سيداو.. بين القبول والرفض

محمد علي الجزولي: “قحت” لا تستطيع تغيير القوانين.. والانتقالية محددة الأهداف

أبوبكر عبد الرازق: من عيوب سيداو أنها تمنع التحفظ

شيخ الدين شدو: أول مرة في العالم أسمع بنساء يعارضن سيداو

دكتور التجاني مصطفى: من يعارضون سيداو هم الذين صادروا حقوقها 

كان المركز العالمي بقيادة بروفيسور محمد عثمان محمد صالح  أول من شن هجوماً على سيداو، رافضاً إياها جملة وتفصيلاً، ولكن في حوار سابق أجريته معه لصحيفة (مصادر) قالت وزيرة الرعاية والضمان الإجتماعي في النظام السابق مشاعر الدولب إن (سيداو) ليست كلها شيطانية، ومن ثم خطت مشاعر مع غيرها من عضوات الاتحاد النسائي العالمي بالسودان خطوات حثيثة للمصادقة عليها (مع التحفظ)  على ما يخالف الشريعة الإسلامية أسوة بالدول الإسلامية التي سبقتها في الموافقة . 

الآن تسربت تصريحات لوزيرة الرعاية  والتنمية الاجتماعية بحكومة الفترة الانتقالية لينا الشيخ، حيث ذكرت المصادر أنها قالت في أحد المجالس الخاصة إنها ستعمل على إقناع السودان بالتوقيع على  اتفاقية (سيداو) ، بل أن حديث المجالس الخاصة أصبح علنياً مما أفرز حديثاً عن مليونية نسائية، السؤال الذي يطرح نفسه، هل تصادق وتوقع الحكومة على الاتفاقية بإبداء بعض التحفظات أم إنها ستوافق عليها جميعاً وهو أمر لم تفعله حتى دول كفرنسا والصين والبرازيل وكوريا الشمالية والهند وسلفادور؟

الخرطوم: هويدا حمزة 

ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتُمِد في سان فرنسيسكو في العام 1945 هو أول معاهدة دولية تشير بعبارات محددة، إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق. وإيماناً من  المنظمة الدولية بهذه المساواة، فقد بدأت منذ وقت مبكر أنشطتها للقضاء على التمييز ضد المرأة، فأنشأت لجنة مركز المرأة في العام 1946 لمراقبة أوضاع المرأة ونشر حقوقها. 

وبعد شيوع مبدأ المساواة في العالم وفق ما نصت عليه الشرعية الدولية لحقوق الإنسان التي تتمثل في (ميثاق الأمم المتحدة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية)، توالت القرارات الدولية لتحسين أوضاع المرأة ونشر حقوقها، حيث اعتُمِدَت في العام 1952 اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة، وفي العام 1957 اتفاقية جنسية المرأة؛ وبعدهما اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج للعام 1962. وعقدت بعد ذلك العديد من المؤتمرات الدولية للمرأة، إلى أن ولدت  اتفاقية خاصة بالمرأة هي (سيداو) التي أُقِرَّت عام 1979، ودخلت حيِّز التنفيذ عام 1981، وهي كما عرفوها تعني (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة).

بتحفظ

الدول العربية كلها وافقت على اتفاقية سيداو عدا السودان والصومال، إلا أن تلك الدول العربية تحفظت على بعض المواد باعتبارها مخالفة  للعقيدة والسياسات الداخلية لديها فبعض بنودها تخالف مرجعيات الشريعة الإسلامية، فقد تحدثت مصر عن جملة من التحفظات خاصة المتعلقة بالمادة (16) وهي التي تتعلق  بشئون الزواج والأسرة حفاظاً على العلاقات الزوجية في مصر .

جيب معاك كفنك

رئيس حزب دولة القانون والتنمية دكتور محمد على الجزولي في حديث سابق  قال للصيحة أن قحت تريد تعديل القوانين المتعلقة بالأسرة والمتعلقة بالمواريث وغير ذلك، فإذا قرأت البرنامج الإسعافي للمرحلة الانتقالية ففيه كثير من الأمور التي لا علاقة لها بمرحلة الانتقال فالمرحلة الانتقالية لديها 4 برامج فقط هي تحقيق السلام الشامل، توفير احتياجات الناس ومعالجة الأزمات الاقتصادية، سن  القوانين ذات الصلة بعملية الانتخابات، وإجراء الانتخابات، وغير ذلك فليس لقحت أن تحذف أو تضيف شولة على القوانين السارية سوى المتعلقة بالانتخابات، وهذه أيضاً لا تضعها لوحدها وإنما بشراكة مع القوى السياسية الأخرى التي ستشارك في الانتخابات. ثم بعث الجزولي رسالة للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى بأن يوقفوا ما سماها بـ(العبث والاستفزاز)، ثم رسالة أخرى لشباب السودان الغيور (جيب معاك كفنك يا أنت يا دينك).

    قحت لا تستطيع                                                                                                                                                                              

    القانوني والقيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق قال إن  قحت لا تستطيع أن تصادق أو توقع على الاتفاقية وأن من يستطيع التوقيع هو البرهان، والذي يريد أن يوقع على سيداو ينبغي أن يحدث شورى عامة.

 وعاب أبوبكر على سيداو أن نصوصها عامة، وهي تتدخل فيما لا يتدخل فيه القانون مثل تحديد النسل ومنح المرأة الحق في التصرف في جسدها وغيرها من الأشياء التي تحكمها العلاقات الزوجية، كما عاب أبو بكر على سيداو أنها تمنع التحفظ، وطالب في حديث للصيحة بالنظر في نتائج تجارب الدول الإسلامية التي وقعت على الاتفاقية، ومن ثم اتخاذ قرار بالمصادقة والتوقيع أو العدم. 

 لم يقرأوها!                                                                                 

أما خبير القانون الدولي بروفيسور شيخ الدين شدو، فقد  استغرب الدعوة للمسيرة المزمع قيامها بالتزامن مع إعداد هذه الورقة  لـ(الصيحة) أمام وزارة العدل والتي تقودها أمانة المرأة وشئون الطفل للملتقى السابع للمرأة النقابية وتمثل 78 نقابة اتحادية وولائية، صاحبات المسيرة أو المليونية هاجمن بشدة اتفاقية سيداو ومعبث استغراب شدو أن من بينهن قانونيات، وقال إن من هاجموها  لم يقرأوا الاتفاقية ويتشبثون بأفكار غير واقعية وفيها نوع من المبالغة ويعتقدون أنها تدعو للفجور والفسوق ومخالفة أحكام الشريعة الإسلامية! 

يقول شدو إن هذا  كلاماً غير منظقي ولا قانوني، ولا ينم عن أنهم اطلعوا على اتفاقية سيداو. ويضيف (هي اتفاقية مرنة وتتضمن بنداً يسمح للشعوب بوضع التحفظات على بعض بنودها مع مراعاة العقائد والتقاليد والعادات للشعوب المختلفة.

 وقد استفادت المملكة العربية السعودية من هذا البند ووقعت على اتفاقية سيداو إلى جانب 189 دولة في العالم كلها دول إسلامية مثل فلسطين والجزائر والأردن الجامعة العربية، تحتوي على 22 عضواً وقع على هذه الاتفاقية الأغلبية منهم، وكذلك الاتحاد الأفريقي يضم 53 دولة وقعوا عليها ما عدا السودان، وبهذا تكون هذه الاتفاقية قد دخلت حيز التنفيذ دولياً). وهذا لا يعني أن نصادق ونوقع على  الاتفاقية على علاتها، فهناك بعض التحفظات في سيداو وهي محل نقاش فيه اختلاف كبير عند الفقهاء، مثلاً المادة 16 منه عقد الزواج والولاية، اختلاف الفقهاء يفتح الباب واسعاً للاجتهاد، ونحن بصدد متى تكون المساواة ظالمة أو مجحفة، ففي بعض الحالات تأخذ المرأة أقل من الرجل في الميراث وهي ممارسة موجودة أما النفقة التي يتحدثون عنها فهي النفقة التي تستحقها المرأة وهي استحقاقات أسرية منها حق التعليم والعمل والقاعدة الأساسية هي أن الأصل المساواة بين الرجل والمرأة وبذلك اصطدمت الاتفاقية بقوانين البوذية واليهودية والإسلام والمسيحية والأعراف الشعوبية في أكثر بلدان العالم من الناحية التطبيقية رغم توقيع الدول عليها والتحفظ على  بعض بنود الاتفاقية.

 تنص المادة 2 من سيداو (يجب على الدول الموقعة إبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة ومن ثوابتها أن تقوم على أساس ديني وهذه مخالفة واضحة للشريعة الإسلامية، وبمقتضى  هذه الاتفاقية تصبح جميع الأحكام الشرعية باطلة (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء 65 

أما المادة 16 فهي أكثر المواد خطورة في الاتفاقية وهي تمثل حزمة من المخالفات الشرعية ومن تلك المخالفات إلغاء الولاية أو الوصاية، وذلك من باب التساوي حتى ولو كان الزوج كافراً! أيضاً منعت الاتفاقية تعدد الزوجات كما  ألغت العدة بعد الطلاق أو وفاة الزوج وشرعاً لا يمكن، فإذا تزوجت المرأة في هذه الفترة وحملت فلمن يكون الطفل، أيضاً ألغت الاتفاقية القوامة (الرجال قوامون على النساء )5 ورفعت سن الزواج من 18 إلى 21 باعتبار أنها ستكون عاقلة والسيدة عائشة تزوجت وعمرها تسع سنوات، أيضاً أعطت الاتفاقية  المرأة حق التصرف في جسدها بالتحكم في الإنجاب عبر تحديد النسل والإجهاض وربنا قال (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم)، كما أن تحديد النوع الذي أقرته الاتفاقية حرام، وقيدت الاتفاقية حق الزوج في معاشرة زوجته إذا لم تكن راضية واعتبرته اغتصاباً زوجياً وعقوبته السجن والغرامة، وهذا لا يوجد عندنا بل تعتبر المرأة ناشزاً وتجب عليها الطاعة  (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) .

خط أحمر

إذن ما هو الحل في ظل هذه الملاحظات؟ طالما يقول شدو طالما أن دول التعاون الإسلامي والجامعة العربية  وقعت لأن الاتفاقية أعطت حق التحفظات، لأن هنالك اتفاقاً عاماً على أن المواثيق الدولية والاتفاقيات الدولية التي تتعارض مع الأديان السماوية  فمن حق الدولة أن تضع تحفظات في المواد التي تمس العقيدة ولنوقع على الاتفاقية ما عدا الأشياء المنزلة من السماء، فلماذا لا نوقع ونضع خطاً أحمر  بدلاً عن الوقفة الاحتجاجية، وبهذا نكون خرجنا من المأزق.

سنعيد لها حقوقها 

الاتفاقية كانت مثار نقاشات طويلة بين القوى الوطنية التقدمية وبين القوى الدينية التي ترى أنها فيها خروج  على الدين والتقاليد والأعراف حسب القيادي بقوى الحرية والتغيير دكتور التجاني مصطفى الذي قال للصيحة :(نحن نرى أنها تعطي المرأة حقوقها التي حرمت منها لسنوات طويلة والموافقة  ليس فيه خروج مع الأخذ في الاعتبار أن الجوانب المتعلقة بتقاليد وأعراف المجمتع، ولكن من يعارضونها يحاولون تشويه قحت والذين كانوا ضد سيداو في النظام السابق هم ضد حرية المرأة وهم الذين صادروا حقوقها ونحن نحاول استرداد تلك الحقوق).

وقال التجاني: (من حيث المبدأ  نحن ضد محاولة تركيز السلطات في شخص واحد، ويجب على رأس السلطة أن يبارك تلك القرارات وإلا سيكون ضد تيار الثورة، أما إعطاء الحق لأي مؤسسة حتى لو رئيس الجمهورية أن يتخذ قراراً بمفرده فسيشكل هزيمة لفكرة الديموقراطية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى