تجنيد الأطفال.. من المسؤول؟

يشهد السودان حرباً طاحنة بين الجيش السوداني الذي تسنده الجماعات الإسلامية، وقوات الدعم السريع منذ الخامس عشر من أبريل/نيسان الماضي، لكن الحرب التي تدور بين الجانبان أخذت طابع آخر وهو أقرب للحرب الأهلية بعد استعانة الجيش بتجنيد المدنيين والأطفال والزج بهم في ميادين القتال جنوبي أم درمان في ظل غياب المنظمات الحكومية والمدنية المعنية بحماية الأطفال والمدنيين.

بصرف النظر عن كيف وما هي الأسباب التي دعت إلى تجنيد الأطفال؟ وعن الأدوار التي توكل إليهم؟، يتعارض تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشر مع القانون الدولي الإنساني المعني بحماية الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة، مشاركة هؤلاء الأطفال في أعمال الحرب تفضي إلى آثار جسدية موتُ محقق علاوة على الاعتداءات الجنسية والاغتصابات التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال الأمر الذي يترتب عليه آثار نفسية وسيكولوجية طويلة الأمد جراء إجبارهم على ارتكاب تلك المجازر والفظائع مما يجعل عملية دمجهم في المجتمعات أمر بالغ الصعوبة والتعقيد.

معلوم لدى المؤسسات القومية الوطنية كالجيش مدى خطورة إجبار وتجنيد الأطفال في ظل النزاعات المسلحة وهو أمر يخالف للأعراف والمعاهدات الدولية وبنود القانون الدولي الإنساني الذي يحظر ويجرم تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشر كما عرفت المحكمة الجنائية الدولية هذا الفعل بأنه جريمة حرب تستوجب المحاسبة، كما أن الأطراف سواء كانت جيوش وطنية أو غير وطنية تقوم بتجنيد الاطفال وإجبارهم علي المشاركة في الحروب والنزاعات المسلحة، تضاف إلى قائمة العار السنوية التي يصدرها الأمين العام سنوياً.

يبدو أن الجنرال ياسر العطا مساعد البرهان تغيب عنه كل هذه المعلومات على الرغم من المنصب الحساس الذي يتقلده؛ خرج الرجل في خطابه الأخير الثلاثاء الماضية مخاطباً المواطنين ومعلناً عن نيته في تدريب الأطفال الصغار قائلاً “ح ندرب حتى الأطفال الصغار للدفاع عن نفسهم، للدفاع عن شعبهم، وعن أرضهم.” ولسخرية القدر يتحدث عن جريمة تجنيد الأطفال وهو يرتدي بذته العسكرية في أبهى حُله دون استحياء، مطالباً الأطفال أن يدافعوا عن شعبهم الشعب الذي يعاني من جور السلطات منذ تكون الدولة السودانية، فضلاً عن المجاعة التي تُلَّوِح في أفق البلد الذي يتوسطه مشروعاً زراعي قادر على إطعام العالم ناهيك عن الشعب السوداني (مشروع الجزيرة المغدور به).

العطا توعد بمد الحرب وإطالة معاناة الشعب السوداني لسنين طويلة، وهذا بمثابة تصريح ضمني لعدم نية الجيش الإسلامي في إنهاء الحرب، وأن ترتب عليها قتل الثلث من أبناء هذا الوطن من أجل بقاء ثلثي الحركة الاسلامية بشقيها الوطني والشعبي وكتائب ظلها.. ويبقى السؤال من المسؤول عن تجنيد الأطفال والزج بهم في معارك لم يصمد في ميادينها جيش المائة عام؟.

سارة مالك

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى