حقائق صادمة

 

الإنقاذ انتهت ولن تعود مرة أخرى حتى صُنّاعها وحُماتها من أهل الشوكة والتضحيات الكبيرة أيقنوا بتلك الحقيقة، فالسياسة ليست مكابرة وركوب رأس، ولكنها الواقعية في التعاطي مع الراهن بعقل مفتوح وقراءة الملعب السياسي بعيداً عن العواطف والانغلاق.

الشباب الذين ثاروا في وجه النظام السابق لم يثوروا من أجل أحزاب لتحكم نيابة عنهم، ولا من أجل الانتقام  فقط  من الإسلاميين، ولكنهم  ثاروا  رفضاً للظلم  والضيم  والقهر  ومصادرة  حق  التعبير.

وكانت  ثورة  ١٩ ديسمبر  تمثل  مرحلة  جديدة  من تاريخ  السودان  الحديث،  ضحى  شباب  السودان  من أجل التغيير،  دماء  سالت  وأرواح  عزيزة  صعدت  لرب  السماء  محفوفة  بدعوات  الملايين  للثأر  من  أزهق  أرواحهم، تلك  هي  حقائق  الواقع.

حافظت  الثورة  على وهجها  ومسارها  رغم  عثرات  الحكومة  الانتقالية  وانصرافها  عن مهامها  الكبيرة  إلى قضايا  ثانوية  لا علاقة  لها  بالقضايا  التي  دفعت  الشباب  للثورة على النظام  السابق.

الحركة  الإسلامية  وحزب  المؤتمر الوطني  مطالبان  بقراءة  الساحة  جيدًا، وإجراء  مراجعة  حقيقية  وصادقة  مع النفس  والشعب ودراسة عميقة  وصادقة  للأسباب  التي  جعلت  أجيالاً بأكملها  تقف  في خط  المواجهة  مع الإسلاميين، ولماذا  كل  هذه  الكراهية  في  النفوس  وشيطنة  كل  إسلامي  ودمغه  بالفساد  والإفساد  وانتهاك  الحقوق  وقتل  الأبرياء..  و.. و.. جملة  من  المخازي.

لن تعود  التيارات  الإسلامية  إلى الساحة  شعبياً  في القريب  العاجل، إذا  ما تمادت  في محاولة  القفز عالياً  فوق  القضايا  الجوهرية التي  تشغل  اهتمامات  الشباب  التي  ليس  من بينها  مطلقاً  العودة  للنظام  السابق  الذي  انتهى  لفشل  تام  في  ملفات  السلام  والاقتصاد  والحريات.

ما شهدته  مدن  الخرطوم  والأبيض  وعطبرة  يوم  الخميس  الماضي  من تظاهرات  شعبية  كبيرة  بمناسبة  مرور  عام  على اندلاع  الثورة، يؤكد  على أن الشباب  السوداني  رغم  إحباطه  من بؤس  أداء  حكومة  الدكتور  عبد الله حمدوك  وفشلها  في تحقيق  أهدافها،  إلا  أن الشباب  متمسك  بثورته  وشعاراتها  سلام  ــ حرية  وعدالة.

في ذات  الوقت  يتمسك  الشباب  بالقصاص  لشهداء  الثورة  ومثل  هذه  القضايا  العادلة  إذا  وقفت التيارات  الإسلامية  في مواجهتها  ستصبح  خارج  التاريخ  والحاضر  والمستقبل.

وقفة  مع الشرعية 

وقفت  أمس  أقلام  الصحافة السودانية مع مشروعية  الاتحاد  العام  للصحافيين الذي  تعرض  للحل  بقانون وضعته  الحكومة  على عجل  وبليل  لقمع  النقابات  والاتحادات  المهنية  باعتبارها  أجساماً  غير  موالية  للتحالف  الحاكم  (قحت)، وكل  من لا يؤمن  بميثاق  “قحت” في  السودان  بات  غير  مرغوب  فيه،  وأشهرت الحكومة  سيوف  العزل  والإقصاء  وقطع  أعناق  النقابات، وإلغاء  وجودها  والاتجاه  لتعيين  موظفين  حكوميين  وناشطين  سياسيين  بدلاً  من النقابات  المعترف  بمشروعيتها  دولياً وإقليمياً، وقفت القاعدة  الصحافية  أمس  مع الاتحاد  الذي  يقوده  الأستاذ  الصادق  الرزيقي،  وهو  وقوف  مع الشرعية  ومع الحق  في وجه  باطل  السلطة  وزيفها،  أمس  كشفت  الوقفة  الاحتجاجية  عن معادن  الرجال،  وهم  يواجهون  تعسف  السلطات،  وكشفت  عن وجوه  الموالين  لسلطة  “قحت”  والطامعين  في خير  يأتيهم  منها،  وما هي  بآتية  بخيرٍ لهذا  الوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى