موقع أمريكي: اختبارات عسيرة تنتظر تشكيل حكومة حمدوك

قال إنّها ستُحظى بتأييدٍ شعبي هائلٍ

ترجمة: إنصاف العوض

أكد موقع ميامي الأمريكي، مُواجهة أعضاء الحكومة التي من المتوقع أن يعلنها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، سلسلة من التحديات أهمها إعادة بناء الاقتصاد وإنهاء الصراعات الداخلية، وأوضح الموقع أن رئيس الوزراء سيقوم بتسمية وزرائه من قائمة الترشيح التي قُدِّمت له من مجلس السيادة.
وقال حمدوك للموقع: تَسَلّمت قائمة المرشحين المُكوّنة من 49 مرشحاً لـ14 وزارة، مُؤكِّداً أن حكومته ستراعي التمثيل العادل للمرأة، مبيناً بأنه يتطلع إلى إنشاء فَريقٍ مُتجانسٍ لمُواجهة تلك التحديات مبنيٌّ على الكفاءة.
ووفقاً للموقع من المُتوقّع أن يتألف مجلس الوزراء من 20 وزيراً بحد أقصى، يختارهم حمدوك إلى حدٍّ كبيرٍ باستثناء وزيري الداخلية والدفاع، اللذين سيتم اختيارهما من قبل الأعضاء العسكريين في الهيئة الحاكمة بالسودان، مُضيفاً بأن السلام والاقتصاد من أهم الاختبارات العسيرة التي تنتظر حكومته.

 تأييد شعبي

وأضاف الموقع بأنّ الحكومة المُقبلة ستتمتع بتأييدٍ شعبي هائلٍ في مُواجهة التحديات المُقبلة، مُشيراً إلى أنه يتعيّن على الحكومة إعطاء الأولوية لاتفاقات السَّلام المُوقّعة مع الجماعات المُسلّحة في جميع أنحاء السودان، خاصة تلك التي رفضت خارطة الطريق الانتقالية، وان الاتفاقية شملت إقامة سلام مع الجماعات المُسلّحة في غضون ستة أشهر، كما تَعَهّدَ حمدوك بإنهاء الحرب وتحقيق السَّلام الدائم في السودان.
ويضيف الموقع قائلاً: تعرض الاقتصاد السوداني لضربات مُدمِّرة من خلال عقدين من العقوبات الأمريكية، التي تم رفعها العام 2017، وانفصال الجنوب الغني بالنفط العام 2011م، وكان التّضخُّم المُتصاعد والصُّعوبات الاقتصادية الحادة المُحرِّكيْن الرئيسييْن للاحتجاجات ضد البشير، التي اندلعت في ديسمبر، ولا يزال هناك عائقٌ أمام الاستثمار الأجنبي الذي تمس الحاجة إليه بسبب تصنيف السودان من قِبل الولايات المتحدة كدولةٍ راعيةٍ للإرهاب، وقال حمدوك إنّه يجري مُحادثات مع المَسؤولين الأمريكيين لإزالة بلاده من القائمة السّوداء لواشنطن.

نجاح إفريقي

وأشاد الموقع بنجاح الاتحاد الأفريقي في التوسط بين الفرقاء السودانيين وإنقاذ البلاد من شَبحَ الحرب الأهلية بعكس سلفه منظمة الوحدة الأفريقية القائمة على مبدأ عدم التّدخُّل في الشؤون الداخلية للدول، وقال الموقع: إنّ الاتحاد الأفريقي استخدم أخيراً السلطات الموجودة تحت تصرُّفه لدفع حكمٍ أفضل في جميع أنحاء القارة، إذ جاء الاتحاد الأفريقي إلى حيِّز الوجود بعد إعادة هيكلة سلفه – منظمة الوحدة الأفريقية لبناء قارةٍ مُتكاملةٍ ومُزدهرة وسلمية. وفي حين أنّ الاتحاد الأفريقي لديه تفويضٌ واضحٌ بتعميق عملية التكامُل الاقتصادي والسياسي في القارة، إلا أن سلفه تمّت إدارته على مبدأ عدم التّدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، ممّا قَلّلَ من قُدرتها على حل النزاعات فيها، ومع ذلك، فإن منظمة الوحدة الأفريقية قد أنشأت بعض المعايير التي تُشكِّل أساس نهج الاتحاد الأفريقي لحل النزاعات. ويرد أحد هذه المعايير في إعلان لومي الذي يجرّم التغييرات غير الدستورية للحكومة.

تفويض قانوني
الاتحاد الأفريقي لديه الآن تفويضٌ قانونيٌّ أوسع لحل النزاعات الداخلية من سابقه، هذه الولاية مَنصُوص عليها في القانون التأسيسي وبروتوكول مجلس السلام والأمن، بالرغم من أنه لا يزال تنفيذ هذه الولاية عملاً قيد التنفيذ، إلا أنه تمّت الإشادة به في الأيام الأخيرة لاستخدامه قوانينه الإقليمية للتوسُّط في اتّفاق بين الجيش السوداني والحركة المدنية في البلاد، ويأتي الاتفاق بعد أشهرٍ من الصراع الذي أعقب إطاحة حاكم السودان السابق عمر البشير.
وأثبتت مُشاركة الاتحاد الأفريقي جدوى قوانينه الإقليمية في حل النزاعات الداخلية في الدول الأعضاء، ليبرز التساؤل عن كيف وصل إلى هذه النقطة، وما هي الدروس المُستفادة من عمله في السودان؟
وأضاف الموقع: كان الاستيلاء العسكري الذي أعقب إقَالَة البَشير من السُّلطة بمثابة “تغييرٍ غير دستوري للحكومة” وهو أمرٌ مَحظورٌ بمُوجب المادة (4) من القانون التّأسيسي للاتحاد الأفريقي، هذا الانتهاك للقانون الإقليمي مَكّن موسى فكي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي من التنديد بأعمال الجيش.
بعد الإدانة الرسمية، اعتمد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، قراراً ينص على أن تصرُّفات الجيش السوداني ترقى إلى تغييرٍ غير دستوري للحكومة، وطالب الجيش بتسليم السلطة في غُضُون (15) يوماً.

ضغط أفريقي

كان من المُفترض أن يؤدي الفشل في تسليم السلطة إلى تعليق السودان تلقائياً عن أنشطة الاتحاد الأفريقي على النحو المنصوص عليه في بروتوكول المجلس، ومع ذلك  تَمّ الاتفاق بعد ذلك على تمديد ثلاثة أشهر للسماح بمزيدٍ من المُفاوضات.
خلال فترة الإشعار لمدة ثلاثة أشهر، واصل الاتحاد الأفريقي التّعامُل مع الأطراف الرئيسية في النزاع، حدث هذا حتى مع استمرار الجيش في شَن هَجَمات على المُتظاهرين.. أخيراً في يوليو، أقنع فريق الوساطة بين الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا كلا الطرفين باستئناف المحادثات، مِمّا أدّى إلى توقيع إعلان دستوري. وفي النهاية، كانت وساطة الاتحاد الأفريقي ناجحة، لكن خلال المُفاوضات المُطولة قُتل أكثر من مائة شخص وجُرح المئات، وهذا يطرح السؤال التالي: ما الذي كان يمكن للاتحاد الأفريقي أن يفعله بطريقة مُختلفة؟
دروسٌ وعِبَرٌ

يُذكر أنّ تدخُّل الاتحاد الأفريقي في الأزمة السياسية السودانية نتج عنه اتفاقٌ، هناك دروسٌ ينبغي تعلُّمها. الدرس الأكثر أهميةً هو فيما يتعلق بتنفيذ حكم التعليق، إذ أنّ الإنذار الذي دام (15) يوماً والذي تَمّ تقديمه في الأصل لاستعادة الحكم المدني يتماشى مع الممارسة السابقة لمجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.. وذلك أن التهديد بالتعليق الوشيك يُمكن أن يُحفِّز الجيش على التّحرُّك بسُرعةٍ أكبر نحو التّوصُّل إلى قرار خلال فترة زمنيةٍ أقصر. وكان يُمكن أن يمنع أو يُقلِّل من العُنف الذي تلا ذلك، إضَافَةً إلى ذلك، يتعيّن على الاتحاد الأفريقي ومجلسه وضع استراتيجية مَلموسة للتّعامُل مع استمرار العُنف في سياق المُفاوضات، إذ يمنح القانون التأسيسي هذه الهيئات سلطة التّدخُّل المُباشر في الدول الأعضاء، حيث يوجد تهديدٌ خطيرٌ للنظام الشرعي وضرورة لاستعادة السلام والاستقرار على أن تُترك وسائل وطريقة تنفيذ هذه السُّلطة للاتحاد الأفريقي بمُوجب القانون، ولكنها قد تشمل نشر قوات حفظ السلام.

هذا لا يعني التقليل من أهمية الدور الذي لعبه الاتحاد الأفريقي والمجلس في المُساعدة على حل الأزمة السياسية بالسودان، وفي الواقع، يؤكد الدور الذي تلعبه الهيئة الإقليمية على أهمية نظامها القانوني ومُؤسّساتها في حل النزاعات في أفريقيا، كما أنّ نجاحها في هذا الصدد سوف يغرس الثقة بين الدول الأعضاء، وسيُعزِّز صورة الاتحاد الأفريقي كمُنظّمةٍ فعّالةٍ على الساحة الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى