الأوقاف السودانية.. ضياع الأموال والمنافع.. (2)

ولاية الخرطوم: نُدير 50% فقط من الأوقاف المسجلة

مستشفى (الزيتونة) قام على بيت (جالوص) إيجاره سبعة جنيهات

(كيشو) أوقف فندقه للهلال وللمريخ وأندية خرطومية

مصدر: الحكومة استولت على أوقاف مثل قاعة الصداقة وحديقة الحيوان وشارع النيل

في الحلقة الأولى من التحقيق استمعنا إلى إفادات من وزير سابق للأوقاف والإرشاد، كما نشرنا جانباً من مذكرة هامة سلمها الأمين العام لهيئة الأوقاف العامة إلى الوزير الحالي نصر الدين مفرح.

 وفي هذا الجزء من التحقيق نتعرف على رؤية هيئة الأوقاف ولاية الخرطوم والتي تردد أنها تشرف على أكثر من 90% من الأوقاف السودانية .

وتأتي أهمية الاستماع إلى رؤيتها نسبة للاتهامات الكثيرة التي طالت أوقاف ولاية الخرطوم فيما يتعلق بالتعدي على شرط الواقف وصراعها مع هيئة الأوقاف الاتحادية وتأجيرها للأوقاف بأجور زهيدة.

النظار

حيث قال لـ(الصيحة) المدير المالي والإداري بهيئة أوقاف ولاية الخرطوم أسامة بشير، إن نصف الأوقاف المحصورة في ولاية الخرطوم لا تديرها الهيئة، بل يديرها النظار حسب شروط الوقف، وأضاف أن قيمة الإيجارات تثحدّد عبر لجنة مختصة وفق إيجار المثل. وقال:  قد تكون هنالك إيجارات بقيمة ضعيفة لكنها لا تقع ضمن مسؤولياتهم.

وأشار إلى أنهم زادوا الإيجارات العام الماضي لأكثر من 300%، وأنهم دخلوا في نزاعات قانونية بسبب ذلك،

وأوضح إن إيرادات الإيجارات محددة حسب شروط الوقف وقانون الهيئة حدد نسبة 10% من إيرادات الأوقاف لصالح الهيئة، وهي لا تكفي لتسيير العمل، مؤكدًا أن الدولة لم تدفع فلسًا واحداً للهيئة، وأن أي تجاوز لهذه النسبة يتم رصده عبر المراجع العام .

مكامن الفساد

وحول فساد الأوقاف بولاية الخرطوم، تحدث مصدر ـ فضل حجب اسمه لـ (الصيحة) بقوله: هنالك حديث كثير عن فساد الأوقاف، وكنا نتمنى أن يتم تحديد مكامن الفساد خاصة، وأن المراجع العام لأكثر من سبع سنوات ظل يراجعها ولم يذكر مطلقاً أن هنالك فساداً في هيئة الأوقاف بولاية الخرطوم.

 مضيفاً أن الأوقاف تدار بنظار ومجالس أمناء حسب نص الإرشاد الشرعي الذي  يصدر من الواقف مالك العين حسب اهتمامه، وينحصر عمل هيئة الأوقاف بالخرطوم على تنفيذ الشروط والعمل على تطوير الوقف لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة.

وأشار إلى أن قانون الأوقاف الحالي غير مواكب، ويحتاج إلى تعديل وأن الأوقاف قامت مؤخراً بإدخال وقف النقود وقد ساهم مساهمة اجتماعية فاعلة.

وقف الزيتونة

وحول وقف الزيتونة، أوضح المدير المالي والإداري لأوقاف ولاية الخرطوم أسامة بشير، أن مستشفى الزيتونة قامت على بيت جالوص كانت فيه غرفتان (خلف خلاف) ومؤجر بسبعة جنيهات والبيت عبارة عن وقف إلى معهد سكينة ومسجد، وبعد تشاور الأوقاف مع النظارة كانت الرؤية العمل على تطويره لتحقيق فائدة أكبر, وتم استثماره لتحسين ريعه ومن ثم نقل الملكية  بالتناقص إلى الأوقاف، مضيفاً إنه تم إبرام عقد مع البروفيسور مامون حميدة بصيغة الإيجارة التمويلية، والأوقاف هي الجهة الوحيدة التي اتبعت هذا النظام، وتعتبر صاحبة السبق في هذه الصيغة، والآن إيجاره بمبلغ مائتي ألف جنيه يدفع منها مامون حميدة مائة ألف جنيه إيجاراً للأوقاف ومائة ألف تخصم لصالح قيمة البناء الذي تم وقتها بمبلغ خمسة ملايين دولار نحو 13 مليار جنيه، وفي خلال عشر سنوات سيصبح كل المبنى لصالح أوقاف ولاية الخرطوم. وأضاف أن مثل هذا العمل ما كان ليتم لولا وجود شخص له الرغبة في عمل الخير، لأن مامون حميدة كان بإمكانه شراء قطعة أرض بأي ثمن وبنائها لصالح المستشفى..

مشيراً إلى أن للمبنى قيمة كبيرة للأوقاف، وما تم في مبنى الزيتونة تم في مستشفى آسيا، وهذا العمل يديره مجلس الأمناء، والناظر الخاص مقدم على الناظر العام (هيئة الأوقاف ولاية الخرطوم)، في القانون وفي الشريعة.

لا وارث لها

وفي سؤال حول وجود كثير من العقارات والأراضي بولاية الخرطوم لا مالك لها (لا وارث لها) أكد أمين عام سابق لأوقاف ولاية الخرطوم  لـ (الصيحة) وجودها إلا أنه أشار إلى أنها تقع ضمن مسؤولية القضائية.

 مبيناً أن معظمها من أملاك أقباط ويهود، وقال إن عملاً مشتركاً قد تم بين القضائية وأوقاف ولاية الخرطوم تبيّن فيه وجود أكثر من 25 عقاراً لا وارث لها، وإنهم حاولوا ضمها للأوقاف بناء على قانون الأوقاف، إلا أنهم اصطدموا بوجود قانون آخر يجعل تبعيتها للقضاء، وقال: من تلك الأراضي قطعة أرض مثلث جوار إدارة المرور وفي منطقة سان جيمس، وقال إنها من أملاك القبطي (ماناس) حسب شهادة بحثها.

وقال إنهم سعوا لضم تلك الأراضي والعقارات التي بلا وارث إلى ولاية الخرطوم حيث ينص قانون الأوقاف على ذلك،  ثم العمل لإعادتها لصاحبها متى ما ظهر إلا أنهم فشلوا في ضمها لوجود تعارض في القوانين..

 وذكر أنهم وصلوا في سبيل ضمها للأوقاف إلى رئيس القضاء، وكان الرأي أنه لابد أولًا من إزالة تعارض القوانين.

مشيراً إلى وجود أراضٍ أخرى في الولايات لا وارث لها مبيناً أن الصحيح أن تتم الاستفادة من تلك الأراضي لصالح أعمال البر لا تركها مهملة كما يحدث الآن.

الطرق السالب

وقال مسؤول بأوقاف ولاية الخرطوم، إن الطرق السالب على الأوقاف أدى إلى تشويه صورتها وأعاق العمل، والأوقاف تتأثر بالأخبار السالبة.

وحول عدد الواقفين بولاية الخرطوم، قال: هم كثيرون ونجد أن شخصاً واحداً له أكثر من عشرة أوقاف، وهنالك أوقاف بالقانون كالاستثمارات التي تتم بالمساجد، ولا نعرف من هو الواقف الحكومة أم غيرها.

وأشار إلى وجود أوقاف بالمدارس العامة كمدرسة الشيخ مصطفى الأمين والتي تطورت بسبب الوقف لتصبح أربع مدارس.

وقال إن الأوقاف هي أقرب لأن تكون مؤسسة أهلية وشؤون أفراد، والدولة هي منظمة فقط، وشروط الوقف معروفة للمستفيدين، ولهذا قاموا باتباع نظام مالي  يستجيب لرغبات وشروط الوقف يجعلهم على إحاطة كاملة بوقفهم وريعه .

تعديل القانون

وقال المدير المالي والإداري لأوقاف ولاية الخرطوم، إن الأوقاف كما ذكر وزير الإرشاد والأوقاف يمكن أن تكون  ميزانيتها أكبر من وزارة المالية الاتحادية، إذا كان هنالك فهم متقدم للوقف والعمل على تنميته واستثماره، مشيراً إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بعد  تعديل قانون الوقف، لأن من فقه الوقف أنه لابد من استثمار آمن وذي جدوى وعائد مستمر.

وللإجابة على ادعاء البعض بأن بعض الأوقاف مثل وقف زينب بنت بيلا محددة بأجل، قال إن الأصل في الوقف التأبيد، ولكن مؤخراً ظهرت بعض الأوقاف محددة بأجل كالذي يوقف سيارته لنقل طلاب مثلًا في فترة محددة، ثم تعود إليه بعد نهاية الفترة، مشيراً إلى أنه وقف مهم ويحقق فائدة كبيرة للمستفيدين منه.

لا ننفيه ولا نثبته

 ورد المدير الإداري والمالي لأوقاف ولاية الخرطوم أسامة بشير  عن أوقاف بت بيلا والحديث عن امتلاكها لعقارات أخرى كثيرة بولاية الخرطوم، بقوله: هذا الحديث لا ننفيه ولا نثبته، ولكن الثابت عندنا أن لها وقفاً هو مقر هيئة الأوقاف الحالي بالخرطوم ومنزل آخر موقوف لأحد المصريين، وذلك مثبت عبر الإشهاد الشرعي الذي استخرجته في حياتها، وقال إن زينب بت بيلا هي شخصية رأسمالية كانت مشهورة، وعملت مع الإنجليز وكانت تسكن في الحي البريطاني، ولكننا لا نملك معلومات كثيرة عنها، ولم نتحصل على صورة لها، وقال إن كل من يدعي أنها قريبته عليه بالحضور لنا، وأضاف أن الشائع أن أي منزل متهالك ومهمل يقولون إنه وقف لفلان، ونحن في بحث مستمر للأوقاف ونستخرج شهادة البحث لأجل التأكد، وفي بحثنا مع المحاكم والتسجيلات لم نجد لها وقفاً غير الذي ذكرته لك، مشيرًا إلى وجود صك وقفها للمصري موجود  بالأوقاف، وبت بيلا كما سمعنا أنها كانت من اوائل الذين امتلكوا سيارات في السودان هي والسيد علي الميرغني والسيد عبد الرحمن المهدي وربما تملك أراضي وعقارات أخرى لأنها كانت رأسمالية لكنها لم توقفها.

مضيفاً:  أيضاً يتحدث البعض عن أن منطقة المريديان تابعة لشخص اسمه  فرج، ونحن كما قلت لك  في بحث مستمر، وإذا وجدنا وقفاً ما  نبحث عن الإشهاد الشرعي له، وقد كونا لجنة مشتركة مع التسجيلات وهو عمل مضنٍّ، وكل من يدعي أن هنالك وقفاً عليه أن يحضر للأوقافاً وسوف نقدم له كل العون، وبالبحث يمكن الوصول إلى معلومات، والفيصل هو الإشهاد الشرعي والحق أحق أن يتبع، ونبعث رسالة لكل من يدعي أن له حقاً ليصل إلينا وإذا عرفنا رقم أي قطعة يمكن البحث عنها .

قصة وقف فندق كيشو

 وتحدث عن أبرز الواقفين بالخرطوم، وقال: هم عبد العزيز شروني، وعبد المنعم محمد (أمير المحسنين) وبكار أحمد أبو زيد والشنقيطي، ومصطفى محروس الذي أوقف  فندق داما، وذكر أنه سيشرف على الفندق في حياته وحين يتوفى تشرف عليه الأوقاف.

 وذكر المدير المالي والإداري معلومة مهمة عن وقف فندق كيشو في شارع الحرية (فندق السفير)، وقال إن واقفه هو مصطفى كمال راشد المشهور بكيشو الهلالي المعروف والرياضي الأصيل، ولقد  أوقفه  للهلال وللمريخ مصطفى كمال ولثلاثة أندية في الخرطوم كاشفاً أن  ميز المريخ تم بناؤه من أموال وقفه .

حديقة الحيوان وقاعة الصداقة

من جهة أخرى تحدث مصدر مطلع عن أوقاف ولاية الخرطوم، فقال إن هنالك مشكلات في أوقاف موقف شروني، مبيناً أن الحكومة تعدت على كثير من الأوقاف كقاعة الصداقة وحديقة الحيوان، وعلى كثير من الأوقاف على شارع النيل، وأوضح أن شرط الوقف لا يمكن التعدي عليه، وأن أموال الأوقاف هي أموال الله، وحينما يوقف شخص ما عقاراً له لا يستطيع بعد ذلك إعادته من جديد.

في الجزء الثالث من التحقيق

صراعات وشُبهات وخلافات

من هي زينب بت بيلا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى