بعد وقف تسليحها.. نُذر مواجهة وشيكة بين الجيش و”ميليشياته”

يُنذر قرار قيادة الجيش السوداني بوقف تسليح الميليشيات المتحالفة معه، بتصعيد قد يرقى إلى المواجهة المسلحة، بعد عامين من “تحالف المصالح” الذي جمعهما مع بدء الصراع في البلاد، وهو التحالف الذي شهد هزات عديدة مؤخراً، بلغت حد التحذير من “انقلاب إخواني” وشيك.

وكانت وسائل إعلام محلية، كشفت عن وقف الجيش السوداني تزويد الميليشيات المتحالفة معه بالسلاح، منذ مطلع مايو الحالي، على أن يقتصر إمدادها بالذخائر فقط.

واستهدف القرار “المفاجئ” بالدرجة الأولى ميليشيا “البراء بن مالك”، ثم “البنيان المرصوص”، وهما إخوانيتان وتشكّلان بحسب مراقبين، مصدر قلق لقيادة الجيش بالنظر إلى قوتهما ودرجة تسلحيهما وتمدد عناصرهما داخل الجيش، خصوصاً بعد أنباء سابقة حذّرت من خطر “انفلات” داخل المعسكرات، مع رصد شعارات “متطرفة” في إشارة إلى عناصر إخوانية من أنصار الرئيس المخلوع، عمر حسن البشير.

وبينما استهدف قرار حظر تزويد السلاح ميليشيات صغيرة أخرى منها “الكتائب الثورية”، فضلاً عن ميليشيات من حركات دارفور، كان لافتاً ورود “قوات درع السودان”، وهي المشكلة “المزمنة” لقادة الجيش، بالنظر إلى سجلّها المروّع في ارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين، وكانت هدفاً دائماً لانتقادات حقوقية دولية.

المواجهة تقترب

يضاف قرار وقف تسليح الميليشيات إلى سلسلة من الأحداث الأخيرة التي خرجت من نطاق التسريبات، إلى التصريحات العلنية، والتي تؤكد قرب المواجهة المسلحة داخل “تحالف الجيش”، الذي لم يعد بعيداً عن مواجهة الانشقاق أو ربما “انشقاقات”.

آخر تلك التصريحات وأعلاها مستوى، تلك التي أدلى بها نائب قائد الجيش، الفريق شمس الدين كباشي، عندما قال صراحة إن “انتشار السلاح، يظهر تحدياً أخطر من العدو الظاهر”، داعياً إلى إبعاد القوات المقاتلة من المدن التي سيطر عليها الجيش، على أن تؤول مهام حفظ الأمن إلى الشرطة.

ومع اتساع المناطق التي يسيطر عليها الجيش، برزت أطماع لدى الميليشيات المتحالفة معه بـ “اقتطاع” بعض تلك المناطق، وفرض سيطرة ميليشاوية عليها وحشد أكبر مجموعات قبلية تخوض صراعا تغلب عليه الصفة الأهلية، لاقتسام السلطة والمال مع الجيش، وهو الأمر الذي دفع سلطة بورتسودان  إلى الدفع بقوات شرطية إلى تلك المناطق.

ولحظة الانفجار، بحسب مراقبين، ليست بعيدة، إذ تغذيها داخلية، امتدت إلى داخل تنظيم الإخوان نفسه، الذي بات منقسماً إلى عدة ميليشيات مسلحة، ما ينذر بنشوب “حروب” داخل الحرب الأهلية، خصوصاً أن الجناح الإخواني في الجيش يعارض أي جهود لوقف “الحرب الكبرى” في البلاد، قبل السيطرة “الكاملة” على السلطة.

وتصاعدت مؤخراً حدة الانتقادات النخبوية والشعبية ضد “التمدد الإخواني” في الجيش، من جهة، وضد “الحكم العسكري”، للبلاد، إذ تنشر وسائل إعلام سودانية آراء ساخطة ضد من يعرقلون الانتقال إلى “حكم مدني ديمقراطي”.

وتشير قوى سودانية وشخصيات سياسية إلى أن الجيش لا يزال أسيراً لتلك العلاقة التاريخية، ومُثقلاً بميراث من الولاءات، وشبكات المصالح، مؤكدة أن الأزمة ليست طارئة بل هي نتاج لتحالف قديم مستمر، بين المؤسسة العسكرية وتنظيم الإخوان المسلمين “الكيزان”.

ويرى مراقبون أن الانفلات الأمني ونُذر الاحتراب بين الجيش والميليشيات المتحالفة معه، نتيجة طبيعية لمحاولة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، تكرار نموذج الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، الذي قد يؤدي في النهاية إلى عودة الإخوان إلى السلطة.

كما يؤكدون أن أي إجراءات سيقوم بها الجيش للحدّ من نفوذ الكتائب الإخوانية ستكون “متأخرة” بعد التمدد الكبير لها في الجيش والمدن التي تقع تحت سيطرته، إضافة إلى تسلّحها بأحدث الأسلحة والتقنيات، ما يجعل المواجهة معها مكلفة وغير مضمونة في الحسم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى