الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة عميد ركن د. عامر محمد الحسن لـ(الصيحة):

القوات المسلحة راضية تماماً عن دورها بعد (6) أبريل

لهذه (…) الأسباب سنستمر في المشاركة في حرب “اليمن”

قواتنا  جاهزة للرد على أي اعتداءات  من حركة عبد الواحد

موسى هلال وآخرون ارتكبوا جناية لا يصلح النظر فيها إلا عسكرياً

استيعاب مجاهدي الدفاع الشعبي بالقوات المسلحة يتم وفق شروط التجنيد

الشعب السوداني لا زال رهانه على أن (الجيش) هو صمام أمانه

حوار: أم سلمة العشا

تصوير: محمد نور محكر

“الحذر والحيطة والحكمة”، عناصر تعاملت بها القوات المسلحة، من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في كافة أنحاء السودان، نتيجة ما شهده أواخر ديسمبر من عام 2018، من تحديات وصعاب، راهن الشعب عليها في إحداث ما تم من تغيير، بالوقوف إلى جانبه باعتبار أنها “حصن حامٍ وحارث لها، ومدافع عنها”، فاحتمى بها ووثق في قدرتها على كل ما حدث، إمتحان عسير، واجهه السودانيون، في تلك الفترة، أعقبته احتجاجات شعبية سلمية، نتيجة موجة غلاء طاحنة وتردي أوضاع اقتصادية، تحولت إلى مطلب شعبي أساسي لإسقاط الرئيس السابق عمر البشير ونظامه في أبريل الماضي، تغيرت بموجبه مجريات الأمور بصورة عامة، ما دفع القوات المسلحة للتعامل بحكمة متناهية، اقتضتها المرحلة، تفادياً لانفلات الأمن.

 ولمعرفة دهاليز تفاصيل ذلك (الصيحة) جلست إلى الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد الدكتور ركن عامر محمد الحسن، وطُفنا معه حول موقف مشاركة السودان في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وترتيبات أوضاع مجاهدي الدفاع الشعبي، وقرار وقف إطلاق النار، وأوضاع قوات الدعم السريع، وغيرها من الأحداث، فإلى إفاداته.

*بداية السيد العميد، صاحبت التغيرات التي حدثت في السودان، تحديات كبيرة، كيف استطاعت القوات المسلحة التعامل معها وتجاوزها؟

– التحديات كانت كبيرة أثناء الثورة الشعبية، ومثلت نقطة تحول كبيرة، بموجبه تغيرت كثير من مجريات الأمور في السودان، وبالتأكيد القوات المسلحة إحدى المؤسسات الوطنية وقد مرت بأوقات عصيبة، امتحنت فيها من قبل الشعب السوداني، الذي احتمى بها ووثق في قدرتها على حراسة تطلعاته في التغيير، ولم تخيّب، ظنه، كما تحملت قيادتها ومنسوبوها الكثير من الأعباء الجسام، ممثل في الحضور المستمر في مختلف الأماكن حفاظاً على الأمن وتأمين تجمعات المواطنين، ومنع الانفلات، وأبقت هذه المؤسسة العريقة على تماسكها ووحدتها لما لها  من طبيعة تميزت بها من انضباط عالٍ ومهنية وحرفية والتفاف حول القيادات، استطاعت بها العبور من تبعات تبلور الثورة السودانية، والنجاح في الامتحان بامتياز، كما أن للقوات المسلحة دوراً لا تخطئه العين، ولن يتجاوزه التاريخ، فقد سجلت دعماً قوياً في التوازن المطلوب حفاظاً على وحدتها العسكرية، وتماسك البلاد، ومنع انفراط عقد الأمن، ودعم شعارات المواطنين في تطلعاتهم للحرية والعدل والسلام، وهذا الدور لا ينفصل عن كل من أسهم وقدم أعمالاً لإنجاح التحول الذي تنعم به البلاد في وضعها الحالي.

*لا شك أنه في الفترة الماضية تأثرت البلاد بمجريات الأحداث التي شهدتها الساحة السودانية، صف لنا الوضع الأمني بالبلاد؟

– الوضع الأمني في البلاد، من وجهة نظر ومهام القوات المسلحة مطمئن تماماً، فالحدود السودانية آمنة ومستقرة بحمد الله مع كافة دول الجوار، عدا ما يعلمه الجميع من عمليات أمن داخلي تقوم بها القوات المسلحة من ضبط لعمليات تهريب السلع ومكافحة تهريب البشر، غير الشرعية، وتجارة ممنوعات، هذا الدور إضافي للقوات المسلحة، يساهم في استقرار الجبهة الداخلية.

*وماذا بشأن مناطق التماس؟

– مناطق التماس يسودها الهدوء من كل الجبهات والاتجاهات الإستراتيجية، عدا المناوشات التي تقوم بها حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور، تجاه مواقع القوات المسلحة في قطاع جبل مرة، وقد حذرنا من استمرار هذه الأعمال حتى يحافظ الجميع على قرار وقف إطلاق النار، تمهيداً للوصول لسلام دائم في السودان.

* تحدثت عن مناوشات تقوم بها حركة عبد الواحد نور، ما هو تأثير الحركات المسلحة في دارفور؟

– كل الحركات المسلحة، التزمت تماماً بوقف إطلاق النار المعلن والمؤيد من جانبها، عدا عبد الواحد نور، فهو رافض وممانع حتى هذه اللحظة للتواضع والنزول لرغبة الشعب التي نادى بها عند قيادته للتغيير في البلاد، والذي قامت عليه مواثيق الفترة الانتقالية، هذه المناوشات في قطاع محدود ببعض مناطق بجبل مرة، عدا ذلك كل دارفور آمنة وهادئة.

* كثر الحديث عن وضعية قوات الدعم السريع، ماذا بشأنها.. وهل سيتم دمجها داخل القوات المسلحة؟

– قوات الدعم السريع أصلاً مدمجة في القوات المسلحة، وهناك من يعمل بعلم وبدون علم، أو لغرض ما يحاول أن يصور أن هذه القوات لا علاقة لها بالقوات المسلحة، وهذا غير صحيح، وقوات الدعم السريع منشأة خرجت من قوات حرس الحدود، التي كانت تعمل معها جنباً إلى جنب، ضمن منسوبي، القوات المسلحة، وفق طبيعة تنظيم خاصة، ثم رأت قيادة القوات المسلحة تسميتها بهذا الإاسم الجديد(قوات الدعم السريع) بجهازية وتنظيم خاصيين للقيام بتنفيذ مهام القوات المسلحة، كما أن هذه القوات خضعت للتدريب والإعداد وما زالت بكوادر وتحت إشراف المؤسسات التعليمية بالقوات المسلحة، المختلفة، بجانب أنها تبعت مباشرة لنظرة اعتبارية تراها قيادة القوات المسلحة، للسيد القائد العام، وهي تؤدي دورها وأعمالها وفقاً لما تريد وتخطط له القوات المسلحة، كما أنها تقوم حالياً بأدوار كبيرة، في تحقيق الأمن بجانب القوات الأخرى وخدمة المجتمع.

* تغييرات كثيرة طرأت على الساحة السودانية، عقب 6 أبريل وسقوط البشير، ما هو تقييمك لما حدث في تلك الفترة؟

بعد حدوث التغيير الذي ظل ينشده الشعب السوداني، القوات المسلحة راضية تماماً عن دورها تأميناً وأداءً خلال الفترة بعد السادس من أبريل، فالمهنية والاحترافية كانت حاضرة في ممارسة الواجبات المختلفة لتأمين البلاد في كافة ربوع السودان،  كما أن السودان في تلك اللحظات هو ليس الخرطوم فقط، فانتشار القوات والتزام منسوبيها، بالمهام التي كلفت بها دون خروقات نسبة لما كان يسود الوضع من هشاشة، كل ذلك يعتبر محمدة تحسب للقوات المسلحة، بجانب الأدوار الخاصة بتأمين المواطنين أثناء تظاهراتهم بالقوات المسلحة، والقوات الأخرى، فهي قيمة إضافية تحسب لإنجازات القوات المسلحة، لما تميزت به في التعامل مع المواطنين بحلم وصبر قابلت به كثيراً من حالات الاستفزاز من قبل البعض أثناء فترة الاعتصام، والغليان في الشارع العام، وهذه طبيعة الثورات ودربة وخبرة القوات المسلحة الكبيرة تجاه مواقف تراكمية عرفت عبرها كيفية تصريف الأمور.

* تجري حالياً محاكمة عسكرية لزعيم قبيلة المحاميد موسى هلال، كانت هنالك توجيهات صادرة عبر بيان من قبل القوات المسلحة تتعلق بمنع النشر في المحاكمة، ما هي الدوافع والمسببات وراء ذلك؟

– دوافع المنع هي بالتأكيد الحفاظ على مبدأ العدالة، ومن ثم منع تداول المحكمة باعتبارها حقاً حصرياً خاصاً، والمحكمة أمرت بسريتها، كما أن موسى هلال ومن يحاكم معه من أفراد بالقوات المسلحة ارتكبوا جناية وأخطاء لا يصلح النظر فيها إلا عبر المحاكمة العادلة، والأطر العسكرية، شأنهم شأن غيرهم من العسكريين، فالمسألة تتعلق بإزهاق أرواح، وسلب وتدمير مركبات ومعدات خاصة بالدولة.

* الاحتفال بذكرى (21) أُكتوبر لاحظ الشعب السوداني بكل أطيافه انتشاراً كثيفاً للقوات المسلحة على وجه الخصوص ما هي التدابير التي اتخذت لهذه الخطوة؟

– القوات المسلحة السودانية قوات مهنية واحترافية، عشقها العسكرية، انضباطاً وأداءً وممارسةً، كما أنها بعيدة كل البعد عن أن تكون طرفاً في المزايدات السياسية، أو يتقوى بها طرف دون الآخر في ظل عهد الثورة والأجواء الديمقراطية الحالية، لهذا عندما أعلنت بعض القوى توجهها في مسيرة (21) أكتوبر للقيادة العامة للجيش، تم اتخاذ تدابير احترازية تمثلت في إغلاق طريق الطابية، وفقاً لتوجيهات قيادة القوات المسلحة، وذلك للاعتقاد التام أن المؤسسات السيادية والتنفيذية هي الأولى بتسيير المسيرات والمواكب، بجانب اتخاذ الإجراءات القانونية والحضارية المطلوبة، لتحقيق الممارسة الديمقراطية الراشدة.

* من خلال ما تم ذكره هل هنالك خطط لتطوير القوات المسلحة؟

– خطط التطوير مستمرة ولم يتم إيقافها في القوات المسلحة، وتمت خلال هذه الفترة كثير من المؤشرات التي تبشر بخير كثير للقوات، من خلال انفراج وتوسع العلاقات الخارجية مع الدول عبر التبادل العسكري، والبرتكولات العسكرية، والتعاقدات المختلفة، بجانب تطوير مجالات الإعداد والمعدات والتدريب واستخدام التقنيات الحديثة في مجال العمليات براً وجواً وبحراً، كما أن الخطط طموحة ترتبط بمدى الانتعاش الاقتصادي بالسودان مستقبلاً.

* دار نقاش مستفيض حول التزام القوات المسلحة تجاه ما يسمى بالتحالف العربي، ومشاركة الجيش السوداني في حرب إعادة الشرعية باليمن، كيف ترون ذلك؟

– التزام السودان تجاه مشاركته في اليمن، لا يزال قائماً كما أن إرادة الدول المكونة للتحالف والتي من بينها السودان ترى أن إعادة الشرعية في اليمن تتطلب الوجود والانفتاح العسكري، فالقوات المسلحة شاركت في التحالف وفقاً لبرتكول مشترك مع الدول العربية التي تدعم الشرعية في اليمن، ولذلك ستستمر القوات المسلحة في المشاركة ما لم يتغير الموقف حسب تقييم الآليات المكلفة في الميدان، بجانب اتخاذ قرار على المستوى الإستراتيجي، في هذه الدول وفقاً للتحالف المشترك بإعادة الانتشار للقوات سواء كان تعزيزاً أو سحباً.

*مدى استمرارية الاتفاقيات والبرتكولات السابقة مع جيوش الدول الآخرى هل سيتم تعطيلها، أم ماذا بشأنها؟

كل الاتفاقيات والبرتكولات التي تمت مع الدول الشقيقة والصديقة مستمرة حسب التوقيتات المنظمة لها، بجانب تطلعنا لمزيد من العلاقات مع دول الجوار.

* صدر مرسوم دستوري لوقف إطلاق النار كالتزام من القيادة العامة للجيش، إلا أن هناك بعض الخروقات من قبل حركة عبد الواحد محمد نور، ما هي التدابير التي اتخذت تجاه ذلك الخرق؟

– القوات المسلحة عبرت مراراً وتكراراً عن التزامها التام بوقف إطلق النار، باعتباره أول خطوات تحقيق السلام كمطلب شعبي أساسي، وتحرص على تنفيذه بالكامل وتؤكد عليه قيادة القوات المسلحة، لجميع التشكيلات المنفتحة بالسودان، إلا أن عدم التزام حركة عبد الواحد محمد نور أخل بوقف إطلاق النار، وذلك لترصدها مواقع القوات المسلحة في قطاع جبل مرة بصورة متكررة، وهذا الأمر غير مقبول شعبياً وعسكرياً في ظل العمل على تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق السلام، ومن هذا المنطلق ندعو حركة عبد الواحد رغم مواقفها المختلفة الرافضة بالالتزام كحد أدنى بوقف إطلاق النار حتى لا يتضرر المواطن، وفي حال عدم التزامها بالقرار المؤيد من قبل جميع الحركات المسلحة تؤكد القوات المسلحة جاهزيتها بقوة لرد الاعتداءات على قواتها حال اضطرت.

* تردد حديث عن وضعية مجاهدي الدفاع الشعبي، تناولته وسائل الإعلام وبعض الصحف، ما الذي يجري بشأن ترتيب أوضاعهم في المرحلة القادمة؟

– مجاهدو الدفاع الشعبي يعملون ضمن خطط الانفتاح وفقاً لعمل تطوعي اختياري، من قبل مجاهدين ويتم اعتماد عداد محدد ومرصود للعمل في بعض المواقع باعتبار أن بعضهم  مستنفرون، والبقية غير مستنفرين، كما أنه لا توجد التزامات تجاههم، بينما يعامل المستنفرون منهم بالمواقع كمعاملة منسوبي القوات المسلحة، وفقاً لشروط الخدمة التطوعية للمجاهدين حسب قانون الدفاع الشعبي، بينما المصابون والمفقودون والشهداء تكمل إجراءاتهم وفقاً لقانون القوات المسلحة واللوائح المنظمة، لكامل الحقوق والاستحقاقات شأنهم شأن بقية كل أفراد القوات المسلحة، وقد صدرت توجيهات عليا بناء على قرارات المجلس العسكري الانتقالي السابق، بشأن الدفاع الشعبي وتنظيم عمله، بأن يتم عرض التجنيد رسمياً بالقوات المسلحة للمجاهدين، لمن يرغب فيه، حتى يكون الالتزام مكتملاً تجاههم باعتبار أنهم أفراد بالقوات المسلحة، تم تكوين لجنة تعمل في توفيق أوضاع مجاهدي الدفاع الشعبي، حيث حُسم الملف بأنهم أفراد بالقوات المسلحة، إلا من أبى، خاصة المستنفرين منهم، وأن يتم استيعابهم حسب شروط التجنيد بالقوات المسلحة.

* كثرت الشائعات منها ما يرد في وسائل التواصل الاجتماعي، والقوات المسلحة ليست بمعزل عن بقية المؤسسات التي أصابتها لعنة تلك الشائعات، كيف تم التعامل معها؟

– وسائل التواصل الاجتماعي صارت واجهات إعلامية سريعة النشر للأخبار أياً كانت صحتها، يتم تناولها للحديث والكتابة عنها،  كما أنها تحمل الغث والسمين يراعي الروح الوطنية والهم العام، كما أن هناك ما يهدم الوطن ويعلي من المصلحة الشخصية والحزبية والتوجهات السياسية، المعادية، لهذا شهدت القوات المسلحة هجوماً من بعض الوسائل دون مراعاة للتضحيات الجسام التي قامت بها القوات قديماً وحديثاً، وإزاء هذا الموقف رسمت القوات المسلحة خططاً لمقابلة الاستهداف المنظم أحياناً، لدحض الشائعات والدعاية السالبة عبر الآليات الإعلامية المختلفة، بما فيها الإلكترونية، بجانب اتخاذ الإجراءات القانونية، وفقاً للقانون ضد أصحاب الغلو والتطرف تجاه القوات المسلحة، إيماناً بأن العهد الحالي عهد سيادة حكم القانون.

* العلاقة بين القوات المسلحة والشعب السوداني، كيف تنظرون إليها؟

– العلاقة في أحسن حالاتها، والشعب السوداني ما زالت رهاناته على أن القوات المسلحة هي صمام أمانه، حفاظاً على الاستقرار والأمن في جميع الأراضي السودانية، بجانب أنها مؤسسة عريقة ذات تقاليد راسخة في خدمة الشعب والأغلبية الصامتة عندما تشتد الخطوب والمحن سلماً وحرباً، فالقوات المسلحة خرجت من رحم الشعب، وستظل خادمة له لينعم بالاطمئنان والعيش الكريم، وستبذل التضحيات لتظل راية السودان عالية خفاقة بين الأمم.

*هل هناك أدوار وأنشطة اجتماعية للقوات المسلحة تجاه المواطن قامت بها خلال فترة الأزمات التي يعانيها؟

– دور واضح للقوات المسلحة، في مناحٍ عديدة، على مستوى التواصل مع المواطنين في أفراحهم وأتراحهم، بجانب العمل على إرساء ثقافة السلام عبر فعاليات ومناشط ثقافية اجتماعية، فضلاً عن مشاركة القوات بوحداتها المتخصصة في درء آثار الكوارث والسيول والأمطار وفيضان النيل، بجانب الأدوار التي تقوم بها قوات الدعم السريع في كثير من المناشط المجتمعية وخدمة المجتمع.

*كلمة في حق القوات المسلحة؟

– ستظل القوات المسلحة قوية منيعة وحارساً أميناً لتراب الوطن ومواطنيه وموارده، ليتفرغ الجميع لمرحلة التعمير والنهضة بما يحقق تطلعات أبناء الوطن جميعاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى