اغتيال “سودانير”.. الجريمة الكاملة (6)

مصدر قانوني: كثيرون خضعوا للاستجواب ولكن!!

وكيل النيابة كان متحمساً ولكنه لم يواصل بذات الحماس 

قرار وزير العدل كان لإسكات الرأي العام فقط 

الفاتح مكي: هذا ما تم بخصوص التعويض من شركة عارف

 

بعد خسارة السودان للاستئناف الذي تقدم به ضد قرار المحكمة البريطانية التي حكمت بأن (السودان تنازل طواعية عن خط هيثرو)  بسبب التقاعس في دفع رسوم الاستئناف والتي قدرت بأقل من 400 جنيه استرليني تدخل وزير العدل عوض الحسن النور نتيجة للضغوط التي مارسها وزير النقل وقتها أحمد باكر نهار لفتح قضية هيثرو لمعرفة المتسببين في خسارته،  كما أشرنا في الحلقة الماضية، وأصدر عدداً من القرارات، ولعل أهمها أن تفتح بلاغات في مواجهة المتهمين في فقدان السودان مواقيته في خط هيثرو..

وكشف لـ (الصيحة ) الفاتح مكي عضو لجنة التحقيق في قضية هيثرو أن سودانير كانت قد أبرمت اتفاقية أتعاب مع المحامين البريطانيين للتقدم بدعوى ضد الشركة البريطانية ووقع الاتفاقية مدير عام سودانير المكلف. 

وأضاف أن سودانير تماطلت في دفع اتعاب المحامين ورسوم الترجمة، حيث تم مدهم بالقوانين السودانية وبمستندات القضية وقاموا بترجمتها ..

وأضاف: لقد واجهت المستشارة القانونية أسماء الرشيد ضغوطاً شديدة من المحامين البريطانيين بخصوص أتعابهم لأنها كانت حلقة الوصل بينهم وسودانير، وهددوا بعدم الشروع في القضية وأنها كانت ستسقط بالتقادم ولا يمكن فتحها بعد ذلك.

 وقال إن المستشارة أسماء الرشيد تحت ضغط المحامين وتهديدهم بذلت جهوداً مضنية للحصول على أتعاب المحامين ورسوم الترجمة  وأخبرت مدير عام سودانير بأن السودان سيفقد حقه في القضية بالتقادم، وبعد ضغط كثيف اتصل بها وأخبرها بالذهاب إلى مكتب النائب الأول علي عثمان، وأنها التقت بالفعل بمدير مكتبه وسلمها نصف المبلغ نحو 20 ألف دولار وتم تحويلها عبر مكتب الخطوط بجدة. 

 التحقيق السوداني 

وصرح مصدر قانوني ذو صلة بالقضية لـ(الصيحة) بقوله إن    قضية لندن لا علاقة لها بالتحقيق الذي تم في السودان، لأنها كانت خاصة  بإمكانية تعويض سودانير عن الفترة التي استغلت فيها الشركة البريطانية الخط نيابة عن سودانير، تلك القضية التي خسرها السودان بسبب عدم دفعه رسوم الاستئناف.

وقال إن التحقيق في السودان خضع له  رئيس مجلس إدارة سودانير الشريف أحمد عمر بدر، كما تم استجواب أعضاء لجنة التحقيق في قضية بيع خط هيثرو، كما صدرت مذكرات  تكليف بالحضور لكل من مستشار مجموعة عارف إيريك باتريك والكابتن على دشتي (نائب رئيس مجلس الإدارة) خاصة بعد رحيل المدير العام المكلف لسودانير المرحوم عبد الله إدريس.

وواصل  الفاتح مكي عضو لجنة التحقيق حديثه عن التحقيق في السودان بقوله إنه خضع لجلسة تقصي حقائق وطلبوا منه معلومات عن القضية، كما تم استجواب عبد الرحمن فضل سكرتير مجلس إدارة سودانير.

وقال إنه جلس مع لجنة التقصي ثلاث ساعات متصلة، وبعد ذلك لم يحدث شيء لسفر الكابتن علي دشتي ومستشار عارف إيريك باترك خارج السودان، وكان هنالك حديث عن إحضارهم بالإنتربول لكنهم لم يفعلوا شيئاً.

مخالفات مدنية وجنائية 

وقال مصدر قانوني مطلع على قضية التحقيق الذي تم في السودان  لـ (الصيحة) إن لجنة التحقيق أشارت إلى مخالفات مدنية وجنائية في قضية خط هيثرو، رفعت إلى وزير النقل أحمد بابكر نهار بصورة إلى وزير العدل محمد الحسن النور،  وقام وزير العدل محمد الحسن النور بتحويل الجانب الجنائي للمدعي العام والجانب المدني إلى المحامي العام، وتم استجواب كل أعضاء اللجنة فيما يتعلق بخسارة السودان خط هيثرو ولمعرفة المتورطين في بيعه. 

وقال لـ(الصيحة) إن وزير النقل وقتها  أحمد باكر نهار بذل جهوداً مضنية في قضية خط هيثرو، وظل يزور الرئيس البشير باستمرار لأجل فتح القضية، وحثه على استرداد حقوق السودان الضائعة.

المحاسبة لم تتم 

 وقال إن الوضع الطبيعي بعد قرار وزير العدل أن  توجه تهم جنائية وتتم المحاسبة حسب القانون، موضحاً أن وكيل النيابة كان متحمساً جداً للقضية، وذكر أنهم استجوبوا رئيس مجلس الإدارة، وكل من له علاقة بالقضية، ولم يتخلف أحد لكنه بنفس الحماس توقف عن ملاحقة القضية، ووقتها كانت النيابة تتبع لوزارة العدل.

وقال إن المحامي العام والذي كان من المفترض أن يتحرى في المخالفات الإدارية وضع الملف في مكتبه، ولم تحدث أي مساءلات عن المخالفات الإدارية التي أشارت لها لجنة التحقيق موضحاً أن التحقيق كان منذ العام 2015 وتوقف دون أن نعرف الأسباب.

إسكات الرأي العام 

وزاد بقوله: قرار وزير العدل والذي لم ينفذ واضح أنه كان لإسكات الرأي فقط، لأن توجيه الاتهام إلى شخص انتقل إلى رحمة الله وشخصين يقيمان خارج السودان لا معنى له، خاصة وأن ورقة التحويل لخط هيثرو لم تكن موقعة بأي إمضاء، كما كان من المفترض أن يوجه وزير العدل بالجلوس مع لجنة التحقيق التي كتبت تقريرها، وهذا يؤكد أن وزير العدل لم يهتم بالقضية..

وقال إن التسوية التي تمت مع شركة عارف لم تكن منصفة للسودان لأن عارف لم تلتزم باتفاقها في الاتفاقية التي وقعت معهم، واستغلت أنها تحصلت على خطابات ضمان من بنك السودان تدفع عند أول طلب وإقساط غير قابلة للنقض، ولهذا أصبح قرار وزير العدل بعدم منحها أموالاً لأنها فرطت في خط هيثرو لا معنى له. 

إيقاف الشيكات:

لما حلت مواعيد الشيكات كتب لبنك السودان بناء على توصية المحامي العام بإيقاف الشيكات فهرعت إدارة عارف وعلى جناح السرعة للوصول إلى السودان وقالوا إنهم يريدون أموالهم وإن هنالك خطابات ضمان من بنك السودان .

فاضطروا لعقد تسوية أخرى معهم، وأيضاً تحصلوا على ضمان من بنك السودان بنفس الخطأ الأول، وهذا خطأ وقع فيه محمد الحسن النور، لأنه من المفترض أن ينصوا على منحهم أموالهم شريطة أن يوفوا بالتزاماتهم للسودان، ومنها تسليم سودانير طائرة كانوا قد اشتروها بمبلغ 40 مليون دولار، وهذا ما لم يحدث حيث تم منحهم 125 مليون دولار. 

وقال الفاتح مكي معروف لـ(الصيحة) متحدثا ًعن التسوية التي تمت مع عارف إن اتفاقية فض الشراكة مع عارف نصت على أنه إذا ثبت استفادة أي من منسوبي عارف في ضياع خط هيثرو تقوم عارف بتعويض سودانير التعويض المناسب، وعندما علمنا في الصحف أن النائب العام قام باتهام الكابتن الكويتي علي دشتي ومستشار عارف البريطاني ومدير سودانير المكلف آنذاك وكلف المحامي العام بطلب التعويض من عارف..

اتصل بي المدير العام لسودانير المهندس حمد النيل، وأخبرني باختياري بعد التشاور مع وزير النقل مكاوي، والمحامي العام رئيساً للجنة الجانب السوداني للتفاوض مع اللجنة الممثلة لشركة عارف الكويتية برئاسة مديرها التنفيذي بخصوص التعويض المناسب، وكانت لجنة الجانب السوداني تضم من سودانير المدير المالي أسامة والمدير التجاري عادل نمر ..

وأضاف: اتصل بي المدير التجاري لعارف واقترح اللقاء في دبي لعدم رضائه عن طريقة الاجتماعات في السودان التي تضيع الوقت على حد قوله، وكنت حينها في رحلة استشفاء بدبي، فجاءني اتصال من المحامي العام بعدم الاجتماع لأنه يتشاور مع وزير النقل لاختيار رئيس للجنتين فاعتذرت لمدير عارف ثم اتصل بي مرة ثانية، واقترح أن يكون الاجتماع في لندن ليسهل الاتصال مع الشركة البريطانية، فلم يوافق المحامي العام لغياب وزير النقل خارج البلاد ..

تعديل اللجنة:

ليقول: بعد فترة أخبرني المدير المالي السوداني أسامة يوسف أنه تم تعديل اللجنة السودانية لتكون برئاسة السيد عبيد الله عثمان موظف سابق بسودانير والذي عمل في الخطوط الإماراتية منذ الثمانينات وظللت أنا عضواً في اللجنة..

ويواصل الفاتح مكي حديثه: تم الاتفاق لعقد اجتماع للجانب السوداني للتشاور وتحديد استراتيجية اللجنة، ولم يتم الاجتماع لاعتذار السيد عبيد الله عن اللجنة ولا أعلم ماذا حصل بعد ذلك .

تنازل:

وقال إن اتفاقية فض الشراكة نصت على أن تدفع وزارة المالية مبلغ 125 مليون دولار على دفعات بضمان بنك السودان، عندها تنازلت عارف والفيحاء عن 70% من أسهم سودانير وحولت ملكية طائرة الإيربص 320 لسودانير(الطائرة الوحيدة لسودانير والتي دار الجدل مؤخراً عن اختفائها). 

وقال: من ضمن قرارات النائب العام أمر بوقف ما تبقى من الدفعيات لعارف، وأوضحت عارف أنه لا يمكن إيقاف الدفعيات لأنها بضمان بنك السودان، ولذلك تم اتفاق جديد بجدولتها بأقساط مريحة. 

وحول الطائرة التي من المفترض أن تسلمها عارف لسودانير، قال الفاتح مكي إن الطائرة كانت بحوزة سودانير وهي نفس الطائرة التي تتم صيانتها بأوكرانيا..

فض الشراكة: 

تحدث مصدر بوزارة العدل لـ(الصيحة) وقال إنه من قام بإعادة أسهم سودانير للسودان لوزارة المالية 99% و1% لبنك السودان، مضيفاً: وقتها كنت بوزارة العدل وعلمت أن السودان دفع مبالغ ضخمة تقدر بـ 125 مليون دولار لشركة عارف، ولا زالت الأسهم باسمهم ولم تحول للسودان، وزاد: عقدت اجتماعاً قانونياً وطلبتُ من المجتمعين الوصول إلى صيغة تُعيد للسودان أسهمه، وبالفعل تمكنا من تحويل أسهم سودانير للسودان..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى