أزهري محمد علي يتحفظ على محتوى أغاني وأغاني

أزهري محمد علي يكتب: أغاني وأغاني

 

ترحال

أزهري محمد علي

أغاني وأغاني

لاشك أن برنامج “أغاني وأغاني” قد تجذَّر عميقاً في الذائقة السمعية السودانية ..بقدرته على الاستمرار لسنوات عديدة وقدرته على التطور النوعي في طريقة العرض ..من حيث معينات العمل من أزياء وديكور وإضاءة وإضافة وجوه وأسماء ..مع تحفظي على التطوير من حيث المحتوى ..وهو المادة الغنائية التي لم تخرج عن ذاكرة تاريخية لحقب معينة عظيمة الثراء المعرفي والجمالي ..وطويلة اليد في تشكيل الذائقة السمعية التي أشرنا إليها .

منذ أن أطل هذا البرنامج ظل الجدل يدور حول الدور والهوية التي يستند عليها والغايات التي يسعى إليها ..بدأ البرنامج في نسخته الأولى وكأنه استقراء لتاريخ الأغنية السودانية وتتبع آثارها في صعودها الكريم نحو قمة الهرم الغنائي بتتبع رموزه ومراحله ومدارسه الغنائية ..ولكن في النسخ الوسيطة وربما الأخيرة بدأ في العودة لأسماء وتجارب المؤسسين وكأنه ضل الطريق إلى القمم التي بلغها المجددون الجدد وظل في حالة مرجحة بين السفح والقمة يقدم ماتيسَّر دون ترتيب.

في فترة الراحل المقيم الأستاذ والشاعر السر قدور اعتمد البرنامج على سرديات لطيفة عاشها وعايشها الراحل وشارك في صناعتها ثم سردها لنا بطريقته اللطيفة .في زمان لابد أن الذاكرة قد تعرت بفعل الزمن والانتقالات والأماكن التي ارتادها الراوي ..وحالات التصحر التي فرضتها سنوات التيه بمساعيها الحثيثة لمحو ذاكرة الغناء ..وركنه في عتمة المحرمات .والكاسيات العاريات .والخمريات والتوجه الحضاري المزعوم .

الآن ومنذ العام الماضي البرنامج أمام فرصة جديدة وروح جديدة متمثلة في الأستاذ مصعب الصاوي المثقف والباحث في مجال الغناء السوداني والذي ننتظر منه الكثير .أكثر من مهمة صانع الألعاب المكلف بالتمريرات الحاسمة للمغنيين وتوزيع الفرص في بضعة ثواني ،لاتمكنا من الاستفادة من مخزونه المعرفي وشحذ ذاكرتنا بما ننتظره منه من معلومات ..عليه أن يعمل لذلك في المواسم القادمة وأن لاينتظر أن يمنحه أحد هذا الاستحقاق ..يضاف لذلك إحساسنا وربما إحساسه هو أيضاً بمعاناة الخروج الآمن من شخصية السر قدور والتخلص من ظلاله ووطأته على الروح وروحه الكامنة في ذاكرة المشاهد .

عموماً مايزال على مصعب الكثير من المطلوبات لتحرير نفسه وتحرير البرنامج من قبضة السر قدور..مما استوقفني في هذه النسخة كتابة الأغنيات على الشاشة ويبقى السؤال لمن نكتب مانقول ونغني ..بالتأكيد تلك رسالة يعني بها المستمع الخارجي أن كان هناك من يتتبع أغنياتنا ويعيقه فهم مانقول ..فنذهب له بما نقول مكتوباً ..وكأننا نغني بلغة راطنة تستوجب الترجمة والشروحات .

لعمري ذلك انتقاص للسان عربي مبين ..ماكان علينا أن نقر بعجز لساننا عن التبليغ ..وهل من نقصدهم يفعلون ذلك في أغنياتهم وأعمالهم الدرامية، التي تداهمنا في كل وقت فنسمعها ونعيها ونستمتع بها كان الأجدر أن نذهب لهم بعاميتنا فيجتهدوا في فهمنا كما اجتهدنا في فهمهم وتقبلهم ومحبتهم .. لا أود الحديث عن الإعلان فالريموت يتكفل بتجاوز فترة الإعلانات .. بالتوفيق الحبيب مصعب وكل المشاركين والمغنيين وتيم البرنامج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى