مؤبد وإعدامات.. حملة “بلّغ عن متعاون” ترعب السودانيين

أطلقت أذرع إعلامية موالية لسلطة بورتسودان مؤخراً حملة باسم “بلّغ عن متعاون”، في تصعيد مقلق لخطاب التحريض ضد المدنيين، فبينما اعتبرت منظمة حقوقية أنها “تؤجج مشاعر الكراهية بين السودانيين”، رصدت وسائل إعلام محلية انتهاكات متجددة ضمن الحملة.

وتُستخدم الحملة، بحسب إدانات حقوقية، كأداة لترويج التخوين وبث الكراهية، وتشجيع الإبلاغ غير المبني على أدلة قانونية ضد المدنيين، إذ تستند كثير من البلاغات إلى “شبهات”، كما تذهب أخرى نحو “الكيدية” وتصفية الخلافات الشخصية.

وفي بيان شديد اللهجة، قالت منظمة “محامو الطوارئ في السودان” إن الحملة باتت “أداة للتنكيل بالمدنيين”، متهمة الاستخبارات العسكرية للجيش وجهاز الأمن والمليشيات المتطرفة وكتائب الحركة الإسلامية بشن “حملات اعتقال تعسفية، رافقتها انتهاكات خطيرة”، داعية إلى وقف الحملة فوراً، ومحاسبة كل من يروّج لها.

وكشفت وسائل إعلان سودانية عن توجيه اتهامات “فضفاضة” لبعض المعتقلين الذين قد يواجهون أحكاماً مشددة تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد أو الإعدام، في ظل محاكمات “شكلية”، فيما تعرّض آخرون إلى الابتزاز لدفع مبالغ طائلة مقابل الإفراج عنهم.

لكن الأخطر بحسب بيان “محامو الطوارئ” أن كثيراً من الحالات لم تصل إلى السجن أو المحاكمة، بل تم تنفيذ “العقوبة بشكل فوري” وذلك عبر توثيقها حالات جرت فيها تصفية ميدانية، وإخفاء قسري، خاصة في ولاية الخرطوم.

تهمة قديمة وحملة جديدة

تُعد تهمة “التعاون” قديمة وسبق أن استغلتها سلطات بورتسودان بشكل تعسفي ضد السودانيين، إذ يتم توقيف المشتبهين بناء على انتماء جهوي أو عرقي، قبل تقديمهم إلى المحاكمات الشكلية، التي يرى قانونيون أنها تعزز خطاب الكراهية والتمييز العرقي، ما يهدد وحدة وتماسك البلاد.

ويُقصد بـ “التعاون” التعامل مع قوات الدعم السريع، وهي تهمة يرى متابعون أنها تهدف أولاً إلى إيذاء الحاضنة الشعبية لها، كما تعبّر سلطة بورتسودان من خلالها عن الانتقام من تراجع شعبية قائد قواتها عبد الفتاح البرهان، الذي يواجه اتهامات دولية صريحة بارتكاب جرائم حرب.

وتستند الحملة الجديدة التي أطلقتها أذرع إعلامية موالية لسلطة بورتسودان، إلى قرار سابق كان قد أصدره البرهان في أغسطس 2023، بتشكيل لجنة تحقيق ضد كل يثبت تورطه بـ “معاونة” قوات الدعم السريع.

وكان القرار حينها، والذي جاء بعد نحو أربعة أشهر من الصراع، قد تزامن مع خسارات جغرافية كبيرة لقوات البرهان، ما اعتبره مراقبون “انتقاماً” من المدنيين الذين تعد حمايتهم “مسؤولية لا تسقط بالحرب”.

وبعد أيام من صدور القرار ذكرت وسائل إعلام، مقرّبة من البرهان، أنه تم توجيه أكثر من 15 ألف اتهام لـ “متعاونين” مع قوات الدعم السريع، ما اعتبرته منظمات حقوقية “تعسفاً وإفراطاً” في استخدام القانون، معتبرة أن سيادة العدالة تمثل الركيزة الأساسية لأي تسوية مستدامة أو استقرار حقيقي في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى