ليس هذا المنتظر !!!

ما ضيعت “الإنقاذ” إلا التمادي في عمليات “الاحتشادات” واحتدام ثقافة الاحتفالات، وتفشي أدب المهرجانات لسبب أو لغير سبب ومسببات.. وذلك على حساب الإنتاج وصناعة المكتسبات ..

* أقول هذا بين يدي دعوات تخرج الآن من هنا وهناك لتكثيف ثقافة (المليونيات) وتسيير المواكب في كل المناسبات، مواكب للجرحى، موكب للأسرى، مواكب للمفقودين، مواكب للذين تم تعيينهم،  وأخرى للذين لم يعينوا رئيس القضاء والنائب العام، مواكب لاستقبال حمدوك … وغداً مواكب للمطار للتسفير والتوديع.. و… 

*  “خوفي من ذات المصير” أن نخرج من مواكب إلى موكب ..  ومن موكب احتجاجات إلى مواكب احتفالات، والمواطنون في مواكب عند سفح الكباري ينتظرون المواصلات، وآخرون تحت هجير شمس الأسعار وسعير  نيران الأسواق، ولا بواكي ولا مواكب !! عندما تكون جداول المهنيين في وادٍ وقضايا الجماهير في وادٍ آخر .. وأحلام النخب في وادٍ غير ذي زرع، وأحلام الثوار في وادٍ آخر.

* حتى تبلغ نخب التجمعات مرحلة (عدم الإحساس بقضايا الجماهير) ، عندئذٍ تتسع الهوة بين الثورة والثوار، وتتسع الرقعة بين الدخل والأسعار، وتصبح الحياة ضرباً من المعاناة والصبر والاصطبار، والمواطن يخرج من صف الخبز إلى صف الوقود ثم النقود .. ثم في الغد يعود…  والثورة تنتهي إلى حالة من مواكبية هتافية ثورية…

* يوم تكون مواكب وصفوف المواطنين في وادٍ، وأحلام مواكب الأحزاب في أودية أخرى، يوم يسأل المواطن وهو يقف في صف الوقود، يسأل عن مواكب أخرى تمر من أمامه تتجه صوب المدينة، لمن ذلك الموكب، فيقال ذلك الموكب لاستقبال رئيس مجلس الوزراء، يسأل المواطن …  هل أتى الرحل بالوقود والنقود والخبز والدقيق، فيقال له، إن الرجل قد أتى من محفل دولي بعد أن قال خطاباً تتحدث به الركبان وتتناقله الفضائيات والعحم والعربان !!

* يومها يوشك أن يخرج الموكب الحق بالهتاف والثورة الحقة ولسان حال المواطن….  إن قطعة خبز خير لي من ألف خطبة عصماء لا تُطعم جائعاً… وإن كيس خبز خير لي مما طلعت عليه شمس كل المواكب والمراكب والكواكب ..

* يا جماعة الخير، أن تملمُلاً الآن يبدو من الثوار مكتوماً، يبدو ذلك في أتون أزمة المواصلات، وشؤون الوقود وشجون الخبز والنقود .. وأنت تسمع الآن همهمات… ولا شيء قد حدث منذ صناعة الثورة … صحيح … قد يقول قائل ..  إن الوقت لازال مبكراً، وهنالك متسع من الأحلام… وتقول … يفترض أن يراكم المواطن الآن حيث تحتدم إزماته … المواطن لا يرى الآن إلا الإصرار على صناعة المزيد من المواكب، وليتها مواكب لأجل الخبز والوقود .. إنها لعمري مواكب الترف الثوري المشهود…. أرجو ألا يخرج الموطن، والحال هذه والمواكب، ألا يخرج تحت اللافتة الباهظة .. ليس هذا المنتظر … وليس هذا كل ما هناك..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى