مجلس سيادة مُوسّع !

أواخر يوليو الماضي كتبنا هنا نُشير لتصريحين مُهمّيْن للقيادي بـ”قحت” الأستاذ محمد ناجي الأصم قال في أولهما: “لن نقبل بالمحاصصة في حكومة الثورة”، وقال في الثاني: “النضال المسلح لا يستوجب المشاركة في السلطة”! وقلنا يومها إن دلالة التصريحيْن واضحة وتؤكد على مدى وعي وانتباه الأصم للدهاليز و”الحُفر” التي عادةً ما تُعَد بحجة استيعاب الجميع وتحقيق السلام الشامل لكنها تظل في تشعب وتوسع حتى ينتهي إلى داخلها الجميع !

وقلنا إن مطالبة الجبهة الثورية بثلاثة مقاعد في مجلس السيادة مع زيادة أعضاء المجلس إلى “7+7+1” هو غير بعيد عن تفكير “المحاصصة” الذي عناه الأصم! وأن تجربة المحاصصة تجربة مريرة وشرورها لا تنفد! وأشرنا إلى أن “الثورية” جزء من “قحت” وطبيعي ومنطقي أن تنال نصيبها ضمن “كوتة قحت”، وتمنينا أن ينتهي ماراثون التفاوض بكل مراحله وتفاصيله إلى خير، وألا نسمع عن مطالبة جديدة بزيادة عضوية المجلس السيادي إلى رقم جديد !

قبل حلول الموعد المحدد لبدء التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة خلال شهر أكتوبر المقبل، ملأت الأسافير تسريبات عن مضامين الاتفاق المنتظر! حوى ذلك تعيين د. جبريل إبراهيم نائباً لرئيس مجلس الوزراء، زيادة عضوية مجلس السيادة إلى “15” وذلك بإضافة “4” من الحركات المسلحة! إخلاء عدد من الوزارات للحركات المسلحة! إصدار قانون للمشورة الشعبية لسكان دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لتحديد الوضع الإداري لهذه الأقاليم !

التسريبات قالت أيضاً بتحديد “40%” من الدخل القومي ولمدة عشر سنوات لتنمية الأقاليم المذكورة حتى تلحق بولايات الوسط والشمال “المتهمة بالنماء والرفاه !” مع منح السلطة الكاملة بهذه الأقاليم لأبنائها والذين ترشحهم الجبهة الثورية والحركة الشعبية شمال أسوة بـ”قحت” في الشمال! ويشمل ذلك الوطائف الحكومية من الدرجة الخامسة وحتى الأولى الممتازة مع تعديل شروط تَولِّي هذه الوظائف بما يتناسب وظروف أبناء تلك الأقاليم !

وتمضي التسريبات متحدثةً عن إعادة النازحين إلى قراهم وتعويضهم جماعياً وفردياً، تأخير إجراء الانتخابات في هذه الأقاليم لتُجرى بعد خمس سنوات من تاريخ التوقيع على الإتفاقية! تضمين الاتفاق في الوثيقة الدستورية وذلك بمقر الاتحاد الإفريقي وبحضور دولي! ومن ثم حل الحكومة الانتقالية وإعادة تشكيلها وفق الاتفاقية! وبرغم أنها مَحْض تسريبات فإن من يعرف طريقة تفكير الحركات المسلحة ويقرأ الوضع الماثل ومُعطياته الواضحة لن يستبعد أبداً أن تكون التسريبات حقيقية تنتهي بقطار التغيير إلى التوحُّل هناك !

واهم من يظن أن الوصول إلى سلام شامل ومستدام سهل ويمكن أن يتم خلال أسابيع خاصة مع استغناء حكومة “قحت” عن كوادر مهنية وفنية ذات خبرة ودراية بهذا الملف! وللأسف فإن الراجح أن تدخل الحكومة للتفاوض وصورتها مهتزة وظهرها مكشوف والأزمات الخانقة تكاد تطبق على أنفاس مواطنيها ولا حلول تلوح في الأفق! وبعض وزرائها مشغولون بوَهَم محاربة الدولة العميقة! وهذا كله خصم عليها، وهي تواجه حركات وقيادات احترفت المراوغة .

نسأل الله أن يعلو ويسود صوت العقل، وأن يستبين قومي النُصح قبل ضحى الغد، وأن يتم التعامل مع ملف السلام كملف وطني يُحشد لخدمته الخبراء والأكفاء من أبناء الوطن بلا استثناء .

مرحبا برسائلكم القصيرة (SMS) على الرقم 0912392489

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى