“ميل آند قارديان”: حمدوك سينجح في الحصول على إعفاء الديون الخارجية

ترجمة إنصاف العوض

وصفت صحيفة “ميل آند قارديان” البريطانية المشكلات السياسية والاقتصادية التي وصفتها بالعميقة بالأكثر صعوبة من التوصل إلى اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير الذي تتطلب شهوراً طويلة من التفاوض والوساطة، وقالت إن حل المشكلات السياسية والاقتصادية العميقة في السودان أصعب من التفاوض حول صيغة تقاسم السلطة، وأضافت أن رئيس الوزراء المعين حديثًا عبد الله حمدوك ليس لديه شك بشأن التحدي الذي يواجهه، وأرجعت الصحيفة فشل السودان فى الحصول على إعفاء من الديون الخارجية  بسبب خضوعه لعقوبات الأمم المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، والعقوبات المالية الأمريكية كونه”دولة راعية للإرهاب” بعد إيواء نظام البشير لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بين عامي 1991 و1996.
مهام خطيرة
وقالت الصحيفة إن البلدان المثقلة بالديون استغرقت سنوات عديدة للتفاوض على إعفاء الديون، إلا إن إدارة حمدوك ستحتاج إلى بضعة أشهر فقط القيام بذلك، وأضافتك أنه في حال إذا أرادت الحكومة الحصول على الأموال التي تحتاجها للتغلب على أزمة الاقتصاد الكلي الحالية يحتاج حمدوك أيضًا إلى تقليص ميزانية الدفاع، التي تستوعب أكثر من نصف الإنفاق الحكومي، واصفة التدخل في مؤسسات الجنرالات بالمهمة الخطيرة، وقطعت الصحيفة بنجاح حمدوك في إدارة ملف السلام مع الحركات المسلحة، وقالت إن انتماء حمدوك لولاية غرب كردفان المجاورة لمناطق النزاع فضلاً عن قناعة قادة الجماعات المسلحة بأن الحكومة الجديدة هي أفضل فرصة للسلام، وإلا فإن عليهم الانتظار لأكثر من عشرة أعوام أخرى.

وقالت الصحيفة إن الحركة السودانية المؤيدة للديمقراطية حققت أكبر نصر لها بجعل المجلس العسكري يوافق على حكومة مدنية.
إذ توصلت “قوى الحرية والتغيير” إلى اتفاق مع الجنرالات الذين تولوا السلطة بعد سقوط الحاكم عمر البشير وافقوا بموجبه على فترة انتقالية مدتها 39 شهرًا وخلال هذا الوقت، ستكون السلطة السودانية النهائية هي مجلس سيادي يتألف من خمسة مدنيين وخمسة جنرالات، مع وجود عضو حادي عشر يرأسه – في البداية جندي، ومدني لاحقًا.

جرعة حظ

وأضافت سيتعين على حمدوك، الذي قضى معظم حياته المهنية في العقد الماضي داخل العديد من المؤسسات بما في ذلك لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، التعامل مع عدد من التحديات إذ سيكون تعيين حكومته الجديدة هو التحدي الأول، بينما ستكون إدارة التحدي الاقتصادي في السودان من أولوياته.
ويقول  أليكس دي وال المحلل السياسى الأمريكي المختص في الشؤون السودانية والقرن الأفريقي  “لتحقيق أهداف ثورة السودان، سيحتاج إلى كل مهاراته، والكثير من النوايا الحسنة، وجرعة الحظ ويضيف أنه ليس سياسياً. إنه خبير اقتصادي، وهو تقني قضى العقود الماضية في بنك التنمية الأفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا.

ويرى دي وول أن التفاوض حول صيغة تقاسم السلطة كان صعباً بما فيه الكفاية، إلا أن حل المشكلات السياسية والاقتصادية العميقة في السودان ستكون المهمة الأصعب وحمدوك ليست لديه شكوك حول التحدي الذي يواجهه 
وخلال الأيام المقبلة، من المتوقع أن يعين فريقاً من الخبراء  المختصين.
وفي خطاب ألقاه بعد توليه منصبه، حدد السيد حمدوك أولوياته – الاقتصاد والسلام.

تحديات اقتصادية
ووفقاً للصحيفة، فإن السودان يعيش أزمة اقتصادية عميقة إذ  خرج المتظاهرون الذين أسقطوا البشير إلى الشوارع في ديسمبر بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة، ولم يعد الأشخاص الذين يعتمدون على الرواتب قادرين على شراء الخبز؛ التجار والمزارعون لا يستطيعون شراء الوقود؛ وكانت البنوك وأجهزة الصراف الآلي تقوم بتقنين كميات ضئيلة من النقد، كما ان التضخم والنقص في العملة كان لهما تأثير طويل الأجل على الدين الحكومي، وهو مبلغ هائل يقدر بأكثر من 50 مليار دولار، أي أكثر من 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
كما يعاني السودان من نقص مزمن في النقد الأجنبي، بعد خسارة معظم حقوله النفطية عندما انفصل الجنوب في عام 2011.

وفشل السودان في الانضمام لقائمة الدول الفقيرة التي تم  إلغاء ديونها الخارجية بسبب عقوبات الأمم المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، والعقوبات المالية الأمريكية عن كون ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد إيواء نظام البشير زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بين عامي 1991 و1996.
لقد استغرقت البلدان المثقلة بالديون سنوات عديدة للتفاوض على إعفاء الديون، إلا أن إدارة حمدوك ستحتاج بضعة أشهر فقط للقيام بذلك حال  أرادت الحكومة الحصول على الأموال التي تحتاجها للتغلب على أزمة الاقتصاد الكلي الحالية.

عودة دولية

ويقول دي وول إن دول الخليج ممثلة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة  ابدت حسن نية كبيرة عندما قدمت الدعم للجنرالات عقب سقوط البشير، إلا أنها تحتاج إلى التحول من المساعدات النقدية وهدايا الطعام والوقود والأدوية إلى دعم خطة منسقة لإعادة السودان إلى المؤسسات المالية الدولية الفاعلة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

 وفي مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء، قال السيد حمدوك إنه بدأ بالفعل محادثات مع الهيئتين لمناقشة إعادة هيكلة ديون السودان المؤجلة.
وستحتاج الولايات المتحدة أيضًا إلى إزالة السودان من الدول الراعية لقائمة الإرهاب، وبالتالي رفع الحظر الفعلي على وصول السودان إلى النظام المالي الدولي القائم على الدولار.
وتعتبر هذه هي البداية فقط، فمنذ أن انتهت عائدات النفط فجأة قبل ثماني سنوات شكل كل من  الذهب والإيرادات من نشر القوات في اليمن لدعم القوات السعودية الموردين الاساسيين للعملات الأجنبية.
يحتاج السيد حمدوك أيضًا إلى تقليص ميزانية الدفاع، التي تستوعب أكثر من نصف الإنفاق الحكومي، غير أن فرض نظام تقشف على الجنرالات مهمة خطيرة.

مفاوضات عصية
والملف الكبير الآخر على مكتب رئيس الوزراء الجديد هو السلام مع المتمردين المسلحين، ورغم وجود وقف لإطلاق النار  إلا أن الحروب المستمرة منذ فترة طويلة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لم تحل،
وهناك ثلاث مجموعات متمردة رئيسية في دارفور وتمرد منفصل في جنوب كردفان والنيل الأزرق من قبل الجيش الشعبي لتحرير السودان قطاع الشمال،  وهو إرث من الحرب السابقة بين الشمال والجنوب، حيث انضمت الشعوب غير العربية من هذه المناطق إلى إخوتهم الجنوبيين في القتال ضد الخرطوم.
وتنقسم قوات المتمردين هذه أيضًا إلى فصيلين. ولحسن الحظ، المتمردون لا يقاتلون بعضهم بعضًا، لكن حملهم على الاتفاق قد استعصى على الوسطاء.
وتشعر الجماعات المسلحة بالضيق، لأن أجندة صفقة أفضل لشعوب السودان المهمشة قد تم تغييرها باختصار بسبب اتفاق تقاسم السلطة بين الجنرالات والقوى المدنية مما دفعهم للمطالبة بالتمثيل في المجلس السيادي والحكومة المدنية وتم رفض عرضهم.
وترى الصحيفة أن حمدوك في وضع جيد يؤهله للتفاوض مع المتمردين كونه  من غرب كردفان، وهي منطقة مهمشة، وقد نصح الوسطاء الأفارقة والأمم المتحدة العاملين في السودان، وكذلك قادة المتمردين أنفسهم بالتفاوض معه مباشرة.
والأهم أن قادة الجماعات المسلحة أنفسهم يعلمون جيدًا أن الحكومة الجديدة هي أفضل فرصة للسلام. إذا فاتهم ذلك فقد يحتاجون إلى الانتظار عشرات السنوات للحصول على فرصة مشابهة.
كما أن إحدى القضايا التي ستحتاج إلى معالجة دقيقة هي المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان والفساد لتحقيق أهداف ثورة السودان، ويرى دي وول أن نجاح حمدوك في مهمته الوطنية سيحتاج إلى كل مهاراته، والكثير من النوايا الحسنة، وجرعة الحظ.

    

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى