حالة مَرضَية طارئة !

أحياناً عندما تنتصر فئةٌ في معركةٍ ما، تنتابها حالة من النشوى والتضخم والهياج وغياب العقل ، يَكبرُ فيها رأسها وتنتفخُ أوداجها وتتوهمُ أنها قد بلغت الجبال طولا! والحقيقة أنها كسبت معركة لكن لا تزال الحرب طويلة، وأمامها معارك في ميادين مختلفة وتوقيتات مختلفة ومُعطيات مختلفة ! عندما تسيطر وتسود هذه الحالة المرضية الطارئة، فإن ذلك مُقدمة لتصرفات بلهاء وخطوات حمقاء وقرارات خرقاء تضر بمصالح تلك الفئة أكثر مما تفعل بخصومها .

الواقع المُعاش يقول أن تغييرًا سياسياً شاملًا حدث في البلاد، ذهب السيد الرئيس البشير وذهب نظامه وأصبحا جزءاً من الماضي، رئيس سابق ونظام سابق، جاءت حكومة جديدة يسندها تنظيم سياسي جديد هو قوى الحرية والتغيير “قحت” بكافة مكوناتها، ويُفترض أنها حكومة كفاءات جاءت بمواصفات الشباب الثائر وتعبر في تشكيلها وفي خطواتها وقراراتها عن طموحاتهم وأحلامهم وليس عن أهداف وأجندات حزب عجوز سرق الثورة في جُنح الدُّجى !

ثمة عدة أسئلة تفرض نفسها؟ هل فعلاً عبّرت حكومة د. حمدوك عن الشباب الذين كانوا عماد الثورة ووقودها؟ هل كان من أهداف الشباب إفراغ المناهج الدراسية من المحتوى الديني بكل مشتملاته وإحلال مضامين الثقافة العلمانية والضلال الجمهوري مكانه؟ هل كان من أهدافهم التشكيك في المذاهب الأربعة أو دعوة اليهود للعودة للسودان أو الانسلال من الجسم العربي إلى الجسم الإفريقي؟ هل طالب الشباب بالتخلي عن البسملة في خطابات السيد رئيس الوزراء؟ عن مَن إذن تُعبِّر هذه الأفعال والتصرفات؟!

وإذا كانت الثورة قد سُرقت من أصحابها، فهل تُسترد بالمواكب والمليونيات والوقفات الاحتجاجية؟ ثم لماذا هذا العُنف ضد الخصوم؟ ما ذنب الجامعات وطلابها الذين يرغبون وترغب أسرهم في استئناف الدراسة وعدم إضاعة عام دراسي عليهم؟ ثم ، ألا نُدرك جميعاً أن العنف لا يولد إلا عنفاً مضاداً ؟ وأن سلاح المواكب والاعتصامات والمَتْرسة يمكن للآخرين أيضاً استخدامه وبصورة أقوى وأشمل؟ من المستفيد من العنف والفوضى ومُناخ اللا قانون؟

الوطن على مفترق الطرق، البنك الدولي اشترط حتى يدعم! وواشنطن اشترطت حتى ترفع اسم بلادنا من قائمة إرهابها! والدعم السلعي السعودي الإماراتي على وشك النفاد! واتفاق السلام الشامل لا يزال بعيداً رغم جهود السيد حميدتي! والحكومة منشغلة بالإحلال والإبدال في المواقع بمنهج سياسي مُجافٍ أحياناً لمعايير الكفاءة! واقع الأزمات وتراجع الخدمات لا يخفى على أحد! هل نُضيف على كل ذلك ممارسة العنف وتوسيع دائرة الفوضى؟

حتى متى تُسيطر هذه الحالة المرضية المُدمِّرة ؟ متى ننتبه أنه لا قيمة لهذا الصراع العقيم والمعارك الانصرافية ؟!

خارج الإطار: القارئ صاحب الرقم “0116361008” يقول إن مجالس الشباب باتت تفور وتمور وتتحدث بوضوح عن سرقة ثورتهم وأنهم كشباب قادرون على تصحيح المسار، ويتساءل ذات القارئ: ماذا نتوقع من حكومة يزور رئيس وزرائها قبر جون قرنق أثناء زيارته للجنوب ولا يزور قبر المصطفى “صلى الله عليه وسلم” عند زيارته للسعودية؟

القارئ صاحب الرقم “0966658358” يقول غن الجامعات يُفترض أن تكون للدراسة والمعرفة فقط وليس لأركان النقاش حتى نضمن استقرار الجامعات وسلامة الأرواح والممتلكات. القارئ عامر إبراهيم حسب الله يتساءل: ما فائدة المسيرات في ظل الأوضاع الراهنة؟ أليس من العقل أن نستفيد من هذه الطاقات ونوظفها فيما ينفع؟

الرقم 0912392489 مخصص للرسائل فقط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى