السلام المطلوب ومقوماته

لقد أنهكت الحرب المواطن في تلك المناطق، دمرت وخربت وأهلكت الحرث والنسل وشردت الأسر بعد أن فات على أطفالها فرصة التعليم وشاعت الرذيلة في المعسكرات، والحركات تتماطل وتتردد في الإقبال على السلام طيلة فترة الحكومة السابقة، بل بعضها ألقى السلاح واتفق مع الحكومة بعد أن استوزر أو نال نصيبه من كيكة الحكم، ولم يكن هناك أي شرط في تلك الاتفاقيات يشير إلى معاناة المواطن أو قضاياه الملحة من خدمات في الصحة والتعليم والبنية التحتية إلا بصورة مجملة أعطت الحكومة فرصة للمراوغة في التنفيذ بل كان هم تلك الحركات في كيف تصل إلى ما تريده هي، وكنا نظن أن ما تبقى من حركات ولم يوقع مع حكومة الإنقاذ هدفها الأول إسقاط النظام ثم بعدها تأتي لتطرح قضاياها أو قضايا مناطقها على الوضع الجديد، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، بل ظلت المماطلة والمراوغة مستمرة، وكنا نتوقع من هذه الحركات أن تطرح قضايا معينة لها صلة بالمواطن ومعاناته، مثلاً: أن يقولوا نريد الطريق الفلاني أن يربط بين الإقليم والعاصمة أو مستشفى في منطقة معينة أو جامعة أو مشروع زراعي، لكن للأسف لم يكن من أولوياتهم ذلك، بل ظل الحديث عن المحاصصة والحكم والتحدث العاطفي عن التهميش والتمييز والذي أصبح لا يهم المواطن كثيراً بقدر ما يهمه أن يجد ما فقده بسبب الحرب التي زادته تهميشاً، وقد افقدته الزرع والضرع وصارت يده السفلى بعد أن كانت العليا ينتظر الهبات والمعونات. فإذا كان لا بد من التحدث عن السلام وقد جعلته هذه الحكومة من أولوياتها يجب أن ينحصر في ماذا يريد أهل تلك المناطق؟ وماذا فقدوا بسبب الحرب؟ وما هي الأولويات التي تبدأ بها التنمية الحقيقية لتلك المناطق؟ يجب أن يعرض هذا الطرح على الحركات وأن يذهبوا إلى مناطقهم ويأتوا بقائمة من المطلوبات بعد أن يستشيروا المواطن ماذا يريد ومن أين يبدأ؟ يجب أن لا يكون هناك أي مجال للتحدث عن محاصصة والإشراك في حكومة انتقالية لها أجل معدود وبرنامج محدود وشرطها الكفاءة وشعارها كيف يُحكم السودان وليس من يحكم السودان والذي أمن عليه رئيس الوزراء حمدوك حكومة ليس لها تفويض أن تبرم اتفاقيات طويلة الأجل قد يقرها البرلمان المنتخب أو يعدلها أو يرفضها. والسلام بهذه الصورة التي طرحناها ما أظن المواطن يرفضه ولذلك يصبح الحديث عن تفاوض مع الحركات بحضور أشخاص معينة غير مفيد إلا إذا قبلوا ذلك الطرح والسلام بصورته تلك والذي يعني المواطن وما يريده وليس السلام الذي تريده الحركات وهذا لا يمنع أن تتصل الحكومة بمواطني تلك المناطق إذا استعصى الوصول للاتفاق مع الحركات وأن تسمع منهم ما يريدون في كل المجالات الخدمية وأن تنفذ ما تستطيعه خلال الفترة الانتقالية.

E-mail:[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى