محمد طلب يكتب: ونسير فوق جماجم الأسياد

محمد طلب يكتب: ونسير فوق جماجم الأسياد

والحرب الآن في اسبوعها الثالث وقلمي لم يكتب كلمة لأن عقلي توقف عن التفكير والتفكر وقلبي لم يعد قادراً على التفاعل والانفعال وجسمي أصلاً عليل وحركتي معتلة والحمد لله لا أستطيع حمل السلاح الذي صارت الدعوة إليه أكثر من صريحة لـ(ساحات الفداء) و(قتال الأعداء)….

طوال هذه الفترة كتبت مقالاً يتيماً تضمّن السؤال الرئيس لمحاولة فهم طبيعة هذه الحرب عبر آيات القرآن الكريم بطريقة مختلفة..

عنواني أعلاه ما هو إلا  مقتطف من أغنية (وطنية) لمغنٍ راحل رحمه الله رحمة واسعة (العطبراوي)، أغنية يطرب لها أهل السودان وتلعب بهم (الحماسة) دون وعي والرقص الصاخب و(أبشر) والإيقاعات الحارة لا تترك مجالاً للعقل…. و(غداً نعود) وحتماً نعود ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لم نعرف طريق العودة بعد أن أزحنا جماجم (الأسياد)، ويبدو اليوم أننا في حوجة إلى جماجم جديدة تحدد لنا المسار الجديد بعد أن (تُهنا سنيناً) طويلة ولم تستطع (الجماجم السابقة) التي سرنا عليها تحديد المسار الصحيح… ربما هي الآن جماجم ما يسمونه (تمرد) وقد كانوا قبل ذلك أصحاب (سيادة) وكان قائدهم كما يسميه صديقنا (الرئيس مشترك) على وزن الأول مشترك في نتائج الشهادة السودانية.

ما زلت أصر أن الثقافة الغنائية والأدبية في السودان تحتاج إلى البحث العميق المتأني وباحثين صادقين لا يعرفون (حرم أبشر) لأنها أي هذه الثقافة وموروثاتها كانت سبباً في خلق وجدان مضطرب تلعب به الأهواء وتستثيره كيفما تشاء….

فالأغنية (الوطنية) أعلاه تحمل نفس الاضطراب بل وتؤججه.. فهي حتى عندما تسير على جماجم (الأعداء) لا تنسى أن تعطيهم (السيادة) غير المستحقة واعتراف ضمني بالذل و(العبودية) لمن أسموه (مستعمر)..

وهو ذات حالنا الآن في من أعطوهم (السيادة) البارحة وأصبحوا اليوم أهل (تمرد وخيانة).. ياااا عجبي شعب يطرب ويغني ويرقص وهو معترف نصاً بـ(العبودية) والويل لك ثم الويل لو أتت كلمة (عب) على لسانك…. أي اضطراب واختلال هذا؟؟؟ ….

(الرئيس مشترك) بالأمس الآن يقولون عنه (أجنبي) ودخيل ومتمرد…… نريد أن نفهم ما كان عليه الإنجليز وما صار إليه الدعم السريع..

إنها الأكاذيب والتضخيم و(النفخ) بهواء فاسد يفسد الأجواء ويجعلها نتنة عند الانفجار المرتقب أو المؤجل

فالحقيقة أننا لم نسر على جماجم الأعداء عند (الاستقلال) كما قال ولم نطرد المستعمر ونحن نغني (يا غريب يللا لي بلدك)… هذا قطعاً ليس نفياً لمجاهدات الجدود الأوفياء ونضالهم الطويل والدماء الزكية التي بذلت إلا أن ما يعرف بـ(الاستقلال) تحديداً لم يكن نتيجة حروب وقتال و(دواس) بل كان سلمياً وعبر (اتفاقيات) معروفة و(إعداد) مسبق وتدريب لإعداد القادة ثم تسليم وتسلم وشكر وامتنان وتحايا وقبلات وهذا موتق تاريخياً وليس كما تصوره أغنيات العطبراوي في أغنيات (يا غريب يللا لي بلدك)… أكرر قطعاً كل هذا لا ينفي رحلة النضال الطويلة لشباب (وطن الجدود)…

الآن فقط أدركت لماذا نقول إن أهل مصر أكثر (وطنية)… أظن لأنهم أكثر صدقاً وأدباً يسمون الأشياء بأسمائها فلا يوجد عندهم عيد الاستقلال بل (يوم الجلاء) مثل ما قامت به بلادنا بإجلاء الأجانب وجعلت مواطنيها للقتال…….

ونعود

حرررم تبشروا

سلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى