الحل في الحل!!

 

طبقاً لتسريبات قوى الحرية والتغيير، ومطالبة بعض قادتها والاجتماعات التي فُرِض عليها تعتيمٌ إعلاميٌّ كامل للمجلس السيادي ومجلس الوزراء وممثلين لقوى الحرية والتغيير، وشروط خليجية وُضِعت على طاولة الحكومة الانتقالية، بات قرار حل المؤتمر الوطني الذي أسقطته الانتفاضة الشعبية من السلطة مسألة وقت لا أكثر..

ورغم أن المؤتمر الوطني عملياً الآن خامل من أي نشاط، ولم يفق بعد من صدمة السقوط باستثناء تغريدات لرئيسه المكلف بروفيسور إبراهيم غندور في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الظهور الخجول لقادته في المنابر واللقاءات، فإن المؤتمر الوطني لم يعُد له نشاط في العلن ولا في دهاليز الصمت، ولكنه رغم ذلك يشكل حضوراً يومياً في مخيلة الذين أسقطوه وهم يشعرون بخطورته شاخصةً أمامهم..

ويسعى بعض شركاء قوى الحرية من القوى الإقليمية والدولية لإقصاء الإسلاميين جميعاً من الساحة السياسية، ونفيهم من الوجود بالزج بهم في السجون والمعتقلات من غير مسوغات قانونية تبرر ذلك خوفاً من عودتهم للساحة مرة أخرى، وتعطيل مشروع (علمنة) الدولة وتغريب وجهتها والعودة إلى ما كانت عليه قبل إعلان الرئيس الأسبق جعفر نميري..

قرار حل المؤتمر الوطني ومصادرة دوره وإغقصائه من الساحة السياسية يعيد بلادنا لستينات القرن الماضي، حينما أصدرت حكومة منتخبة قراراً بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان استناداً لوقائع أحداث طلابية كفّر على أثرها الحزب الشيوعي، وفتحت تلك الواقعة أبواب الانقلاب على النظام الديمقراطي، وتسلل النميري جهراً للقصر ممتطياً حصان الحزب الشيوعي..

ساسة السودان ونخبه لا يتعلمون من دروس الأمس، ولا يقرأون الساحة بعقل يميز الأشياء.. والتيار الاسلامي الذي يمثل المؤتمر الوطني جزء منه يستحيل إقصاءه من الوجود.. واستقرار التجربة وديمومة الديمقراطية.. وعدد كبير من الإسلاميين يعتبرون حل المؤتمر الوطني ومصادرة أملاكه وحظر نشاطه والتضييق عليه من شأنه توحيد التيار الإسلامي العريض وعبور صخور الخلافات التي مزقت أحشاء الإسلاميين منذ جبهة الميثاق وحتى تجربة المؤتمر الوطني. وإذا كانت السلطة ونعيمها قد قسّم الإسلاميين لأكثر من سبعة فصائل وجماعات وتشرذم حتى المؤتمر الوطني إلى وطني، شعبي، ثم تناسلت منه أحزاب مثل الإصلاح الآن، وحزب منبر السلام، وحزب العدالة بشقيه، وأخيراً انشقاق د. أمين حسن عمر، والسعي لتأسيس حزب جديد باسم المستقبل، فإن الخطوة التي يُنتظَر أن تُقدِم عليها الحكومة ستُسدِي خدمةً كبيرةً لكل الإسلاميين بشعورهم بالخطر الداهم، وضرورة توحّدهم في كيان جديد، إما مُعلن أو كيان سري تحت الأرض..

فهل من مصلحة السودان كبلد لا قوى الحرية والتغيير أن يصبح كل الإسلاميين تحت الأرض ينخرطون في نشاط سري غير معلن ويخوضون مواجهة مع الحكومة.. أم يقرر في مصيرهم الشعب من خلال انتخابات حرة وديمقراطية يخوضها تحالف قوى الحرية والتغيير ككتلة واحدة على طريقة تحالف دائرة الصحافة جبرة لإقصاء الاسلاميين عبر وسائل ديمقراطية ومشروعة؟؟

إذا اختارت قوى الحرية الحلول السهلة وأصغت لشروط الخارج.. وظنت أنها قادرة على إقصاء تيار وطني عريض مثل الإسلاميين من الساحة وبيعهم في أسواق الخليج نظير الدقيق والجازولين، فإنها ستحصد خسائر فادحة وتُعيد البلاد مرة أخرى للصراعات والعنف، وهم أول الخاسرين لو كانوا يعلمون، فهل يعتقد أهل “قحت” أن الحل في الحل بما في ذلك الإمام الصادق الذي يتمشدق بالديمقراطية مثل الشفيع خضر؟؟

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى