بيان الشيوعي: عقد إذعان معلن للحركة الإسلامية!

بيان الشيوعي: عقد إذعان معلن للحركة الإسلامية!
إبراهيم مطر
ما من محنة أكبر من تلك التي ترزح تحتها قيادة الحزب الشيوعي الحالية، المتورطة لحد النخاع في تحالف مُربك ومُخجل، مع قتلة الحركة الإسلامية، وزعيمها “علي كرتي”. كون خطاب الشيوعيين اليوم، لم يعد يصلح حتى لإقناع طفل، بأن الحزب لم يعد سوى واجهة للحركة الإسلامية.
وكما يقول الفرنجة فإنه “إذا كانت تشبه البطة، وتصدر أصوات مثل صوت البطة وتتحرك كما تتحرك البطة فهي بطة”، لكن شيوعيين 2025، يصرون على تسمية ما تراه العين، بغير ما اعتاد الناس على تسميته، وحسب المرء من التلبيس أن يغالط في ما هو بادٍ للعيان، لا يستره عن أعين الناس شجر ولا حجر.
يريد شيوعيين 2025 أن يقولوا أننا نقول ما تقول الحركة الإسلامية، ونساند من يساندها، ونعادي من يعاديها. نثمن سياساتها، وندعم جيشها بكل ما أوتينا من قوة، ونخون من يقف في طريقها. ومن قبيل الصدفة أننا لا نتعرض للاعتقال والاغتيالات والملاحقة في مناطق سيطرة الجيش – دوناً عن غيرنا – منذ اندلاع الحرب وحتى دخولها عامها الثالث، ونحن مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ومن يرش ملالي إيران بالماء سنرشه بالدم، لكننا ومع كل ذلك لسنا حركة إسلامية، ولا نمت لها بصلة سوى أننا – ومن قبيل الصدفة البحتة أيضاً – نخدم برنامجها، ونقف على تنفيذها آناء الليل وأطراف النهار.
ويتوقع الشيوعيون من السودانيين أن يلقوا بالاً لمثل هذا الحديث الذي عادة ما يقولون بعد الفراغ من سماعه: “دا ما عندو حديث”.
وليت هؤلاء تركوا السودانيين إذ تركوهم، و”رموا طوبتهم” بعد أن باتوا كائنات مجهرية لا ترى بالعين المجردة ككيان حزبي. لكنهم – وللغرابة – ما زالوا يصرون على أداء دورهم كواجهة للحركة الإسلامية مع إصرار مماثل على إنكار هذه الحقيقة! لا زالوا يدبجون البيانات التي تخدم اللحى الزيف والدواعش قتلة أطفال السودان، على أمل أن تنتهي مثل هذه الخدعة المجربة – والتي قتلت تكراراً وإعادة – بغير ما انتهت عليه في مرات سابقات، وهو عين الغباء. لكن عذرهم إن كان لهم عذر هو أنهم لا يملكون خياراً آخر، حتى بعد أن انكشف أمرهم، وسقطت ورقة التوت التي كانت تستر عورة ما هم والغون فيه من خيانة، أخزاهم الله.
والأربعاء الماضي يصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني بياناً “مخنثاً”، يرفض فيه العقوبات الأمريكية على دواعش بورتسودان نتيجة استخدامهم السلاح الكيميائي الذي راح ضحيته العشرات من السودانيين في أمدرمان وقبلها في الهلالية! وعلى الرغم من خدعة الكوليرا التي اكتشفها الناس بعد أن مات بعض من غسلوا المتوفين المصابين بالسلاح الكيميائي بعد أربعة وعشرين ساعة من غسلهم في أمدرمان “الصالحة”، تحت سمع وبصر هذا الحزب الشيوعوكوز وقيادته الحالية.
لكن كانت ردة فعل الشيوعيين أن رفعوا شعار “لا للتدخل الامريكي”، ولم ييأسوا من محاولة إقناع الناس – مرة أخرى – بأن وقوفهم في وجه العدالة الدولية وعرقلتها بكل ما في وسعهم لصالح إخوان الشياطين، هو التعريف الأسمى للوطنية، ويقسمون مع ذلك، أنهم ليسوا مجرد واجهة أخرى للتنظيم الإرهابي.
وفي تبريره لوقوفه مع إخوان الشياطين جاء في بيان الشيوعي: “العقوبات الاميريكية المفروضة ليست من اجل مصلحة الشعب السوداني بأي حال، فهي في اهدافها القريبة والبعيدة تخدم مصالح القوى التي فرضتها، فالادارة الاميريكية تستخدم هذه العقوبات كأداة ضغط و ابتزاز للنظام القائم لتركيعه ثم فرض شروطها عليه و هو في اضعف حالاته”.
وهنا لا تملك سوى أن تسأل نفسك: “لماذا يخشى شيوعيين 2025 من تركيع النظام الإخواني في بورتسودان؟ لماذا يخافون من أن تقوم أي جهة دولية بالضغط عليه، وجعله يدفع ثمن جريمة ارتكبها بالفعل، وهي استخدام سلاح كيميائي ضد مدنيين عزل كان الحزب الشيوعي وعلى علاته يدعي – زوراً – ولسنوات الانحياز إليهم؟ فلا تجد جواباً، بل هي قيادة الحزب تجتهد في إقناع من يسمونهم بـ”الجماهير”، أن سبب رُعب الحزب من فكرة الضغط على الحركة الإسلامية أو ابتزازها بجرائمها أو محاولة تركيعها، هو خشيته من غول يسمى “الهبوط الناعم”!
أي بعبارة أخرى يقول الشيوعيون: “إياكم ومحاولة الضغط على الكيزان أو ابتزازهم أو محاولة تركيعهم وهم في أضعف حالاتهم من قبل قوى عظمى تستطيع أن تقضي عليهم بالكامل، لأن ذلك يمكن أن يؤدي للهبوط الناعم، الذي يعني عودة الإسلاميين للسلطة، التي هم موجودين على سدتها بالفعل”!
ما من أحد يرجو خيراً من غواصات الحركة الإسلامية هؤلاء في قيادة الحزب الشيوعي الحالية، ولا ينتظر منهم أن يكونوا حزباً على قدر المسؤولية بعد أن فاحت رائحة فيديوهاتهم المخزية التي جندوا بموجبها لجهاز الأمني الإخواني، لكن من يهمس في أذنهم بأنه وبما أن المسرح احترق فليست هناك جدوى من مواصلة التمثيل. ألا لعنة الله على المنافقين.