تعيين كامل إدريس يفاقم الانقسام داخل معسكر البرهان

أثار تعيين قائد قوات بورتسودان عبد الفتاح البرهان، كامل الطيب إدريس رئيس وزراء جديدا للسلطة القابعة تحت سيطرته، المزيد من الانقسام في معسكر البرهان، وسط انتقادات للقرار وتأكيد عدم شرعيته.

وعكس التعيين، حالة من الارتباك والتخبط السياسي، من سلطة فاقدة للشرعية، حسب محللين ومعارضين سودانيين.

وقال ناشطون في بورتسودان إن رئيس الوزراء الجديد الذي عينه البرهان، يمثل التقلب السياسي، واصفينه بأنه “شخص متناقض لا يبحث سوى عن مصلحته الشخصية”، مشيرين إلى أنه تنقل بين عدة تيارات سياسية دون التزام حقيقي.

وأضاف النشطاء أن الرجل كان في وقت سابق عضوا غير فاعل في الحزب الشيوعي، ثم نشط في صفوف الجبهة الديمقراطية والاتحاد الاشتراكي، قبل أن يقترب لاحقا من “الكيزان” الإخوان المسلمين.

وأضافوا أن ترشحه في انتخابات عام 2010 ضد الرئيس المخلوع عمر البشير، جاء بطلب من “الكيزان” أنفسهم، بغرض منح العملية الانتخابية مظهرا من التعددية والشرعية.

وإدريس تلاحقه العديد من اتهامات الفساد، أبرزها تزوير تاريخ ميلاده للبقاء مدة أطول في المنظمة الدولية للملكية الفكرية التي كان يرأسها، ففي عام 2006 قام إدريس بتغيير سنة ميلاده من 1945 لـ 1954م بحجة خطأ مطبعي.

وثيقة “غير دستورية

في فبراير الماضي، أجرى البرهان تعديلات على الوثيقة الدستورية الحاكمة لعام 2019، ليصبح صاحب سلطة مطلقة.

ويأتي تعيين كامل الطيب إدريس، رئيسا للوزراء، على وقع هذه التعديلات، التي وصفها عدد من الخبراء في القانون الدستوري، بأنها أجندة سياسية تعبر عن توجه أكثر من البرهان لتمتين تحالفه مع “الإسلاميين” وتمكينهم من السلطة  الكاملة في البلاد.

وعقب انقلاب البرهان على الحكومة المدنية في أكتوبر2021، علّق الاتحاد الأفريقي، عضوية السودان في المنظمة القارية، رهن إعادتها بعودة الحكم المدني الديمقراطي في البلاد.

ومنحت التعديلات على الوثيقة الدستورية البرهان حق تعيين وإعفاء رئيس الوزراء؛ ما يعني فعليا استمراره الحاكم الفعلي في بورتسودان خاصة وأن صلاحيات رئيس الحكومة محدودة للغاية، أي أنه لا يستطيع اتخاذ أي قرار بتعيين أعضاء حكومته دون الرجوع إلى البرهان.

وقال رئيس حزب الأمة، مبارك الفاضل المهدي، إن حكومة تصريف الأعمال التي انتقلت إلى بورتسودان بعد اندلاع الحرب، لايزال وضعها مخالفاً للوثيقة الدستورية، وتظل كل التعينات غير دستورية.

وأضاف في تدوينة على منصة “إكس” أن قرار تعيين، كامل إدريس الطيب، لرئاسة الوزارة يجيء على أرضية الوضع الشمولي الذي نشأ على الوثيقة الدستورية المعدلة.

وأشار إلى أنه “دون سلام ومصالحة وطنية شاملة، واستعادة الحكم المدني، لا قيمة لأي تعيينات في ظل الحرب وغياب الشرعية”.

وتنص المادة 17 في الوثيقة الدستورية على عدم جواز تعيين أي شخص يحمل جنسية أخرى في منصب وزاري، في وقت يحمل رئيس الوزراء المعين حديثاً جنسية أجنبية.

محاولات لكسب الشرعية

في حين يمضي البرهان في خطواته الأحادية تلك، لإكساب حكمه شرعية، تزايدت الدعوات الإقليمية والدولية لوقف الحرب في السودان، عبر مفاوضات تجمع الأطراف المتحاربة للوصول إلى حل سلمي.

ورأى تحالف السودان التأسيسي” تأسيس” أن تعيين رئيس وزراء جديد، لا يمنح مجموعة بورتسودان والقوى المتحالفة معها أي شرعية، مشيراً إلى أن القرار جاء كرد فعل استباقي من البرهان على اقتراب “تحالف تأسيس” من إعلان حكومة “السلام والوحدة” في كل أنحاء البلاد.

وقال القيادي بالحركة الشعبية، عضو تحالف تأسيس، جاتيقو اموجا دلمان، لــ”إرم نيوز” إن خطوة البرهان، بتعيين رئيس وزراء، تمت بتوجيهات إقليمية بغرض تحسين صورة سلطة بورتسودان التي تعاني من هزائم عسكرية وسياسية ودبلوماسية متواصلة، بالإضافة إلى ما وصلت اليه الأوضاع الإنسانية إلى حالة الكارثة.

وأضاف أن تعيين كامل إدريس، لا يعني السودانيين في شيء، باعتبار أن السلطة التي قامت بتعيينه تفتقد الشرعية، ولا يمتلك قائد الجيش حالياً أي سلطة دستورية، فقط يريد أن يرسل رسالة داخلية وخارجية مفادها بأنه ابتعد عن الاسلاميين.

وأشار إلى أن هذا المنصب “شرفي وصوري” ومن دون صلاحيات، حيث إن  الوثيقة الدستورية المعدلة، جردت رئيس الوزراء من كل سلطاته، لكن يبدو  أن إدريس” هو الآخر يبحث عن هذا المنصب، الذي أثار بطبيعة الحال الانشقاقات في معسكر البرهان.

وقال الخبير القانوني، المنتصر أحمد، إن التعديلات التي تم أجراؤها أخيراً، أنشأت وثيقة دستورية مشوهة على أنقاض السابقة، وأي تعيينات على أساسها باطلة.

وأضاف أن البرهان كرس كل السلطات بيده، ومنحته هذه التعديلات وضع  السياسة الخارجية والإشراف على تنفيذها، بالإضافة إلى إعلان الحرب، وحالة الطوارئ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى