب بقية العائد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى