إلى المتاجرين بإثارة قضايا المرأة

تعلموا قبل أن تتكلموا..

الشرع جاء بالعدل، وقد يكون من العدل التسوية في الأحكام بين المرأة والرجل وقد يكون العدل في عدم التسوية..

أتأسف أن كثيراً من المسلمين وكثيراً من المسلمات حجبوا أنفسهم عن العلم بالأحكام الشرعية ومقاصدها، وأدى ذلك الجهل إلى زعزعة قناعاتهم والتشكك فيها.. وقد تاجر ويتاجر بعض من في قلوبهم مرض أو زيغ بقضايا المرأة وأحكام التشريع التي وردت في بعض الأحكام التي تختص بها.

والعلم هو البصيرة للقلب … كما أن العين هي بصيرة البدن ..

نشراً للحق في هذه القضية أقتبس من بحثي في نقد اتفاقية (سيداو) في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية ما يلي :

إن الإسلام قد أحل المرأة المكانة اللائقة بها في ثلاثة مجالات رئيسة:

1ـ المجال الإنساني: فاعترف بإنسانيتها كاملة كالرجل، وهذا ما كان محل شك أو إنكار عند أكثر الأمم سابقاً.

2 ـ المجال الاجتماعي: فقد فتح أمامها مجال التعلم، وأسبغ عليها مكاناً اجتماعياً كريماً في مختلف مراحل حياتها منذ طفولتها حتى نهاية حياتها، بل إن هذه الكرامة تنمو كلما تقدمت في العمر: من طفلة إلى زوجة، إلى أم، إلى حيث تكون في سن الشيخوخة التي تحتاج معها إلى مزيدٍ من الحب والإكرام والوفاء والتقدير.

3 ـ المجال الحقوقي : فقد أعطاها الأهلية المالية الكاملة في جميع التصرفات حين تبلغ سن الرشد.

ومع هذا فإننا نجد أن الإسلام قد فرق بين الرجل والمرأة في بعض الأحكام، ومن المؤكد أن هذا التفريق لا علاقة له بالمساواة بينهما في الإنسانية والكرامة – بعد أن قررها الإسلام لها على قدم المساواة مع الرجل – بل لضرورات خلقية واجتماعية واقتصادية ونفسية اقتضت ذلك.

وكل حكم كان فيه الاختلاف بين المرأة والرجل فهو إما أن يرجع إلى الاختلاف في الخلقة والتكوين أو الاختلاف في الواجبات..

فلما اختلف هذان الأمران بين الرجل والمرأة كان العدل عدم التسوية بين الأحكام. فالشرع جاء بالعدل ولم يأت بالمساواة لأنه ليس من العدل المساواة في بعض الأحكام.

إن الإسلام بعد تقرير المساواة بين الرجل والمرأة في معنى الإنسانية والكرامة البشرية, والحقوق التي تتصل مباشرة بالكيان البشري المشترك والمساواة في عموم الدين والتشريع, يفرق بين الرجل والمرأة في بعض الحقوق وبعض الواجبات, تبعاً للاختلاف الطبيعي الحاسم بينهما في المهام والأهداف, والاختلاف في الطبائع التي جبل عليها كل منهما, ليؤدي بها وظيفته الأساسية, وهنا تحدُث الضجة الكبرى التي تثيرها المؤتمرات الخاصة بالمرأة وروادها, ويثيرها مقلدوها في العالم الإسلامي, المروجُون لفكرة المساواة التماثلية بين الجنسين.

إن أي فكرة أو دعوة تقوم على مصادمة السنن الاجتماعية والفطرة البشرية مصيرها الفشل الذريع, والخسران المبين, وهذا سبب فشل حركات تحرير المرأة . 

كما أن المرأة تتضرر قبل الرجل بتطبيق ما دعت إليه اتفاقية سيداو وما شابهها مما يعقد في تلك المؤتمرات وبصدق على كثير منها أنها (مؤامرات)، فتكلف في الأعمال والأعباء والإنفاق ما يثقل كاهلها ولا يتناسب مع طبيعتها وتكوينها الخَلْقي. وفي تأكيد ذلك شهادات جماعية وفردية لنساء شهدن بأنهن المغبونات والمغشوشات بما أقدمن عليه من العمل في ميادين لا تتناسب مع خلقتهن ومهامهن في الحياة، (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) .

فإن المقاصد الشرعية لها رعايتها في تشريع الأحكام في دين الإسلام، لذلك راعت الشريعة الفوارق بين الجنسين، وقصدت التفريق بينهما في بعض الأحكام لتتلاءم مع خلقة وتكوين كل منهما، ومن تأمّل ذلك وتدبره يجده من الوضوح بمكان، بلا خفاء أو التباس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى