تغييرات الوطني.. الهروب من اللعنة

تقرير: صلاح مختار

الحديث عن تغييرات بالمؤتمر الوطني، وجد صدى مختلفاً وواسعاً بين المكونات السياسية الداخلية بالحزب والقوى الأخرى، لسبب بسيط جداً أن الوطني بشكله القديم كما يراه الكثيرون أنه انتهى وليس له وجود ولا يمكن القبول به.

 تلك القناعات بدأت تتسرب حتى بين صفوف منسوبي الحزب.. ولكن مجرد ظهور غندور على العلن تحت رئاسة التنظيم بالتكليف، فإن الدماء بدأت تدب في شرايين الحزب، وبدأت العضوية في الحديث ولكن بشكل مختلف بشأن المستقبل ربما التوجيه الذي أصدره غندور لأبنائه من الشباب بضرورة الالتفاف حول الحزب والعمل على إنجاح الفترة الانتقالية والاستعداد للانتخابات، هذه سياسات رسمها أيضاً في تصريحاته لقناة “الحرة”، ولكن رغم ذلك ما رشح من أن غندور سيجري تغييرات جذرية في الأمانة العامة للحزب يطيح بكل القيادات القديمة والاستعاضة عنها بوجوه شبابية, وأكد أن المرحلة المقبلة تستلزم التغيير لمواكبة المتغيرات السياسية في الدولة. المصادر أكدت لـ(الصيحة) تمسك غندور بالتسمية القديمة للحزب في المرحلة المقبلة بغية إحداث تغييرات وهيكلة شاملة للحزب، وقطع أن الحزب سيلتزم بخط المعارضة المساندة في المرحلة المقبلة. بالتالي هل يريد الحزب الهروب من لعنة الماضي القديم، وأراد أن يكيّف نفسه مع الوضع الجديد والعودة للأضواء بعد الفترة الانتقالية؟

لا سند

فيما نظر القيادي بالحزب الفاضل الحاج سليمان في حديثه لـ(الصيحة) من زاوية أن الوطني حزب لديه مؤسسات تنعقد مثل المؤتمر العام أو مجلس الشورى أو المكتب القيادي، تلك المؤسسات لم تنعقد حتى الآن وفقاً للمؤسسية الحزبية، بالتالي لا أستطيع الحكم أو الإدلاء برأي ما لم أتعرف بصورة قطاعة كيف تمت تلك التغييرات أو التشكيلات؟ وأضاف: لا أجد لها سنداً في المؤتمر العام أو الشورى. وقال: خطوة التغييرات الجذرية لمؤسسات تنعقد بصورة تكون دورية، وتلك المؤسسات القائمة في الوطني لم تنته دوراتها حتى الآن، وحتى في حال اعتقال رئيس الحزب أو نائبه هناك من ينوب، ولكن أن تجتمع جهة معينة وتحدد تغييرات معينة مسألة لا أجد لها سنداً.

نفس المنطق 

ووجد توصيف معارضة الحزب خلال المرحلة المقبلة بأنها مساندة عند بعض العضوية، ووجدت جدلاً كبيراً داخل منسوبي الحزب عند بعض العضوية التي رفضت المبدأ بحجة أن الأعضاء سيجدون أنفسهم محل استهداف من التيارات الأخرى، ولابد من مواجهتهم بنفس المنطق.

 ولكن الفاضل حاج سليمان قال: المطلوب أن تكون هنالك مؤسسات للحزب وتقدر ماهية المعارضة، ورأى أن المعارضة بالمفهوم القديم أن يقف الحزب ضد سياسات الحكومة أو ينتقدها، وأضاف أن من الإشكالات التي واجهت السياسة السودانية أن نظرية المعارضة قائمة على أنها ضد سياسات الدولة أو أنها تحمل السلاح أو تحتمي بدولة أخرى وتناضل النظام الموجود، وقال: تلك الصورة عادت بنتائج سالبة لا تعود للمواطن أو الدولة .

العلل والعلاج

المحلل السياسي والخبير الإعلامي د. ربيع عبد العاطي قال لـ(الصيحة) إن من أخطاء الماضي والتي هدّدت عرش الحزب بشكله القديم في عدم الالتزام ببرنامج الإصلاح الحزبي والانتظام في التداول بين الأجيال وظهور من لا يدينون بالمبدأ يتحركون بدون الحزب، واعتبر ذلك من علل الأحزاب، واعتبر الفرصة مواتية لإجراء الإصلاح الشامل والكامل. وقال: عندما تظهر العلل يسهل العلاج، وقال: الآن ظهرت العلل على العلن.

تنقية وتنقيح

ورأى عبد العاطي أنه حتى يتم الإصلاح بصورة كاملة، لابد من قيادات تقوم بتنقية الصفوف وتنقيح السجل من الصالح والطالح، وإنزال المعالجات لأرض الواقع، ولابد من طرح مزيد من الأفكار، ودعا أن تكون المعارضة من أجل البناء وسد الثغرات والتسديد، وليس الضد، وإنما تصويب على أخطاء الحكومة والبناء وإسنادها في إطار العمل الوطني، وليس الحزبي.

الداء والدواء

واعتبر عبد العاطي التغيير الذي يجري داخل الحزب بقدر الداء والمعالجات بقدر ما تم اكتشافه من علل يكون التغيير بقدر التحدي، بالتالي الخلافات تقرب بين الناس وتسدد الأهداف وتصوب الأخطاء وسد الثغرات والعمل لوحدة الصف بعيداً عن المراهنات والمزايدات والبدء في حلول وطنية خالصة بعيداً عن الارتهان للأجنبي.    

حزب معارض

مصدر بشباب الحزب ــ فضل حجب اسمه  لحساسيته ـ قال لـ(الصيحة) إن منهج رئيس المؤتمر الوطني المكلف بروفسير إبراهيم غندور يدل على أنه سياسي محنك ربما أن فترة تحمله رئاسة الحزب تدل على حساسية المرحلة التي تحتاج إلى مصالحة مع الحكومة، ولكن المصدر رأى أن الوطني أصبح الآن حزباً معارضاً، ولكن تلك المعارضة حسب توجيهات غندور هي معارضة مساندة للحكومة الانتقالية، وفي نفس الوقت أن غندور طلب من عضويته الالتفاف حول الحزب والاستعداد للانتخابات المقبلة.

حالة توهان

وأضاف المصدر أن الرجل أراد أن ينتقل بالحزب من خانة الحزب القائد للدولة إلى خانة الحزب المعارض، ولكن بإيجابية أو المعارضة الناعمة كما يراها البعض، لأن الفترات السابقة ألقت بظلالها على الحزب بالتالي يحتاج إلى استخدام مصطلحات جديدة لإدارة المرحلة المقبلة والتعاطي مع حكومة حمدوك للعبور بالبلد إلى مرحلة الانتخابات المقبلة، وبالتالي لا يريد الرجل مشاكل، وهو يبدأ في ترتيب أوضاع الحزب وانتشاله من حالة التوهان ووضع سياسات جديدة والعمل مع الأحزاب الأخرى في إطار العملية السياسية.

رسائل غندور

وأشار مصدر آخر لـ(الصيحة) إلى الرسائل التي ألقاها غندور في بريد العضوية بأن المرحلة المقبلة لن يكون هنالك مكان لضعاف النفوس تلطّخت أيديهم بالفساد، وهم قلة كما قال، ولذلك سيُجرَّد الحزب عبر الهيكلة الجديدة من الوجوه التي قال إنها غير مقبولة تنظيمياً وسياسياً، وأكد قدرة القيادات الجديدة على العبور بالحزب من حالة الإحباط إلى التعاطي مع المكونات الداخلية، وقال إن القيادات القديمة ستكون ساندة للقيادات الشبابية في العبور للمرحلة الجديدة.

وأقر بأن وثيقة الإصلاح لم يتم العمل بها، وقال: إذا تم العمل بالوثيقة لما اضطر الحزب للوقوف الآن في خانة المعارضة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى