هناك فرق منى أبو زيد الفراق كائن حي 

هناك فرق

منى أبو زيد

الفراق كائن حي

“النهاية تبرِّر أي شر” .. سوفوكليس ..!

(1)

الفراق كائن حي له روح وأنفاس وروائح، كائن نزرعه نحن في رحم العلاقة فيتخلّق من طور إلى طور، نطفة فمضغة فعلقة. هو فارس أصيل لا يغزونا بليل ولا يستبيح غفلتنا، بل ينذرنا بطبول حربه، يحشد جيوشه بما يكفي من الصخب، يتقدَّم بمارشاته العسكرية بما يكفي من الجلبة، يرسل فواتير بضاعته التي اشتريناها بالأمس طائعين مختارين، يدق أبوابنا علناً نهاراً جهاراً. لذا فهو صنيعتنا وإن تغابينا، وعندما يستوي الماء والحجر لا جدوى من مواجهة طوفان الخيبة بملاعق المحاولة، لا جدوى لأنّ الفراق سوف يضع العلاقة تحت مقصلته ثم يفصل الرأس عن الجسد، فتصعد الروح إلى بارئها لا تلوي على شيئ..!

(2)

بيكاسو المتململ لأنه فنان، والنزِق لأنه عبقري، والمتمرّد المتفلِّت لأنه رجل، قال لزوجته بارعة الجمال بعيد لحظات من عقد قرانهما “إليك – يا حبيبتي – حكمة حياتي، لا تجعليني أتذكر لحظة واحدة أننا متزوجان”، لكن عروسه الجميلة لم تفهم، ولثقتها في حظوتها عنده استبعدت مخاوفه، فوقع الطلاق لأنها لم تفهم أنّ الوقوع في حبها كان مهمته قبل الزواج وأنّ المحافظة على شغفه بذلك الحب هي مهمتها – المستحيلة – بعده ..!

(3)

يقول المؤرخون عن الصفة التشريحية لجسد التاريخ إنّ الأحداث هي اللحم وإنّ الأسباب هي العظم، ويقولون -أيضاً- إنّ الشغف هو نخاع التاريخ، ولولاه لما انجلت الأسباب ولما نهضت الأحداث ولما اندلعت الثورات. ويقول اللغويون إنّ الشغف من شغاف القلب، وهي تلك الجلدة الرقيقة التي تلامس القلب. منزلة الشغف في الهرم العاطفي أعلى من منزلة الحب لأنك إذا أردت أن تحافظ على الشريك ليس شرطاً أن تحبه، بل المهم أن تنجح في أن يظل شغوفاً بك ..!

(4)

هنالك آراء فقهية، موثقة في أضابير فتاوى أهل العلم، موضوعها الرئيس هو “الطلاق بسبب الشخير”. أسئلة حائرة لرجال ونساء على غرار “هل يجوز للرجل طلاق المرأة التي تشخر في أثناء النوم، وهل يجوز للمرأة طلب الطلاق بسبب شخير زوجها”؟. أسئلة تتم الإجابة عليها في صورة فتاوى موثقة على غرار “ليس الشخير أثناء النوم من العيوب التي تبيح فسخ النكاح بين الزوجين ولكن إذا كان أحدهما يتضرر من شخير الآخر ضرراً واضحاً ففي هذه الحال يكون ذلك مبرراً كافياً وعذراً مقبولاً لوقوع الطلاق” ..!

(5)

حُجج الرحيل بعد توجيه البوصلة باتجاه امرأة أخرى مكشوفة ولا تخلو من غباء. هل اكتشفت فجأة أنّ طعامك ما عاد لذيذاً وساخناً؟. هل انتبهت فجأة إلى أنك قد أصبحت تصادرين خياراته في توجيه دفة الريموت كنترول؟. تحسسي رأسك إذن، المقصلة قادمة في الطريق.

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى