من “أم حفراً مكان” الى “أم طرقاً عراض”..!!

محمد علي التوم من الله

× قديماً كان الناس وبالذات السودانيون, يسمون المناطق والبلدان تسميات “بيئية” أو بما اشتهرت به من مظاهر غالبة. فكان يقال لبعض المناطق البعيدة: “أم طرقاً عراض” و”سقط لقط” فأم طرقاً عراض لعلها في أدغال أفريقيا أو أمريكا الجنوبية في الأمازون، فالغابات هناك تتميز نباتاتها بكبر حجم الأوراق العريضة أما “سقط لقط” فواضح أنها أوروبا, و”السقط” كما هو معلوم البرد القارس, ولقط نطلقه بمعنى “ضرب ضربة قوية”..!

× وواضح ذلك أيضاً في تسمياتنا المحلية فنجد “مثلاً” أبوعشر وأبوحراز و”أم دوم”.. الخ وإذا استمر الحال في شأن شوارع عاصمتنا القومية الخرطوم من كثرة وكبر حجم حفرها سواء المسفلتة أو غيرها، فإن الصفة الغالبة تلك قد تتحول إلى اسم بديل للخرطوم فتصبح “أم حفراً مكان” – بضم الميم – فهي كل يوم في ازدياد واتساع!!

× ولعلكم تذكرون أن بعض القرى والمناطق في السودان قد غلبت عليها أسماء سالبة, فتم تغيير تلك الأسماء إلى أسماء إيجابية بواسطة لجان صدرت قرارات حكومية بتفويضها بتسميات تتناسب مع مكانتها الحقيقية.. حتى البشر تجد أن الصفة المميزة تقفز إلى الاسم وتحجب الاسم الرسمي..

× وفي عهد الإنقاذ في أواخر أيامها أطلق بعض المسئولين مشروعاً بشعار “زيرو حفر”، وما كانوا يدرون أن الفساد الذي هيمن على مرافق الدولة حتى أحال شوارعها الرئيسية منها والأخرى إلى “حفر مكان” سيحيل النظام برمته إلى “زيرو إنقاذ”..!!

× فالوضع الاقتصادي حينما ينهار تكثر فيه “الحفر”, حفر في المعايش وحفر في التعليم وفي العلاج والصحة والخدمة المدنية حتى في الجوانب الأمنية، فلا نكاد ننام ليلاً  إلا ويحفر لك “الحرامية”، وقد تعاني من حفر في مكان عملك، فهنالك من يحفرون لك حفراً يصير لها الولدان شيباً. والحفر التي تجدها في الأسواق هي “أمكن” من حفر الشوارع. ففي كل يوم أنت واقع لا محالة في حفر الأسعار حتى أننا أصبحنا نعاني كثيراً من “زلطات” في الكيعان والركب..

× أما حفر الشوارع لو أجرى الباحثون عليها دراسة حول أضرارها الاقتصادية في الاسبيرات والحوادث لعرفوا أن “أم حفر” ما عادت صالحة كي يقال لها عاصمة..

× كان قديماً مشهد الصيانة والترقيع للشوارع المسفلتة يدل على مدى اهتمام الجهات المسؤولة حتى في الشوارع التي لم تكن تحظى بإضاءة كافية فنجد لمبات حمراء تحذر شاغلي الطريق بأن الطريق تحت الصيانة..

× لو عممنا مثل تلك اللمبات على شوارع اليوم لاحتجنا بكل تأكيد إلى آلاف اللمبات الحمراء ولكن العزاء أن شاغلي الطريق خصوصاً الذين اعتادوا عليه حفظوا تلك الحفر, بل إنه يخيل إليك أن السائق لو دقس لتصرفت العربة لوحدها وتفادت الحفرة من كثرة ما طال انتظار أمد الصيانة التي نحسب أنه ليست هنالك مبشرات قريبة.. والله المستعان..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى