محاربة المفسدين، أم محاربة الإسلاميين !!

في كل ما قاله رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدون بعد أداء القسم، وقفت ملياً في كلمة الإنتاج، والتي أزعم بأنها بمثابة شفرة النجاح إذا ما وجدت طريقها إلى الحقول والأرض البور البلقع.. و.. و..

*صحيح أنني لا أستهين بخطوات وقف الحرب وترسيخ قيم السلام، ولا أقلل من عمليات محاربة الفساد، كما ورد ذلك في خطاب معالي رئيس الوزراء، غير أن الأزمة الحقيقية تتمثل في محور الإنتاج وردم هوة الميزان التجاري، إذ ظللنا لسنوات نستورد ما قيمته ثمانية الى تسعة مليارات دولار في العام، وفي المقابل أن صادراتنا في أحسن الأحوال بالكاد تبلغ الحمسة مليارات دولار في العام وقد لا تبلغها. 

* ويأتي على صدر تلك الواردات عدد من السلع التي يمكن إنتاجها داخل السودان، وذلك مثل القمح والزيوت والأدوية والنفط، فعلى الأقل أن سلعة القمح التي تذهب فاتورتها  إلى الملياري دولار في العام، ليس بالإمكان الاكتفاء الذاتي منها وتمزيق فاتورتها فحسب، بل يمكن أن نتجاوز بها سقف الإنتاج إلى أفق التصدير.. و… و.. 

* بحيث يصبح  التحدي الأكبر أمام حكومة الدكتور حمدوك، في إمكانية تحويل طاقات الثورة إلى ماكينات إنتاج، سيما طاقات الشباب الثائر، بحيث لا يمكن لهذه النقلة الثورية الإنتاجية أن تتم، ما لم يتحول تجمع المهنيين والعقول السياسية التي تقود الحراك، ما لم تتحول من الفعل السياسي وثقافة طواحين الهواء، إلى الفعل الإنتاجي والنزول بالشباب وقوى التغيير إلى مكامن الإنتاج… ومن ثم يشعر الموطن بالتغيير إلى الأحسن في الخدمات والمعاش.

* هذا التحدي لا يمكن التقليل منه، بالنظر إلى سلوك بعض النخب داخل قوى الحرية والتغيير، التي تفتأ  تصرخ بنواياها في جعل المرحلة الانتقالية ساحة للانتقام والتطهير والعزل، الذي ربما يتجاوز من تحوم حولهم تهم إلى المحاسبة على أسس الاعتقاد والتوجه والانتماء.. و.. و..  

* وبطبيعة الحال سيحول هذا السلوك إذا وجد طريقه إلى أرض الواقع، سيحول المرحلة الانتقالية إلى ساحة حرب بين الفرقاء السودانيين، وسيجني الوطن من معارك طواحين الهواء لا محالة المزيد من الدمار والتراجع الأمني والاقتصادي.. و… و…

* وللذين يقرأون بتطرف وأجندة مسبقة، فإنه يجب محاربة المفسدين وليس محاربة الإسلاميين، الحساب القانوني على كل من ارتكب جريمة، وليس الحساب على كل من يعتقد بأن (الإسلام هو الحل)، على أن الذى تعثر خلال الحكم السابق ليس هو الإسلام، وإنما تصور وإرادة تلك النخب الحاكمة للإسلام .. 

* فيجب ألا تتخذ ذريعة تعثر التجربة الإسلامية السابقة إلى محاربة الإسلام نفسه، ومن ثم تنهض حملات لإلغاء كل مظهر إسلامي، وفي هذا امتحان كبير للذين يحاكمون التجربة الإسلامية، إن كانوا يأخذون عليها عيوب التصنيع والتطبيق، فعليهم في هذه الحالة أن يأتوا بمنهج إسلامي مبرأ من كل عيب فنتبعه، وإلا أنهم يرفضون الفكرة برمتها من حيث المبدأ.   وليس هذا كل ما هناك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى