القيادي بالمؤتمر الشعبي بارود صندل لـ(الصيحة):(2-2)

الحكومة المقبلة ستكون أسوأ من حكومة البشير في السياسة الخارجية

(الحرية والتغيير) فرَّطت في هذا (..) وضيّعت فرصاً ذهبية لوحدة أهل السودان

القوى السياسية أو المعارِضة غير مؤهلة لإحداث التحوّل خلال الانتقالية

كنا نتمنى استثمار شعارات الثورة والتفاف الناس حولها ولكن!!

موجة العداء للإسلاميين ومحاولة إقصائهم وعزلهم ستستمر خلال الفترة الانتقالية

المجموعة التي ذهبت مع البشير انحرفت عن خط الحركة الإسلامية وتتحمل المسؤولية كاملة 

المُفكّرون أُبعدوا عن السلطة التنفيذية وتصوَّروا كيف إذا وُضِع الترابي مكان البشير..!!!

كل الوجوه الإسلامية القديمة في الإنقاذ أصبحت غير مقبولة وما (عندها جديد)

خلال السنتين ستحدث تغييرات كبيرة جداً بالمؤتمر الشعبي

أي حديث عن وحدة الإسلاميين للاستهلاك ولتشويه صورتهم

———

 ليس من الصعوبة أن تجد ما يدلك على حقيقة الأوضاع الداخلية للبلاد وتفسير ذلك من وجهة نظره الخاصة أو ما تسقطه الأحزاب على رؤيته، هنالك كثير من الضبابية في  قراءة المشهد السوداني، ربما لتقاطعات بينية تمثل جوهر القضية الداخلية للسودانيين الذين لا يتفقون الآن أكثر ما يجتمعون على التغيير والثورة وشعاراتها. الذي حدث في أبريل الماضي وضع خارطة وتشكيلاً جديداً للبلاد تحتاج لقراءة متأنية للوضع الداخلي وما تنتجه من أحداث. 

(الصيحة) جلست إلى القيادي بالمؤتمر الشعبي بارود صندل ووضعت أمامه جملة من الأسئلة، فماذا قال؟

حاوره: صلاح مختار

تصوير: محمد نور محكر  

* تخوفت بعض قيادات قوى الحرية والتغيير من خلافات داخلها ومن تأخير تشكيل الحكومة أو بمخطط تفجيرات واغتيالات لماذا؟

هذا كلام غير وارد بالنسبة للسودانيين، ولكن أعتقد أن هناك جهات داخل قوى الحرية والتغيير تريد الضغط على جهات أخرى داخلها لجهة تعجيل تشكيل الحكومة التنفيذية وهياكل السلطة، رغم أن هناك توقيتات أعلنت حددت لتنفيذ ذلك اعتباراً من يوم السابع عشر من هذا الشهر يوم التوقيع على الوثيقة الدستورية، وحتى يوم الأول من سبتمبر المقبل، تكون هنالك حكومة، وأعتقد أن الذين أطلقوا ذلك والذين يدعون إلى الفوضى يريدون الضغط على الذين لديهم تحفظات خاصة في الجبهة الثورية أو في بعض أحزاب قوى الحرية والتغيير بأنه في حال  طال انتظارنا أكثر من هذا ستحصل تفجيرات في البلد، وبالتالي يريدون تمرير أجندتهم.

*هل المسألة معنية باختيار رئيس الوزراء؟

أعتقد هذا هو الاتجاه الغالب في المسألة، كذلك يمكن أن هنالك مجموعة تضغط تريد تعجيل مسألة اختيار رئيس الوزراء ومجلس السيادة في المواعيد المضروبة، وبعد ذلك يتم تأجيل البقية لمزيد من التشاور بين مكونات قوى الحرية والتغيير للوصول إلى وفاق.

*هل تتوقع ذلك بنفس المستوى؟

كنت أناقش كونه يرد مسمى باسم قوى الحرية والتغيير في الدستور كلام غير مضبوط، لأن قوى التغيير غير معروفة واليوم إذا (اتفرتقت) وتشتت كل القوى تقول إنها تمثل قوى الحرية والتغيير، ولذلك على الأقل يجب ألا يرد في الدستور مسمى قوى الحرية والتغيير، وبالتالي هذه واحدة من الإشكاليات التي تتمثل في الاتفاق.

*بعد رفض الجبهة الثورية للاتفاق هل تتحول الحركات المسلحة إلى تحالف معارض أم سوف تستمر في حملها السلاح؟

 (شوف) الحركات استطاعت في الخارج أن تعمل تحالفات مع آخرين ليسوا كلهم عسكريون وليست حركات تحمل السلاح بالجهة الثورية هنالك جبهة الشرق والتوم هجو وآخرون واتحاديون ومنظمات مجتمع مدني، وأعتقد قبل التوقيع على اتفاقية السلام لن تكون هنالك تحالفات أكثر من ذلك، ولكن بعد ذلك قد تأتي الحركات وتشكل تحالفات أو يبادروا بقيام تحالفات كبيرة او الانضمام إلى تحالفات قائمة في الساحة، وأعتقد أن دورهم بعد السلام كبير في التأثير على قواتهم.

*هل ينسجم ذلك مع التحول إلى الدولة المدنية في ظل الفهم الخاطئ لذلك؟

هناك إشكالية، هناك شعارات رفعت، كثير من الناس لم يفهموها، نحن نتحدث عن مدنية الدولة نقصد بها قيام مؤسسات مدنية تلتزم بالقانون، وهذا هو التعريف السياسي لتلك المؤسسات، مثل مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية والمجلس التشريعي وغيرها من المؤسسات، هذه المؤسسات قائمة وملتزمة بالدستور والقانون، هذه هي المدنية بالتالي المدنية ليست أشخاصاً، الآن أمريكا كم من الجنرالات حكموها، وكذلك بريطانيا وفرنسا حكمها جنرالات، ولكنها كانت حكومات مدنية، وبالتالي هذا هو المقصود من المدنية، ولكن الناس فهموا المدنية اختفاء العساكر من المسرح السياسي ويصبح كله من المدنيين وهذا صعب تحققه.

*هل هنالك استعجال حتى في طرح الشعارات؟

هذا صحيح، هناك استعجال كبير، صحيح الثورة تحتاج إلى بعض الشعارات مثل (حرية سلام وعدالة)، ولكن عندما تأتي وتقصي الناس من المسرح السياسي يعتبر مخالفاً لتلك الشعارات تماماً، وعندما تتحدث عن عداوة سافرة للمؤسسة العسكرية لأن ما حصل منذ ثلاثين عاماً كان مع النظام السابق هذا يتعارض مع شعارات الثورة، ولكن الآن عليهم الالتزام بالدستور الذي وقعته تلك القوى.

 الآن يدور حديث عن تعيين رئيس القضاء خارج الذي تم الاتفاق عليه، لأن الموجود في القانون ومكتوب بالأحرف الأولى يتحدث عن اختيار رئيس القضاء والنائب العام، كيف يتم اختياره؟ الآن تجري مشاورات حتى يتم تعيينه مباشرة، وأعتقد ذلك مخالفاً للوثيقة الدستورية التي وقعت مؤخراً، ولذلك نقول الشعارات شيء والواقع شيء آخر.

*الا تعتقد أن قوى الحرية والتغيير صورة أفقية تحتاج إلى رأس يديرها؟   

ما دامت قوى الحرية والتغيير تضم تياراً سياسياً كبيراً لا نستطيع تحديد الحجم، ولكن هنالك حزب الأمة القومي وفصائل من الاتحاديين، وأحزاب اليسار كله وتجمع المهنيين ومنظمات بمعنى تيار كبير يجب أن تكون منظمة وتحت قيادة موحدة وتكون هنالك هياكل محددة حتى تستطيع أن تتفهم الآن، هناك عيب كبير ومشكلة  كل من يظهر في وسائل الإعلام يقول إنه قيادي بقوى الحرية والتغيير، هذا شيء غير معقول لازم يكون هنالك شيء واضح حتى تتعامل مع الأحزاب التي لديها قيادات معروفة وحتى تتعامل مع جهة معروفة، ولذلك قوى الحرية والتغيير تتعامل مع (منو)؟.

*تريد أن تقول يجب هيكلة قوى الحرية والتغيير؟

بالتأكيد يجب أن تكون لديها قيادة معروفة مثل يقول الصادق المهدي أو الدقير أو غيره، لابد أن تكون معروفة ومُعرّفة، وهو ما طالب به الصادق المهدي، لأنه عندما يأتي تقسيم على كتل هناك (6) مجموعات نجد المهدي في مجموعة قوى نداء السودان، وبالتالي عند التقسيم حزب الأمة لا يجد شيئاً، ولذلك الصادق يريد هيكلة قوى التغيير يكون لديها مرجعية لأن القيادة هي التي تنظم المسألة كلها، ولكن الحزب الشيوعي لا يريد ذلك يريدون لجنة تنسيقية للحزب لأن لديه أكثر من (20) والمهدي لديه (5) لا مقارنة بينهما، وبالتالي هي إشكالية.

*هناك جدلية فكرية تقول إن الصراع في السودان لن ينتهي إلا باتفاق اليسار واليمين؟

 (شوف ده كلام صحيح مائة في المائة)، نحن في المؤتمر الشعبي عندما فاصلنا النظام السابق جئنا وانضممنا إلى القوى السياسية المعارضة، واتفقنا على أشياء كثيرة جداً، كان الخلاف في أشياء بسيطة جداً، وأعتقد كانت تلك التجربة جديرة بالدراسة أن يتفق اليسار واليمين في أشياء كثيرة جداً، والآن الفرصة متاحة بعد الثورة أن قوى التغيير نفسها لو انفتحت على الأحزاب كلها عدا المؤتمر الوطني كان يمكن أن تحقق إجماعاً يحصل لأول مرة في السودان، وقوى التغيير هي التي تقود هذا الإجماع، وكانت تلك فرصة لتجاوز ثنائية اليسار واليمين، وكان كفيلاً بنقل السودان من الصراع الثنائي إلى وفاق، وإذا لم يتم الوفاق حتى إذا كانت الفترة الانتقالية عشر سنوات ستظل المشكلة، الآن قوى التغيير فرطت في هذا وضيعوا فرصة ذهبية لوحدة أهل السودان على الأقل في الحد الأدنى من البرامج.

*ألا يفسر ذلك  أن قوى الحرية والتغيير يهيمن عليها الحزب الشيوعي؟

بالتأكيد هذا كلام صحيح، ولو تابعت بداية الشعارات التي تم إطلاقها منذ البداية كانوا (جايين) برؤية استئصالية كانوا يريدون أن يفعلوا نفس الذي فعله السيسي في مصر، ولكن وضع السودان مختلف لم يستطيعوا أن يفعلوا حاجة، الأن هنالك حالة من اليأس أعتقد ضاعت فرصتهم في أن ينتقموا من الإسلاميين واستئصالهم، وأعتقد أن ذلك مسألة صعبة جدًا في السودان الآن من المستحيلات ولابد لأي عقل سياسي ضرورة احتواء الإسلاميين ويتقارب معهم، ولكن أن يستأصلهم أو أن يعزلهم هذه مسألة فيها نوع من الاستحالة.

*هل يتحمل الإسلاميون مسؤولية (30) عاماً من الإنقاذ؟

التيار الإسلامي منذ بداية الثلاثين من يونيو لم يستطع تحقيق برنامجه لأن طبيعة العسكريين في كل الأنظمة أن ينقلبوا على الأفكار وعلى تلك المسائل هذه، الخلاف بين الإسلاميين كان بعد ست سنوات من الثورة، ولكن المجموعة التي ذهبت مع البشير انحرفت عن خط الحركة الإسلامية وتتحمل المسؤولية كاملة في الإخفاق الذي حصل للإسلاميين بل في المآسي التي حدثت في قتل الناس وزرع العنصرية والكراهية في السودان، ولكن ليس كل التيار الاسلامي لهم دخل في الموضوع، هناك إسلاميون عارضوا الإنقاذ من أول يوم هناك من خرج بعد خمس أو ست سنوات، ومنهم من خرج بعد عشر سنوات من غير الممكن مساواة كل هؤلاء.

*ولكن معيار المسؤولية عند قوى الحرية والتغيير كل من عمل خلال سنوات الإنقاذ؟ 

إذا قلنا هذا المعيار، نجد أن التجمع الوطني في عام 2005 شارك في الحكومة ولديه ممثلون في البرلمان سليمان حامد وفاطمة أحمد إبراهيم والشفيع وكل اليسار شاركوا من 2005 وحتى 2011 وبالتالي لا يعني أي شخص شارك يتحمل المسؤولية هذا خطأ، هم تجاوزوا عن الآخرين الذين شاركوا و(مسكوا) في الإسلاميين.

*هل إبعاد المفكرين الإسلاميين عن المشهد السياسي من الأسباب التي أدت إلى فشل تجربتهم؟

من خلال تاريخ السودان هناك كثير من المثقفين أداروا المسرح السياسي، ولكن المفكرين كانوا بعيدين عن السلطة التنفيذية، وهذه واحدة من المفارقات، وتصور عندما استولى الإسلاميون على السلطة في 89 إذا وضعوا بدلاً من البشير الشيخ حسن الترابي، هل تتوقع أن نصل إلى هذه المرحلة، أكيد ما كنا سنصل إليها، وأكيد كنا نصل إلى الاستقرار ونتفق على قضايا كثيرة جداً، والديمقراطية تكون أفضل، ولكن وجود العسكريين مثّل إشكالية كبيرة جدًا.

*لماذا لم يطبق الإسلاميون نموذجهم عن الوحدة خاصة بعد الحديث عن المنظومة الخالفة؟

قبل الثورة أم بعد الثورة؟ نحن  في المؤتمر الشعبي ليس هنالك أي كلام عن وحدة الإسلاميين، شيخ حسن كان يتحدث عن النظام الخالف والمنظومة الخالفة هي لا يمكن أن تظهر للناس إلا في ظل حريات متاحة وتساوٍ في الواجبات والحقوق. الآن لو استقرت الفترة الانتقالية يمكن أن نطرح المنظومة الخالفة باعتبار كل التيار الإسلامي يكون في جهة، وكل التيارات المخالفة له في جهة أخرى، بالتالي يجب على الأحزاب الكثيرة أن تتلخّص في مجموعتين أو ثلاث مجموعات، ولكن أي حديث الآن عن وحدة الإسلاميين أعتقد أنه حديث للاستهلاك السياسي المقصود به أنه طالع من المؤتمر الوطني، ولكن ليس هناك كلام عن وحدة الإسلاميين وإنما لتشويه صورة الإسلاميين.

*كيف يعود الإسلاميون هل بتغيير الوجوه أم بتغيير السياسات والأنظمة أو الأفكار؟

علينا تغيير الأفكار بعمل مراجعات لبرامجنا وأفكارنا، كذلك علينا تغيير القيادات، وأعتقد كل الوجوه القديمة الموجودة في الإنقاذ أصبحت وجوهاً غير مقبولة وما عندها جديد، وفيما يلينا في المؤتمر الشعبي خلال السنتين ستحدث تغييرات كبيرة جداً بالحزب، بمعنى كل الشخصيات اللامعة الآن هي لامعة منذ أكتوبر 64 وحتى الآن، غالباً تلك الشخصيات تتراجع لتتقدم شخصيات من الجيل للقيادة تقريبًا.

*هل يمكن للإسلاميين أن يتعرضوا إلى تلك المواجهة من التراجع؟

جيلنا حاضر في (86) وحدث مثلما يحدث الآن ولم يستطيعوا إقصاء الإسلاميين، وعندما جاءت الانتخابات كان الإسلاميون الحزب رقم ثلاثة، الآن موجة العداء للإسلاميين ومحاولة إقصائهم وعزلهم سوف تستمر خلال الفترة الانتقالية.

*ولكن ماذا يقدم الإسلاميون مقابل ذلك؟

سيقدمون عملاً بديلاً ووجوهاً جديدة ومراجعات وتقوم بتنوير الناس بالحاصل وتشارك في تعديل كثير من القوانين حتى تستطيع خلال الفترة الانتقالية تقديم برامج واضحة للجمهور الذي يحدد بعد ذلك من يختار.

*الدولة السودانية هل تستمر بالهشاشة كما يظنها البعض؟

هذه هي الإشكالية الكبيرة، كنا نتمنى استثمار شعارات الثورة والتفاف الناس حولها واستثمار القدر الكبير من الوحدة التي حدثت في تقوية السودان، لأن السودان بلد هش في تركيبته. ولكن خلال الأشهر الأربعة وضح أن قوى الحرية والتغيير لا تستطيع تحقيق ذلك، ولكن نتمنى من المؤسسات التي تقود الفترة الانتقالية أن يلتزموا بتجاوز مشاكل الماضي وإفرازاته والانتقال إلى بلد متماسك يحس فيه كل مواطن أنه سوداني له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات. أنا أعول على المؤسسات لأن القوى السياسية أو المعارضة غير مؤهلة في إحداث التحول أو التغيير.

*الآن هناك تقاطعات داخلية وخارجية كيف تنظر إليها؟

لأن السودان مواجه بمشكلات كثيرة، وبالتالي محط أنظار الإقليم والدول كبير جداً، ويبدو أن العسكريين منذ الأيام الأولى استجابوا لهذه الضغوط من محور معين، وأعتقد هذه واحدة من الأخطاء.

*ولكن قوى الحرية والتغيير تحدثت عن الاستقلالية؟

 إذا كانت قوى التغيير جادة في الحديث عن الاستقلالية وعدم الدخول في محاور ويكون لدينا استقلالية وذاتية نقول إن السودان بلد واسع يمكن أن يتواصل في علاقاته مع الجميع، نستفيد من المجتمع الدولي، ولكن ألا ننبطح، أما المجتمع الإقليمي فيجب أن تكون علاقاتنا مفتوحة معه، ولكن نعتمد على أنفسنا بصورة أساسية، ولكن الذي أراه الآن الحكومة المقبلة ستكون أسوأ من حكومة البشير فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وأن الابتعاد عن المحاور واتخاذ منحى مستقل صعب، وأظنهم لا يستطيعون أن يستمروا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى