بعد فشل العودة للحكم بالحرب.. تشكيل حكومة بورتسودان ومخطط (الكيزان/ البرهان) لتقسيم السودان!

بعد فشل العودة للحكم بالحرب.. تشكيل حكومة بورتسودان ومخطط (الكيزان/ البرهان) لتقسيم السودان!

عبد الرحمن الكلس

خروج “عبد الفتاح البرهان” من محبسه بالقيادة العامة للجيش، أحدث جلبة لم تنته بعد، لكن الرجل الذي ظنّ كثيرون أنه تعلّم من تجربته القاسية، ذاهب على المدى الطويل إلى إطالة أمد الحرب وتفتيت السودان وتقسيمه مجدداً، بخطوته الراهنة بعد خروجه مباشرة، والمتمثلة في البدء بإجراءات لتشكيل حكومة من المرجح الاعلان عنها قريبًا بمدينة بورتسودان – العاصمة البديلة- وغالبًا ستكون هذه الحكومة من العسكر وكتلته الانقلابية، وفلول النظام السابق، إضافة إلى اللصوص والانتهازيين. ما يكشف عن ورطة جديدة وفوضى عارمة سيُغرق الرجل البلاد فيها.

ما رشح من تسريبات، يعني أنّ الرجل لم يستبن الأمور جيّداً، ولا يزال في غَيّه القديم، ولا تزال ارتباطاته مع فلول الإخوان قائمة، وهو معهم الآن لتنفيذ الجزء الأول من مخطط تقسيم السودان، وفقًا لخطة حرب “الكيزان” القائمة على هزيمة الدعم السريع وسحقه ومن ثم العودة للسلطة، أو تقسيم السودان، وهذا ما يتهيؤون له الآن بعد أن اتضح لهم استحالة هزيمة (الدعم السريع) بالقدر الذي يكفي لعودتهم واستعادة سلطتهم القمعية القديمة!

بالطبع سيرتكب البرهان خطأً لا يغتفر إنّ أقبل على تأسيس حكومة في مدينة بورتسودان – وهي فكرة مصرية بالمناسبة لتأسيس حكومة موالية في بورتسودان على نسق حكومة بنغازي الموالية لهم في ليبيا- وهو أيضًا يرتكب خطأً كبيرًا لو استمع لنصائح الكيزان وسار معهم في تشكيل هذه الحكومة، بعد أن أخافوه من أن قوى الحرية والتغيير بصدد تشكيل حكومة منفى وأن عليه أن يسبقهم إلى ذلك (يتغدى بهم قبل أن يتعشوا به)؛ وهذه إشاعة مُغرضة يعلمها الجميع، فالحرية والتغيير ليست بصدد ذلك، وإلاّ لكانت أعلنت حكومتها منذ وقت، لكنّها تعلم أن هذا تصرف سياسي أحمق وغير مُجدٍ خاصة في ظل الحرب القائمة.

واضحٌ؛ إن الإخوان المسلمين (الكيزان) يلعبون على أحلام البرهان في الحكم، ويعملون على دغدغة رغباته ومفاقمة مخاوفه حتى يجعلونه لقمة سائغة وناعمة يمضغونها بسلاسة وسهولة ويسر، ودمُية يحركونها كيف شاءوا، وعن طريقه يبدؤون في تنفيذ خطتهم لتقسيم البلاد إذا ما فشلوا في حكمها مُجدداً بالحرب – وفشلهم صار في حكم المؤكد- وأولى خطواتهم هي حكومة بورتسودان، والتي دفعوه إلى التفكير في تشكيلها وإعلانها لقطع طريق ذهابه إلى مفاوضات جدة، وبالتالي يضع البلاد أمام واقع جديد أكثر تعقيداً.

ولا شك إذا ما أقدم الرجل على هذه الخطوة، فإن أوار الحرب سيشتعل وستتمدد رقعتها، وبالتالي فشل أي مفاوضات يمكن ان توقف الحرب وتستعيد الانتقال الديمقراطي. وعودة الجميع إلى الحرب، وهذه غاية أماني وأحلام النظام البائد الذي يقود الحرب الراهنة ويؤججها ويدق طبول استمرارها ويضع العقبات في طريق وقفها بالحلول السلمية.

إن حدث ما نخشاه – وغالبًا سيحدث- وأعلن البرهان عن تشكيل حكومته فإن هذا يعني عملياً أنه وضع خطوته الأولى في طريق تنفيذ (الخطة ب) بإنشاء (دولة النهر والبحر) الكيزانية المزمعة – دولة عبد الرحيم حمدي قديمًا- وذلك بالعمل مبدئياً على الضغط لفصل دارفور ، ثم التخلص من منطقتّى جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، بعد حرق أبنائهما في الحرب الراهنة والتخلي عنهم لاحقاً دون رحمة وشفقة، كما تخلوا من قبل عن بعض أبناء جنوب السودان الذين استخدموهم حتى إذا حققوا هدفهم بتقسيم البلاد، فصلوهم ورموهم!

بطبيعة الحال، لن يتحقق حلم تشكيل دولة الكيزان إلاّ بعد افشال كل جهود وقف الحرب واحلال السلام، واللعب على الحبال والتمويه بتشكيل حكومة قومية في البداية، وفي الغالب سيأتون بجبريل ابراهيم رئيساً لوزراء حكومتهم، وهو الأنسب لتولي المنصب لتوفر كافة شروطهم المطلوبة فيه، فمن ناحية هو كوز، وهو أيضًا انقلابي معادي للديمقراطية، كذلك هو لص فاسد، وهذه هي أركان التحالف المسنود مصريا الثلاث، والتي قوامها الكيزان، والعسكر الانقلابيين مع تحالفهم (الديمقراطي) المعادي للديمقراطي، واللصوص والانتهازيين.

إن إعلان حكومة الطوارئ بمثابة وضع حجر الأساس لتقسيم السودان إلى دويلات ضعيفة ومفككة، ولن تسلم من هذا التفكيك حتى دولتهم المتوهمة التي يحلمون بها (النهر والبحر)، والتي ستنتهي -قبل أن تبدأ- إلى دولتين (دولة نهر ودولة بحر)، إذ ان العالم لن يسمح بتأسيس دولة بحرية مشاطئة يمكن ان تتحول إلى بؤرة ارهابية تهدد أمن البحار والملاحة العالمية، بل تهدد الأمن والسلم العالميين!
نواصل،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى