سراج الدين مصطفى يكتب: خواطر اليوم الرابع

نقر الأصابع

سراج الدين مصطفى

خواطر اليوم الرابع

(1)

أتابع بمحبة بالغة تجربة (الأخ الأصغر) أحمد دندش.. فهو من الجيل الذي جاء بعدنا هو ورفيقه وصديقه عبدالرحمن جبر.. وكلاهما لهم تجربة متميِّزة ومثيرة.. وإن شابتها بعض التلفتات في البدايات ولكن ذلك منحى طبيعي لا يعابا عليه.. ومع مرور الأيام اتسعت الرؤية ونضجت التجربة وأصبحا أكثر رزانة ودقة في المحتوى الصحفي أو البرامجي.. و يصنف أحمد دندش كواحد من كتاب الصحافة الفنية.. له أسلوبه الكتابي وآراؤه التي يطرحها بكل قوة دون الخوف من الهزات الارتدادية لما يكتب.. وفي السنوات الأخيرة لجأ أحمد دندش للتقديم البرامجي وأعتقد بأنه حقق نجاحاً ملحوظاً وحققت برامجه نسب مشاهدة عالية وتلك التجربة بدأت ببرنامج الصندوق ثم الفار وأخيراً برنامج التابوت الذي يبث على قناة الشروق في هذا الشهر المبارك ورغم اختلاف اسم البرنامج في كل موسم، ولكن تظل الفكرة نفسها هي المسيطرة دون تغيير يذكر من حيث المحتوى وأن اختلف تصميم الديكور.. ولكن الفكرة في عمومياتها متشابهة إلى حد بعيد.

(2)

في تقديري الخاص أن البرنامج الذي يقدِّمه أحمد دندش فيه قدر كبير من التشويق والإثارة وأن كانت بعض الأسئلة فيها الكثير من السطحية ولا جدوى لها وفيها الكثير من التوغل في خصوصيات ضيوفه وذلك لا يهم المشاهد في شئ.. مع أن غالبية ضيوف البرنامج من الشخصيات المشهورة وهم شخصيات عادة ما يبحث الناس في أدق تفاصيل حياتهم الشخصية.. وهذا النهج هو نهج فرنسي يعرف بصحافة (البابارتسي) وهي نوع شرس من الصحافة لا يتقيَّد بأي حدود ويبحث عن الفضيحة لمجرَّد الفضيحة.. وما أستطيع تأكيد أن أحمد دندش -حالياً- يصيب بعض النجاح وأن التجربة سوف تنضج أكثر وتصبح أكثر واقعية وحيوية.

(3)

كغيري من الشعب السوداني أتابع برنامج “أغاني وأغاني”.. وتلك حقيقة مطلقة يجب أن نثبتها.. لأن القفز فوقها يعتبر تجاوز ناصع للحقائق المطلقة التي تصل حد التسليم.. وذلك الشغف في المتابعة تفرضه الكثير من الدلائل.. يأتي  في أولها أنه برنامج غنائي جاذب وفيه محتوى برامجي تمت خدمته بعناية وبمجهود خارق في الإنتاج ويتم الإعداد له منذ وقت مبكِّر مما ساهم في التجويد.. وبغير الامتاع والمؤانسة يوفر البرنامج قدر هائل من المعلومات الفنية وهذا جانب يخصني باعتبار اهتمامي بالتوثيق الفني ولعلي صححت الكثير من المعلومات الخاطئة التي كان يوردها أستاذنا الراحل السر بغير قصد.

(4)

و”أغاني وأغاني”.. فكرة برامجية ناجحة جداً وحققت قدر عالٍ من حيث نسب المشاهدة أو حتى على مستوى المداخيل التي تتحق من الرعايات المالية الضخمة للبرنامج.. ولعله كذلك أصبح حلم أي فنان يتطلع للنجومية والشهرة.. ولكن ذات البرنامج الناجح والمؤثر يظل حجرة عثرة في تقدم معظم الأصوات الغنائية التي درجت على الظهور بشكل راتب في البرنامج.. ولأن البرنامج قام أصلاً على فكرة التوثيق للأغنية السودانية فذلك يعني نوع من الاجترار للماضي دون النظر للمستقبل.. وذلك هو المهدِّد الحقيقي لمعظم المشاركين، حيث ظلت سجلاتهم الغنائية فقيرة وخالية من الأغنيات الخاصة والمؤثرة وكان بالإمكان استغلال البرنامج كمنصة للتجديد على مستوى المفردة الشعرية والمؤلفات اللحنية.

(5)

عادة لا أحبذ لقب (ناقد فني) واعتقد بأنني لا أمتلك أدواته اللازمة.. وتجدني أكثر ميلاً للقب (باحث) وأجد نفسي كثيراً في ذلك المسمى التوصيفي.. فهو أشمل وأجمل وأكمل.. وكذلك لا أحبذ في غالب الأحيان أن تؤخذ كتاباتي في صفحتي على “الفيس بوك” أو في صحيفة (الصيحة) على أنها آراء تصل لمرحلة الأحكام.. فأنا مثلاً حينما أكتب عن مصطفى السني وأقول بأنه يملك كافة أدوات المغني ماعدا الصوت.. فذلك رأي يخصني جداً ولا ألزم به أحد.. فهو رأي شخصي جداً.. وحينما أقول بأن قناة النيل الأزرق في عهد (عمار شيلا) أصبحت طاردة للمبدعين وأن عمار شيلا لا يملك كارزيما القائد مثل حسن فضل المولى وأنه يفتقر لكافة مؤهلات مقدمي برامج (التوك شو).. فكل تلك الآراء أيضاً تخصني.. وعلى ذلك قس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى