عاجل إلى وزارة الصحة الخرطوم

مستشفى بحرى ... هل من وجيع؟

مرضى ومرافقون يقضون حاجتهم في العراء

مياه الصرف الصحي تغطي ساحات الانتظار 

إسعافات متهالكة ومرضى تضيق بهم الممرات والنقالات 

نفايات طبية متراكمة تسيل منها الدماء أمام غرفة العمليات

الإدارة: المستشفى يحتاج لإعادة تأهيل والصحة تحتاج لدعم كبير

 

تحقيق وتصوير: هويدا حمزة

 

تعيش المؤسسات الصحية ببلادنا أوضاعاً متدهورة للحد الذي يمكن أن تكون سبباً فى زيادة مرض المريض الذي دخلها مستشفياً، وكذلك إصابة مرافقيه الأصحاء بوباء قد يصعب علاجه بسبب الوضع البيئي الأكثر من سيئ، والانهيار الكامل  للبنية التحتية، فهى تفتقر لأبسط مكونات المؤسسة الصحية من كل الجوانب من ناحية تجهيز وكادر وبيئة، ومستشفى بحرى التعليمى هو أحد تلك المؤسسات غير المؤهلة لاستقبال المرضى، فهي لا تملك صفة من صفات المؤسسات الصحية التي تسهم في علاج المواطنين.

 “الصيحة” كانت في زيارة لها كشفت عن أوضاع مأساوية يعيشها المرضى بداخلها في ظل غياب تام للمسؤولين سواء على المستوى الولائي أو الإدارة بداخلها، ووثقت كاميرا الصحيفة مشاهد تقشعر منها الأبدان..  

في العراء:

الظروف وحدها هي التي تجبر ذوي المرضى لنقل مرضاهم لذلك المستنقع المسمى مجازاً (مستشفى)، ولسنا متحاملين حين أطلقنا عليه مصطلح “مستنقع”، فمياه الصرف الصحي تملأ كل ساحات المستشفى مغطاة بطبقة خضراء من الطحالب في مشهد لا يسر الناظرين، ناهيك عن الروائح النتنة التي تنبعث منها.

  وما يلفت انتباه الداخل للمستشفى، انتشار فضلات المرضى والمرافقين في فنائها الشيء الذى يوحي بانعدام تام لدورات المياه بها ،والحقيقة ليست بعيدة عن ذلك، فالحمامات الموجودة إما متسخة جداً لدرجة أنك لا تستطيع استخدامها أو مغلقة (بالضبة والمفتاح)، لذلك (عادي) جداً أن تشاهد بعضهم وهم يقضون حاجتهم على  مرأى من الناس.

  ولم تسلم من ذلك المغاسل الخارجية، فقد استخدمها المرافقون (مراحيض) بدلاً من استخدامها للوضوء وغسل الأيدي، الشيء الذي يوضح قصور جانب النظافة وتردي البيئة وإهمال الإدارة بالإضافة لسوء الوضع الصحي الذي يمكن ان ينجم عن ذلك من انتقال للعدوى بواسطة الذباب.

محاولة يائسة:

وفي مشهد آخر رصدت الصحيفة تناكر الشفط داخل حرم المستشفى في محاولة بائسة لتخفيف تلك المناظر البشعة التي أصبحت سمة من سمات المستشفى، وهي تشفط كماً هائلاً من مياه الصرف الصحي من تحت بدروم الجناح الخاص، فقد ذكر لي أحد العاملين (ما عارفين ذاتو نوديها وين). 

دلالة الخرد:

العاملون بالمستشفى هم أكثر استياء من المرضى أنفسهم، وقد حاولت التسلل إلى داخل مركز غسيل الكلى (القديم) الذي تتكدس فيه الأوساخ بصورة مزعجة، رغم أن المبنى جيد من حيث الشكل.

صحيح المبنى مهجور، ولكن الأنقاض والقاذورات  والنفايات بداخله تكفي لتلوث مدينة بكاملها ولا أحد يعلم لماذا تم هجر هذا المبنى، ولكن يبدو أنها سياسات الوزير الأسبق كما أفادنا بعضهم.  

شرق المركز المعني يوجد حطام عدد كبير من  الأسرة الناظر لهذا المكان يعتقد أنه فى مخزن أو دلالة لبيع الخرد.

ويقضي مرضى غسيل الكلى أوقاتاً طويلة من الانتظار في عنابر ضيقة أشبه بالممرات وهم على النقالات،  وعددهم كبير في مكان غير جيد التهوية، وبه جهاز تكييف واحد يعمل بكفاءة (زيرو)، فهو يخرج هواء ساخناً كأنما يعبر عن استيائه من الوضع. 

من يسعف الإسعاف؟

أما سيارات الإسعاف التابعة للمستشفى هي نفسها تحتاج لإسعاف فهي غير مجهزة بالشكل المطلوب الذي يسعف أو ينقذ مريضاً في حالة خطرة فوضعها سيئ لدرجة أن بعضها زجاجه مهشم.

دماء سائلة:

أما النفايات الطبية، فهي متكدسة داخل أكياس والدماء تسيل منها أمام غرفة العمليات، بخصوص النفايات فأكياسها تتكدس أمام غرفة العمليات (مرايل، شاش، قطن وحقن).

 أما الماء المسحوب من مرضى الفشل الكلوي بعد الغسيل فيضعونه على حاويات بلاستيكية (جركانات) وسط العنبر الشيء الذي يدفع المرافقين للمرضى بسحبها إلى تحت الأسرة.

إقرار:

المدير العام لمستشفى بحري استشاري العظام دكتور محمد بهاء الدين استنطقته (الصيحة) حول التردي الذي وصل إليه المستشفى فقال مقراً بذلك بأن مستشفى بحري كبير، وبعد تجفيف  مستشفى الخرطوم أصبح يقدم خدمات لكل مدن السودان، وأي مريض يحتاج لغسيل كلى طارئ أو جراحة تجميل أو جراحة أطفال يُحوّل إليه، وبالتالي عليه ضغط كبير ويحتاج لعمل كبير حتى يقابل هذا الضغط العالي، وبالفعل، لدينا مشكلة متجذرة في الصرف الصحي عمرها عشرات السنين، وخاطبنا وزارة الصحة والبنى التحتية وكل الجهات لحلها جذرياً، وتتفاقم المشكلة في الخريف أو الفيضانات حيث يمتلئ البدروم في الجناح الخاص عن آخره والمستشفى كله بالماء، كأنما هنالك نبع، ويومياً نشفط حوالي 15 دوراً، ولكن الماء يعود من جديد، إضافة إلى أن المستشفى قديم وبيئته متدنية جداً، أضف لذلك السلوك البشري غير الحضاري  في استخدام الحمامات وبعض المرافقين يتأففون نن استخدامها ويقضون حاجتهم في العراء، وحتى شركات النظافة لا تقضي أكثر من 5 أيام ثم تنصرف عن المستشفى. خاطبنا الوزارة لصيانة الحمامات، وطلبنا أن تكون هنالك حمامات بلدية لأن البعض لا يعرف كيف يستخدم السايفون وحتى البئر أحياناً نجد فيها فضلات.

في فترة الإضرابات توقّف المستشفى، وفقدنا الدعم المادي ولدينا عدد من الخطابات طلبنا فيها الدعم، والآن عاد المستشفى للعمل بصورة أفضل، وعندما نتحدث عن 18 قسماً موجودة بها كل الجراحات التي تحتاج لخدمات ممتازة فإننا نحتاج لأجهزة  طبية على مستوى الـ18 قسماً.

خارج الخدمة :

بخصوص سيارات الإسعاف فكلها خارج ، وتحتاج لصيانة عن طريق الوزارة، وقبل يوم واحد من تاريخ حديثي هذا تعطلت عربة الشفط، والآن تحت الصيانة

صراحة المستشفى يحتاج لإعادة تأهيل، والصحة عموماً تحتاج لدعم كبير، ونحن كإدارات أرهقنا وتحملنا فوق طاقتنا من هذا الوضع الذي لا نرضاه لأهلنا.

  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى