أحمد الجابري..حتى لا تحجبه سدول النسيان

د. محمد أحمد الإمام

ولد المطرب أحمد الجابري في منتصف عقد الثلاثينات في القرن الماضي بقرية مرزوق المجاورة لقرية الشرفة بولاية الجزيرة شرقي النيل، غير أنه لحق بوالده يافعاً بمدينة القضارف بشرق السودان وذلك بعد ارتياده خلوة مرزوق, وكان والده من مداح الرسول صلوات الله عليه ويعمل مطوفاً لحجيج شرق السودان في موسم الحج، لذا تشبع أحمد الجابري منذ يفاعته بالتراتيل الدينية والنشيد والمدائح مما حببه في الأهازيج والأنغام..

جاء الجابري للخرطوم وهو في ريعان شبابه في أوائل حقبة الخمسينيات لا يحمل زاداً غير موهبة مدهشة في الغناء والتلحين، ويحكي المغني الكبير شرحبيل أنه رافق الجابري في الدخول على لجنة الشعر والغناء وأن اللجنة رفضت إجازة صوتيهما، فقد كانت لجنة النصوص في ذلك الزمان صارمة مكونة من كبار الملحنين والشعراء وأفاد شرحبيل أنهما أجيزا في المرة الثالثة وسرعان ما استطاعا الوقوف في صف المغنين الكبار في ذلك الزمان.. وقد كانت المسيرة الفنية لأحمد الجابري حافلة بالنجاح وغزارة الإنتاج، فقد بلغت أعماله الفنية التي سجلها للإذاعة ما يزيد على المائة عمل، وقد تغنى بأشعار كبار شعراء الأغنية السودانية أمثال مبارك المغربي وأبو قطاطي وعبد الرحمن الريح الذي لحن له بعض أغنياته وأبوآمنة حامد وعوض جبريل وإسحق الحلنقي والصادق الياس، ومصطفى عبد الرحيم وكامل عبد الماجد وسيف الدسوقي وخلافهم..

استطاع الجابري أن يؤسس مدرسة  فنية غنائية قائمة بذاتها فقد اعتمد عند ظهوره كمغنّ على إنتاجه الخاص ولم يردد أغنيات غيره من الذين سبقوه إلا عدداً قليلاً لا يتعدى الأربع من أغنيات حقيبة الفن مثل أغنية يا رشا يا كحيل وأندب حظي أم آمالي، وأهم ما يميز مدرسة الجابري الغنائية التفرد وعدم التقليد كما يميزها محاولة إدخال السلم العربي السباعي في أغنياته توطئة لنشر الغناء السوداني عربياً أو ربما كان ذلك لأن بدايته كانت بالغناء المصري، الذي كان معجباً به ويتابعه في السينما. وقد لحن الجابري كل أغنياته تقريباً إلا عدداً محدوداً لحنه له الشاعر الملحن الكبير عبد الرحمن الريح.

إن الإنتاج الغنائي الذي خلفه الجابري لا يحاط في مقال واحد لكثرته، ولكن على سبيل المثال نذكر: أسمر/ القلب المتيم/ بعد عام/ تولى العام/ حاول مرة/ حبك ملك قلبي/ رحلة نيلية/ شاطئ الغرام/ ضروري أغني/ عاشق/ هجران/ يا نسمة/ ملك الطيور/ هوج الرياح/ حليف الصون/ يارشا/ حكمة والله وحكاية/ ما نسيناك/ الشغل بالي/ البلوم/ انت يا قلبي المتيم/ سيد الاسم/ الجريف واللوبيا/ أخت اللوم/ البستلطفا/ نواعم/ غايب عني/ رسالة شوق/ صباح الحبيب/ الزيارة/ آخر الجزا/ عليك النبي/ ليه كده/ ناسي الحب/ يا دنيا/ آدم وحواء/ رسائل/ ما في حتى رسالة واحدة/ حاول مرة/ صباح الحبيب..

 هذه مجرد قطرات من نهر الجابري الدافق، وهي إضافة كبيرة لفيض الغناء السوداني، وقد رحل الجابري ونسأل الله أن يسكنه الجنان الوافرة التي عرضها السموات والأرض..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى