مواصلات الخرطوم… أزمة أعْيَت ( المداوينا)

غرفة النقل ونقابة الحافلات تتبادلان الاتهامات

النقل: نقابة الحافلات وإدارة النقل أصل الأزمة  

النقابة أصبحت مؤسسة جبايات فقط ولا تقدم أي خدمات

تجزئة الخطوط تقف وراءها النقابة وإدارة النقل لزيادة إيراداتها  

الأمين العام: النقابة تتحصل 300 مليون جنيه يومياً من 380 موقفاً

النقابة: لا علاقة لنا بالأزمة ولن تُحَل ما لم تُعدّل التعرفة 

عرض: أم بلة النور

حركة النقل والمواصلات أسندت من قبل المجلس التشريعي لولاية الخرطوم, لغرفة النقل العام، والمواصلات بحسب قانون محلي, وتأسست الغرفة في العام 1971م، إلا أنها لم تقم بمهامها إلا في العام 1997م, لتدخل جهات عليا، وقيام النقابات الفرعية لسائقي الحافلات, والتي أسهمت في فجوة في المركبات العامة, والتي أدت إلى أزمة في المواصلات والتي كانت ولا تزال تؤرق المواطنين الذين يقضون معظم أوقاتهم في انتظارها.

 “الصيحة” تضع يدها على الأسباب الحقيقية لتلك الأزمة في سياق التحقيق التالي. 

تدخلات سياسية

في حديثه  لـ”الصيحة” قال الأمين المالي لغرفة النقل محمد المهدي: ترجع أزمة الموصلات إلى خروج عدد كبير من المركبات من سوق العمل لعدة أسباب أهمها, أن تلك المركبات لا تدار من قبل إصحابها، إلى جانب تدخل جهات مسئولة في هذا القطاع أدخلت فيه أنواعاً من الفساد الإداري والمالي, وأضاف المهدي أن وزارة البنى التحتية هي المسئول الأول عن قطاع المواصلات، إلا أنها أسندته إلى نقابة الحافلات، والتي أصبحت عبارة عن هيئة للجبايات فقط دون تقديم أي خدمات بالمواقف، فضلاً عن فرض رسوم إضافية على أصحاب المركبات، وقال للصيحة إن تجزئة الخطوط هي من قرارات النقابة لزيادة عائداتها، وأنها مدعومة من قبل إدارة النقل بوزارة البنى التحتية والتي تقوم بتعطيل القوانين لصالح النقابة، وقد وصلت إيراداتها إلى مليون و300 ألف جنيه يومياً من 830 موقفاً, وجزم بأن التدخلات السياسية هي أهم الأسباب التي عملت على تدمير قطاع النقل والمواصلات, إلى جانب أسباب أخرى تتعلق بمدخلات التشغيل والتي كانت حكراً على أشخاص بالنظام البائد، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الإسبيرات, مما جعل التكلفة أكبر من العائد, ويرى المهدي أن دخول الحكومة في القطاع كان عليها تمليك البصات للعاملين في هذا المجال, وأرجع فشل الشركة العامة للمواصلات بسبب إدارتها السيئة. 

عرض الحائط

فيما قال نائب رئيس غرفة النقل بولاية الخرطوم عبد الله عبد الفتاح إن الغرفة من مهامها تقديم الخدمات لأصحاب المركبات المسجلين لدى الغرفة ويقومون بدفع الاشتراكات السنوية, بواقع 70% من قيمة الخسائر التي تقع عليهم، مضيفاً أن الغرفة لديها إعفاءات جمركية بحسب القانون, إلا أن إدارة النقل بوزارة البنى التحتية حرمتها من حقوقها القانونية والاستفادة من هذا القانون والذي  لم يطبق خلال الدورتين السابقتين.

 وقال عبد لله إنهم تقدموا بعدد من الشكاوى للجهات العدلية من ضمنها بلاغ لدى المحكمة العليا والتي أصدرت قراراً يلزم وزارة البنى التحتية بالعمل في دائرة اختصاصها فقط, وحكمت لصالح الغرفة بأن أعطتها حق التشغيل وتنظيم عمل المركبات داخل المواقف, إلا أن إدارة النقل تجاوزت هذا القرار وأصدرت لائحة اعتبرها نائب الأمين العام لغرفة النقل غير قانونية، وأرجع ذلك إلى أنها لم تُجز من قبل الجهات المختصة, ولا تستند إلى أي سند قانوني وقد تضرّر أصحاب المركبات من هذه اللائحة التي تخوّل لإدارة النقل والنقابة بتحصيل أموال طائلة تقدر بـ 30 مليوناً في الشهر، وهي مخصصة لتأهيل المركبات إلا أنها لا تذهب إلى موقعها الصحيح, مضيفاً أن تماطل إدارة النقل في تنفيذ القانون سبب الأزمة الحالية للمواصلات د, وتنبأ بأنها سوف تستمر إن لم يتم تصحيح الوضع الحالي. 

كما تقدمت الغرفة بشكوى للمجلس التشريعي لولاية الخرطوم والذي ألزم إدارة النقل بإيقاف ما تقوم به من مخالفات، إلا أنها ضربت به عرض الحائط, فضلاً عن شكوى لوزير البنى التحتية آنذاك الدكتور خالد والذي قام باستدعاء مدير إدارة النقل دون أن تكون هناك قرارات ملموسة, إلى جانب تدوين بلاغ لدى المدعي العام تحت المواد 102 و178 و180 ولكن دون جدوى مع وجود 20 بلاغاً لدى الجهات العدلية ولم تحرك ساكناً. 

لوائح وقوانين 

وبحسب لائحة تنظيم عمل القائمين بخدمات العمل بولاية الخرطوم تعديل 2015م والذي أسند عمليات نقل الركاب وتنظيمها إلى غرفة النقل تحت إشراف إدارة النقل بوزارة البنى التحتية, كما وجه رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم بضرورة تنفيذ ما جاء بالتوصيات مع مواءمتها مع الاستشارة القانونية, كما صدر قرار نهائي من نيابة الأموال العامة بإيقاف التحصيل داخل المواقف، وتتم مخاطبة نقابة الحافلات بذلك كما تتم مخاطبة كافة الجهات ذات الصلة. 

فوضى مفتعلة

فيما أكد أمين عام غرفة النقل سهل أحمد البشير أن القانون صدر في العام 1992م قانون أصحاب العمل تعديل 1994م  والذي ألزم أصحاب المركبات بأن يكونوا أعضاء بالغرفة ودفع اشتراكات سنوية تحددها الغرفة حسب اللائحة.

 وقال إن الفوضى التي تحدث الآن خلفها نقابة سائقي الحافلات الذين تغولوا على المواقف ويقومون باستقطاع 120 جنيهاً يومياً من كل حافلة أي بما يعادل 3600 شهرياً, مضيفاً أن هذه الرسوم هي في الأصل رسوم تشغيل، وتعود إلى أصحاب المركبات في شكل خدمات بتأهيلها وتأهيل المواقف, إلا أن هذه الرسوم تذهب إلى النقابة دون أن يكون لها مردود فعلي على القطاع، مما أدى إلى خروج أكثر من 30 ألف مركبة عن العمل لعدم توفر الخدمات. 

وأضاف سهل أن الغرفة حاولت الدخول للمواقف لاسترداد سلطتها إلا أن الأجهزة الأمنية منعتهم من الدخول، وقامت بمصادرة كافة المستندات والقرارات العدلية التي حصلت عليها الغرفة, واتهم المحليات بتأجير المواقف مما يعطل عمليات دخول وخروج المركبات, موضحاً أن الحكومة الجديدة قامت بتكوين غرفة لمعالجة أزمة المواصلات إلا أن الأعضاء هم السبب الأساسي في أزمة المواصلات منذ عدة سنوات. 

دولة عميقة

واتفق جميع المتحدثين للصيحة على أن إدارة النقل والمواصلات بوزارة البني التحتية هي السبب الأساسي في أزمة المواصلات مضيفين، أن صلاح محمد عبد الله مدير الإدارة يعتبر من الدولة العميقة حيث يعمل مديراً لها منذ أكثر من 20 عاماً, وأصبح يدخل عناصر ليست لها علاقة بقطاع النقل, ويعمل على تمكين نقابة سائقي الحافلات للسيطرة على المواقف. 

قامت “الصيحة” بالاتصال على مدير إدارة النقل بوزارة البنى التحتية, صلاح محمد عبد الله، والذي ضرب لنا موعداً عند التاسعة صباحاً إلا أننا لم نجده في ذلك التوقيت، واعتذر للصحيفة بأنه في جولة مع والي ولاية الخرطوم، وقالت السكرتارية إنه سوف يحدد لنا موعداً آخر إلا أنها لم تحدده حتى كتابة هذه السطور.

نفي وتخوف

وقال الأمين العام لنقابة الحافلات للصيحة إن تجزئة الخطوط سببها الحكومة، وتتخوف من مواجهة المشكلة، ولا علاقة للنقابة بها، وهذه الأزمة لا يمكن حلها في حال استمرار التعرفة غير المجزية ولم يحدث تغيير فيها منذ العام 2016، ولا تستطيع النقابة السيطرة على المواقف، لأنها أصبحت مستباحة من الفريشين الذين لا يتركون مجالاً لوقوف العربات، بالتالي (تشحن العربات من خارج الموقف)، وبذلك تكون خارج سيطرة النقابة.

ضعف التعرفة

وتجزئة الخطوط سببها الأساسي ضعف التعرفة التي أصبحت غير مجزية في ظل ارتفاع تكلفة التشغيل وخير مثال لذلك فقد ارتفع سعر جالون الزيت من 45 إلى 1050 جنيه، وزيت الفرامل من جنيهين إلى 70 جنيهاً وعمرة الماكينة من 6 إلى 70 ألفاً وقس على ذلك، إضافة إلى ذلك خروج عدد كبير من الأسطول الناقل بسبب الأعطال التي يصعب على مالكي العربات إصلاحها لارتفاع تكلفة الصيانة وأسعار الإسبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى