يوم الزيارة

بعد  محطة  السعودية،  يتوجه  اليوم  رأسا الجهاز  السيادي  والجهاز  التنفيذي  ورمزا  الشراكة  في الحكومة  الانتقالية  الفريق  عبد الفتاح  البرهان  رئيس  مجلس  السيادة،  والدكتور  عبد الله  حمدوك  رئيس الوزراء، في زيارة إلى الأمارات العربية المتحدة،  وهي  زيارة  نادرة  جداً  أن يقوم  رأسا  الدولة والحكومة  معاً  بزيارة  دولتين  شقيقتين  وحليفتين  لحكومة  حمدوك  التي  ولدت  قبل  شهر  من الآن.

  لكن  السؤال  ما هي  دلالات  الزيارة  المشتركة  لرأسي  الحكومة  للدولتين؟

أولَا تعتبر  السعودية  والأمارات  العربية  المتحدة  أكبر  داعم  ومساند للحكومة  السودانية  بل  الحكومات  المتعاقبة،  والصحيح  أيضاً مساندة  الشعب  السوداني  ومنذ  الحادي عشر من أبريل الماضي،  تكفّلت  السعودية  والأمارات  باحتياجات  البلاد  من الخبز  والوقود،  والسند  السياسي  وتقديم  مساعدات  كبيرة  للسودان  لتجاوز  المصاعب  التي  واجهها،  بل  ساهمت  السعودية  والإمارات  بنفوذهما  السياسي  في الولايات المتحدة  بتقديم  الحكومة  الانتقالية  في بصورة  زاهية،  وطلبت  الرياض  وأبوظبي  من واشنطون  رفع  اسم  السودان  من قائمة  الدول  الراعية  للإرهاب  في العالم.  وزيارة البرهان  وحمدوك  الحالية ربما  رسمت  خارطة طريق  تخرج من خلالها  الخرطوم  من تحت  سيف  العقوبات.  

ولكن  للزيارة  أبعاد  أخرى  مهمة  جداً  داخلياً  وخارجياً  وذلك  بمحاولة  الظهور  أمام  الشركاء بالوحدة  بين  المكون  العسكري  والمكون  المدني،  بعد  أن ظهرت  التباينات  في المواقف  ما بين  عسكريين  وضعوا  كل  ثقتهم  في محور  السعودية ـ الإمارات  ومصر،  وفاءً  لما  قدمته  هذه  الدول  من دعم  وإسناد  للمجلس العسكري،  في الوقت  الذي  مدّ  فيه  رئيس  الوزراء  عبد الله حمدوك  خيوط  التواصل  مع  المعسكر  المناوئ  للسعودية  والأمارات  من خلال  لقاءات  نيويورك  الأخيرة  بكل  من أمير دولة  قطر  ورئيس  الوزراء التركي  ووزير  الخارجية  الروسي،  والحديث  الذي ردده  حمدوك  عن رفض  حكومته  أن تصبح  طرفاً  في  محور  على حساب  طرف  آخر،  وهذا  الموقف  هو  ما جعل  الرئيس  السابق عمر البشير  يخسر الخليج  العربي  ويبقى  في  السهلة  حتى جرفت  سفينة  حكمه  رياح  أول  الصيف  الماضي.  

الزيارة  الحالية  أهم  دلالاتها  الظهور  بشكل  موحّد  بين  العسكريين  والمدنيين ،وربما  حصلت  السعودية  بصفة  خاصة  على تأكيد  قاطع  من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك  بأن  انسحاب  السودان  من التحالف  العربي  المساند  للشرعية في  اليمن  غير  وارد، ولا  مطروح  في الوقت  الراهن، وأن الأصوات  التي  تتحدث  بسلبية  عن المشاركة  فى  حرب  اليمن  لا تمثل  حكومة  قوى  الحرية والتغيير،  وفي ذات  الوقت  بث  الطمأنينة  لدول  الخليج  بأن  الثورة  السودانية  غير قابلة  للتصدير  لدول  الجوار  خاصة  مصر  التي  انتابتها  مخاوف  من تمدّد  الثورة  إلى قلب  العرب  وعاصمته  القاهرة،  والتحريض  ضد  السيسي،  وتمثل  هذه  القضايا  أهم  أجندات  الزيارة للسعودية.

  أما  الأمارات  التي  يشغلها  كثيرًا  القضاء  على التيار  الإسلامي  وتأسيس  حكومة  منسجمة  مع حلفاء  الإمارات  العربية المتحدة  في المنطقة  بعيداً  عن قطر  وتركيا،  فقد  أصبحت  الإمارات  لاعباً  كبيراً  ومهماً في الشأن  الأقليمي  والدولي  وخلال  مفاوضات  جوبا  الأخيرة  بين  رئيس الوزراء  وقادة  الحركات المسلحة  الثورية  والحلو  طرحت  على الطاولات  الجانبية مسألة  رعاية  اتفاق  السلام  القادم،  وقد  أجمع  أغلب  قادة  تلك  الحركات  على أهمية  دخول الأمارات  كراعٍ  للمفاوضات وشريكٍ  في  مشروع  التسوية  الشيء  الذي  يجعل  الزيارة  التي  تختتم  اليوم  على درجة  من الأهمية  داخلياً  وخارجياً، وستترتّب  عليها  نتائج  على كافة الأصعدة،  وربما  انطلقت  بعدها  الدولتان  في  تقديم  حزمة  مساعدات  تتجاوز  الدقيق  والبترول  إلى  تنفيذ  مشروعات  كبيرة  تنهض  باقتصاد  البلاد  بعد  أن بدا  الحكم  بجناحيه  مُوحّداً  غير  متنافر  أو  منقسم  في ولاءاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى