الكيماوي ليس وحده ياهؤلاء!!

الكيماوي ليس وحده ياهؤلاء!!
دار السلام وداعة
في شوارع الخرطوم و مدن السودان
لا أحد يصرخ من الألم لأن الهواء نفسه صار مسمماً
أجساد المدنيين تتساقط بصمت
أطفال يموتون بلا جروح
و نساء يجهضن في بيوتهن دون أن يعرفن السبب
يقال لنا (إنها الكوليرا)
بينما في الحقيقة هناك غازات سامة تنهش أرواحاً بلا صوت و لا لون و لا إنذار
لا تُرى لكنها حاضرة في وحدات العناية المركزة الفارغة وفي المقابر الجماعية التي تتسع كل يوم.
القتل بالكيماوي ليس جديداً في السودان، فقد وثقت منظمة (العفو الدولية) استخدامه في دارفور منذ العام 2016 حيث كشف في تقرير صادم عن وقوع أكثر من (30) هجوماً كيميائياً في منطقة جبل مرة مما تسبب في مقتل مئات المدنيين و أغلبهم من الأطفال، و اليوم تتكرر الكارثة لكن على نطاق أوسع و ساحات أرحب حيث يشاهد العالم ذلك دون أن يتحرك.
في يناير 2025 أصدر تحالف الحقوق السوداني بياناً وثق من خلاله استخدام (أسلحة كيميائية) ضد المدنيين في الخرطوم و دارفور، مؤكداً أن هناك أدلة متزايدة على استخدام (غازات) محرمة دولياً مثل الخردل و السارين، كما أشادت جهات حقوقية أخرى بشجاعة الأطباء و الناشطين الذين وثقوا الحالات رغم الخطر.
في مايو من نفس العام فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات جديدة على السودان على خلفية هذه الانتهاكات مطالبة بإجراء تحقيق دولي مستقل و محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان.
و اليوم تمددت الحرب و لم تعد تفرق بين (عسكري) و (مدني) و لا بين بيت و سوق و بين أم و جنينها حيث تلقي الطائرات الغازات القاتلة ثم تنكر وتُسمي الجرائم أوبئة و يدفن الضحايا بصمت لكن كم خلف وبائها وراءه أطفالاً ماتوا و إجهاضاً جماعياً للنساء؟ و من الذي يملك الجرأة ليقول الحقيقة؟.
لقد انسحبت قوات الدعم السريع من مناطق كثيرة و مع ذلك الغازات لا تزال تُطلق دون أن تُعلن حالات الطوارئ و لم تُخلَ الأحياء لأن الناس لا يُعاملون كأرواح بل كدروع بشرية تُترك عمداً في مرمى النيران و كأن أرواح المدنيين لم تعد تستحق النجاة أو حتى الحماية الأولية.
النساء في قلب المأساة وأوضاعهن ليست بمعزل عما يجري حيث لا زلن يدفعن أثماناً باهظة فيغتصبن و يهجرن و يعذبن و يُقتلن في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية.
(مريوما) عُذبت و أُغتصبت و أُهينت فقط لأن لون بشرتها داكن و لم يؤخذ كبر سنها بالحسبان و لا كرامتها فكانت ضحية لنظرة ترى في سمار الوجه سبباً كافياً للعقاب
تحت قانون الوجوه الغريبة حيث تُعدم النساء تُنتهك أجسادهن و تُنتزع أرحامهن بدم بارد
كما لو أن فيها خطراً يجب استئصاله.
الحياة أصبحت هدفاً مشروعاً، فالمدارس والمستشفيات والأسواق والجامعات كلها أهداف ليست لأنها مواقع عسكرية بل لأنها تدل على أن ما زال هناك أحياء في السودان وكل ما يدل على الحياة صار هدفاً مشروعاً و كل ما يشير إلى الصمود يُمحى عمداً.
لا للحرب على حساب المدنيين، لا أحد يملك الحق في خوض حرب على حساب المدنيين
لا باسم الوطن و لا باسم الجيش و لا تحت لافتة محاربة قوات الدعم السريع إذا كانت الحرب على عدو فلتُخض بعيداً عن الأطفال و النساء و المراكز و ليكن القانون الدولي هو الحكم لا لغة السلاح.
وهنا نطلق نداء عاجلاً إلى كل الجهات الإنسانية و الأممية إلى الهلال الأحمر
إلى منظمة الصحة العالمية إلى الضمير العالمي إن ما يحدث في السودان ليس أزمة عابرة بل جريمة مستمرة يجب أن تتوقف وان الكيماوي ليس وحده القاتل فهناك أيضاً الكراهية والتضليل والعنصرية وهناك صمت عالمي يشبه التواطؤ و تكرار الكارثة أمام أعين الجميع دون تحرك يجعل كل ساكت شريكاً في الجريمة.
الشعب السوداني لا يطلب المعجزات
فقط أن يُسمع صوته
و أن تُحمى أرواحه
و أن تُوثق دماؤه
لا تتركوا هذا الشعب يختنق
أنقذوا السودانيين .
مدافعة عن حقوق الانسان