اخونج بورتسودان من دون ملالي ايران

اخونج بورتسودان من دون ملالي ايران

محمود الدقم

لم تكن الضربة المدوية التي تلقتها إيران من إسرائيل مجرد هزيمة عسكرية؛ بل كانت صفعة معنوية مدوية طارت أصداؤها حتى شواطئ بورتسودان، حيث يقيم آخر ما تبقى من حطام المشروع الإسلامي في السودان. الكيان الذي كان يومًا ما يرفع رايات “التمكين”، لم يعد يملك إلا دفتر عزاء مفتوحًا، يبكي فيه الإخونج على تحول مؤسات ايران العسكرية إلى مجرد خردة، بفعل القصف الجوي الاسرائيلي، وحتى القاهرة في طريقها لإدراة ظهرها عن البرهان بعد ان أدركت أن الرجل يهرف بما لا يعرف.

البرهان، الذي لا يضبط بوصلته إلا عندما تتقاطع مع مصلحته ورؤيته المنامية، حاول أن يلعب على كل الحبال: قلبه مع إيران، جيبه في دبي، وسيفه مع القاهرة! واستجدي تل ابيب قبل أكثر من عامين أن يحج اليها والنتيجة؟ لا أحد يثق به، ولا أحد يأمن جانبه. أما حلفاؤه الإسلاميون في بورتسودان، فصاروا كمن دخل موسم الحصاد دون منجل.

إيران التي كانت تملأ آذانهم بالوعود والمُسيّرات، تلقت هزيمة “بجلاجل” من تل أبيب؛ قيادات أُبيدت، منشآت نُسفت، ومصانع صواريخ تبخرت في لمح البصر. ففقد الإخوان الكفيل الفارسي الذي كان يموّل ويسلّح ويُطمئن. أصبحوا اليوم، وبلا مبالغة، “يتامى الاستراتيجيات”. حتى فارس إير قشم، التي كانت تشحن لهم الطائرات المسيّرة من نوع مهاجر وأبابيل، لم تعد تجد مدرجًا آمِنًا في بورتسودان.

كانوا يفاخرون بدبابة “الزبير” ويصفقون لطائرة “مهاجر-6″، لكن لا أحد يجيب اليوم على سؤال بسيط: من سيدفع الفاتورة؟ لا إيران قادرة، ولا القاهرة لديها وقت للاستماع للبرهان الاخونجي الان ولا تركيا فاضية، في الوقت الذي يكتب فيه البرهان شيكات بلا رصيد.

مشروع الإخوان اليوم العودة للسلطة يعيش أسوأ لحظاته؛ فقد حاضنته الايرانية، وخسر مظلته الاقيليمية، وتلقى أتباعه ضربة مزدوجة: من الداخل بانفضاض الناس من حولهم، ومن الخارج بانهيار معسكر الملالي. ومع كل هذه المعطيات، ما زالوا يحلمون بعودة الخلافة من بورتسودان، كأنهم لم يسمعوا بعد أن “القطار فات المحطة والركاب نزلوا من بدري”.

ختامًا، يبدو أن زمن “التمكين” قد تحوّل إلى زمن “التيه”، وأن من كان يبيع الأوهام باسم المشروع الإسلامي، صار الآن يبحث عن كرسي صغير في زاوية مظلمة لا يسأله فيه أحد: “أين إيران؟ وأين أنتم؟ وأين السودان؟” .

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى