اختيارٌ مُناسبٌ

أبلغ المجلس العسكري أمس، الدكتور سليمان محمد الدبيلو  بثقة المجلس فيه وتعيينه أميناً عاماً لمفوضية السلام المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية كواحدةٍ من أهم  المفوضيات التي على عاتقها مُهمّة كبيرة، مُتمثلة في التفاوُض مع قوى الكفاح المُسلّح لوقف الحرب في المنطقتين ودارفور.  

واختيار الدكتور سليمان الدبيلو يمثل قراراً مُوفّقاً من قبل  المجلس السيادي، نظراً لخبرة الدكتور الدبيلو في التفاوُض، وعلاقاته الواسعة بالحركات المُسلّحة خاصةً الحركة الشعبية  في جبال النوبة، وعلاقاته الراسخة بحركات التّمرُّد في دارفور وخبرته الطويلة في ملف أبيي الذي يمثل أهميةً كبيرةً لعلاقات  الدولتيين السودان وجنوب السودان.  

والدكتور سليمان الدبيلو مثقفٌ وأستاذٌ جامعيٌّ مُهتمٌ بالحوار  السياسي مع كل القوى الحزبية، وله تجربةٌ في حزب الأمة القومي طوال سنوات المُعارضة حتى عودة الإمام الصادق بعد اتفاق جيبوتي، ولكن نظراً لتفكير الرجل بعيداً عن مُؤسّسة الحزب، تباعدت المسافة بينه والإمام الصادق المهدي، ويُعتبر  سليمان الدبيلو من قيادات كردفان وقبيلة المسيرية، لكنه شخصية مُنفتحة على كل الناس، وهو من مواليد مدينة لقاوة في النصف الأول من ستينات القرن الماضي، عمل أستاذاً بجامعتي الخرطوم والجزيرة وهاجر إلى الخليج وعاد الى السودان، وينتمي فكرياً للأنصار ولا تجمعه بالحزب الشيوعي أية روابط اجتماعية أو ثقافية ولكنه مُنفتح على كل أطياف الحركة السياسية دُون كوابح، ويتسم بقدرٍ كبيرٍ من الاستقلالية، وفي آخر انتخابات جَرَت، نافس مرشح المؤتمر الوطني في دائرة لقاوة بغرب كردفان مُنافساً للأمير إسماعيل محمد يوسف الذي لم يُحقِّق تقدُّماً على الدبيلو إلا بعد أن جمع اللواء أحمد خميس الوالي حينذاك القوات النظامية وأمرها بالتصويت لصالح مرشح المؤتمر الوطني بفارق أقل من مائة صوت فقط.

وفي ميدان الاعتصام بالقيادة العامة كانت للدبيلو خيمة ومنصة  خطابه مُستقلاً عن كل الأحزاب، وشكل الدبيلو حُضُوراً مُدهشاً في تلك الأيام.

وعندما يُعيّن الدكتور الدبيلو في هذا المنصب الرفيع، فإنّها إشارة مُهمّة لإشراك ما يُعرف بحزام السافنا، والدبيلو يمثل قطاع  البقارة في كردفان ودارفور الذين تجاوزتهم تعيينات قِوى الحُرية والتّغيير التي تمثل نخب المُدن ومُثقّفي الأحزاب اليسارية مع بعض التمثيل لحزب الأمة والمنشقين من الحزب الاتحادي الديمقراطي، وللدبيلو علاقات واسعة بقادة الحركات المسلحة  وخاصةً الجنرال عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية.  

ويملك الرجل خبرة جيدة في التفاوُض والحوار والرؤية، ويُعتبر الدبيلو من الشخصيات السياسية التي تؤمن بدور الجيش في استقرار التجارب السياسية، ويُعتبر من القادة القلائل في الأحزاب مُساندة لقوات الدعم السريع وقائدها عضو مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو، وقد صد عنه بقلمه السيال تهجمات وتجني بعض الناشطين السياسيين في الساحة.

لكن قبل أن يجمع الرجل أوراقه ويضع خُطته، باغتته القيادة  العليا بالدفع به لمُفاوضات السلام التي ينتظر أن تبدأ يوم غدٍ  الاثنين من أجل تحقيق السَّلام وهي مُهمّة صعبة وتحتاج لتنسيقٍ بين مُكوِّنات الدولة، وهي أولى أولويات الدكتور الدبيلو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى