إلى “حمدوك”.. المسار قبل الأداء!

 

  • قبل شهور، وعلى شاشتيْ قناة “الحرة” الأمريكية، وقناة “الرواد” الإماراتية، بذلتُ الكثير من الأمنيات، ونثرتُ الكثير من التفاؤل على حكومة حمدوك ومسارها الانتقالي، ومما قلته صراحة إن حالة من الإجماع على الرجل غير مسبوقة تؤهله لمسار جديد .. فقد حاز رضا النظام السابق ومناصريه بترشيحهم له وزيراً للمالية، وكذلك رضا النظام الحالي ومناصريه بتعيينهم له رئيساً للوزراء. وقد كان من المأمول ولا زال أن يستثمر حمدوك هذا الرضا الممتد للعبور بالبلاد في مرحلتها الانتقالية إلى بر آمن ومستقر ولكن!
  • بعد انقضاء شهور من عمر حكومة حمدوك، وعطفاً على خبرٍ راج في الإعلام عن جلوس الرجل لتقييم أداء مسير حكومته أجد نفسي غير متفائل، إن لم يكتب الرجل في كراسة التقييم الملاحظات التالية:
  • الملاحظة الأولى: المطلوب الآن تصحيح مسار لا تقييم أداء .. فقد عشتم في شهوركم الماضية حالة متاهة عن المسار لا ضعف أداء فحسب! وباعث المتاهة الأجندة السياسية المتضاربة، ونجاح بعض القوى السياسية الموتورة والموترة للبلاد في امتطاء الحكومة لتحقيق أجندة انتقامية باسم الثورة؛ مما جعل جهد وزراء الحكومة ينصرف للفصل والتشريد، مع انتهاج نهج تمكين لفصيل بعينه حتى داخل قوى الحرية والتغيير. والمطلوب الآن إيقاف هذه المجازر الإدارية ووضع الأجندة الوطنية لا الحزبية موضع النظر والتفكير إلى حين قيام الانتخابات فهي الكفيلة في ترجيح كفة الميزان لصالح هذا أو ذاك.
  • الملاحظة الثانية: تحتاج حكومة السيد حمدوك لوضع أهداف واضحة ومُتّفق عليها لا حيدة عنها، وهي أهداف لا علاقة لها بالفيسبوك وصراخه اليومي. فمن يتتبع أداء الحكومة سيكتشف أنها تُدار من الوسائط الاجتماعية، وعلى رضاها وسخطها يتمحور عمل ونظر الوزير واهتمامه.
  • الملاحظة الثالثة: يحتاج حمدوك في مراجعات المسار قبل الأداء إلى النظر في مسألة التشريعات، والسؤال عن اختصاص حكومته في فترتها الانتقالية في إلغاء بعضها وترك بعضها، لا سيما مما يتصل بقضايا حساسة تتصل بهوية الأمة وقيمها، فلقد مسّ وزراء حمدوك قضايا مختلفاً عليها، وبذلوا فيها وعوداً، وهي ليست من مهام حكومة الانتقال، مما يؤكد الشك بأن هناك عملاً مقصوداً لاستغلال الفترة الانتقالية لحسم قضايا ظلّت موضع خلاف فكري وعقدي، وقد تم التمهيد لذلك بتعيين مختلف عليهم في موضع حساس ومُزعِج، والمثل القريب د. القراي في إدارة المناهج. والسؤال المحير: لماذا أردتم يا سيد حمدوك دخول هذا المعترك القاتل إذا كنت فعلاً تريد إجماعاً وطنياً يُسهم في صناعة التحوّل الديمقراطي؟
  • الملاحظة الرابعة: إن استخدام القانون كواحدة من أدوات العقاب السياسي أمر مشين ومخجل في عهد يدعو للعدالة، فالبلاغات العشوائية، ومحاكمة الناس في الميديا بنثر التهم هنا وهناك يجعل من ساحات العدالة والإعلام أدوات لناشطين سياسيين.. وأي مسبة يمكن أن ينالها عهد العدالة والحرية والسلام أكثر من هذا؟!.

 

  • ورسالتي للسيد حمدوك في مجلس المراجعات والتراجعات تقول بأن فترته على كرسي الوزارة ستنتهي طال الزمن أو قصر، وستبقى في صحائفه ما يتم الآن، فإن كان كما قال بأنه جاء لكل السودانيين ممن ينتمي لـ”قحت” أو لغيرها فعليه أن يترجم ذلك عملياً أمام الناس، وإن كان عاجزاً عن بلوغ هذه الغاية النبيلة فيلزمه أن يقول ذلك للشعب السوداني صراحة، ثم فليستأذن في الانصراف؛ فهذا أقل ما يفعله رجل يحترم تاريخه ومسيرته العملية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى