الشهداء الكرام !

ـ عندما تُقررُّ الحكومة بكامل إرادتها وتُعلنُ عن تغيير اسم داخلية تحمل اسم الشهيد علي عبد الفتاح أو شارعاً يحمل اسم الشهيد عبيد ختم وإعادة تسمية تلك الداخلية وذلك الشارع باسم شهيد آخر فإنها في الحقيقة تتصرف بطريقة لا أخلاقية وترتكب فعلاً موغلاً في الغباء، فالشهيدان علي وعبيد استشهدا في الجبهات الأمامية، ضحيا بدمهما من أجل حماية تراب البلاد وسيادتها والقيم السامية التي اصطف الأعداء بمختلف دوافعهم للنيل منها !

ـ هؤلاء الشهداء الكرام لم يطلبوا دنيا بل ركلوها وتركوها خلفهم، فقد كان فيهم الوزير والمدير والخبير، فيهم من رزقه الله الشركات والسيارات والمال والبنون، ترك كل ذلك طوعاً واختياراً وذهب فيما نحسب خالص النية معقود العزام، مُقبلاً على ميادين الشرف لا ليعتدي على آمنين وأصحاب ملل وإثنيات أخرى أبرياء مسالمين، بل ليواجه ويقاتل أعداء مُحاربين، تعاونوا مع شياطين الإنس من أجل إطفاء نور الله وتدمير وطن وسلب إرادته وثرواته !

ـ أولئك الآلاف الذين لقوا ربهم في مختلف الجبهات والميادين والأحوال منذ ميلاد السودان وحتى يومنا هذا، جميعهم أبناء بلادي وأبناء قبائل وعشائر ومناطق وأسر محترمة تستحق ويستحقون الاحترام، ليس فيهم من هو “مقطوع من شجرة” أو قادم من القمر، بل جميعهم منا وفينا، نتفق معهم فكرياً أو سياسياً لا مشكلة في ذلك، لكن أن يحاول البعض الإساءة لهم والتقليل من شأنهم بل التشكيك حتى في شهادتهم فذلك ليس أكثر من غباء وقصر نظر وعدم أخلاق .

ـ “الإنقاذ” لم تقم يوماً بحذف اسم شهيد من مؤسسة وجدتها تحمل اسمه، بل أنشأت عدداً كبيراَ من المؤسسات والصروح والجسور والطرق وأسمتها بما اختارته، حتى الجامعات والكليات والأكاديميات فقد خلّدت بهم أسماء قيادات وطنية سامقة ومحترمة مثل المهدي والهادي والأزهري ونميري والمك نمر وغيرهم، تعامل البشير وصحبه بأفق واسع ونظرة أبعد وأعمق، فالنوايا والمصائر عند الله وهو أعلم بالذين استشهدوا حقاً وصدقاً في سبيله .

ـ كان العشم – ولا يزال – أن تبني “قحت” صروحاً اقتصادية وتشق طرقاً وتُضاعف الأنفاق والجسور وتبني الداخليات والمجمعات وتسميها بما ترى بلا حرج أو اعتراض، فالشهداء شيخ عبيد ختم بدوي، وعلى عبد الفتاح ومحمد عبد الله خلف الله، وعبد الله عمر بلال، وإبراهيم شمس الدين ويوسف سيد، ووداعة الله إبراهيم، وخالد عبد الله إسماعيل ومعتز عبد الله يوسف، أسماء مضيئة في رحاب الله ومحفورة في أعماق من عرفوا صدقهم وتجردهم ولا يحتاجون لُعاعات دنيانا !

ـ هلا خلا الدكتور عبد الله حمدوك لنفسه، وحَسَبَ بهدوء حجم الخسائر الجسيمة جراء مثل هذه القرارات ذات الطابع السياسي والانتقامي والتي لا تقدم ولا تؤخر على صعيد الواقع المُعاش؟ هلا أحصى عدد الذين يُغضبهم ويُؤذيهم ويخسرهم عند المضي حقاً عند “إهانة” اسم شهيد مثل شيخ علي عبد الفتاح، بمن فيهم شركاؤه من أبناء القوات المسلحة الذين يعرفون تماماً قدر ودور أولئك الشهداء ؟! من هذا الضَّحل الذي يقف وراء طباخة هكذا قرارات؟!

ـ د. عبد اللطيف سعيد كتب قصيدة أسماها “مولانا عبيد” تحدث فيها عن شيخ عبيد حافظ القرآن وأحد مؤسسي مسجد جامعة الخرطوم، مما جاء فيها : “كُلُّنا يمشي وئيد، كلُّنا يطلبُ صيد، إلا مولانا عُبيد. عاش في الدنيا شهيداً، ولقد مات شهيد، صادق اللهجة، كان كالغفاري حديد، لا يُماري، لا يُداري، كان كالصخر العنيد، همه القرآن يتلوه بتأويه مديد، يخدُم القرآن كالعبدِ، وما عبدٌ عُبيد، قد بنى المسجد في معقل غردون العتيد، أشبه الأحباب بالأصحاب كان عُبيد .

ـ جمعة مباركة .

الرقم 0912392489 مخصص لرسائلكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى