علي مهدي يكتب: مهرجان البقعة الدولي أكثر من ألف وخمسمائة مسرحية.. وعقدان من الإبداع المُتّصل المُزدهر

دهاليز

علي مهدي

مهرجان البقعة الدولي أكثر من ألف وخمسمائة مسرحية.. وعقدان من الإبداع المُتّصل المُزدهر

أكثر من ألف وخمسمائة مسرحية في المسابقة التمهيدية والرسمية على مدى عقدين من زمان مهرجان البقعة المضيء

خمسة عشر ألف مبدع هم صُنّاع المسرح الوطني في مهرجان البقعة.. عشرينية التجديد

عُدت يا سادتي إلى زمان البقعة المباركة، أمشي إليها، أحمل بعض من ظن الأحباب فيه بصادق الود، نجاحات، فتبادلنا التبريكات والتهاني، وقد عُدت إليها أحمل تكليفاً جديدًا قديمًا، متجدداً بثقة كبرى، منحني إياها الأحباب المبدعون، جاءوا من كل أنحاء المعمورة، حرصوا على المشاركة ، وعلى منحي أصواتهم، بل تردد بعضهم عرفتهم لسنوات، مشينا في دروب عواصم المسارح الكبيرة نفتح للآخر الأبواب، وبعضهم التقينا أول مرة في افتتاح الكونغرس، سمع بنا أو تبادلنا الرسائل ، أو كتب لي يفحص في تفاصيل التجربة الكبرى (المسرح في مناطق الصراع) وقد كان اختيارها مرتين في الملتقى العالمي ، الأولى في المائدة المستديرة التي بحثت في حوار امتد ليوم تام على جلسات ، كان لي فيها ورقة وشروحات بالتصاوير مع امتداد النقاشات عنها في الصباح وبعض الظهيرة ، ومن حُسن التدبير ان كانت السيدتان الفنانتان، المبدعة اخلاص نور الدين والمبدعة اميرة أحمد ادريس حاضرتين في التصاوير عند الحديث عنها الفكرة الأولى ، والبدايات من عروض دارفور الكبرى ، يوم طفنا على الناس الأحباب المساكين أيام النزوح من المدن والقرى الى معسكرات خارج المدن والقرى ، ما فيها غير المِحنة . فكانت المبدعات مع الفريق التمثيلي لمسرح البقعة، حاضر تلك الأيام العصيبة ، العصية على الفهم ، ولا فرصة لها لتدخل من باب الإدراك . وكنا في الحوار ذاك الصباح التذكاري فيها الفجيرة جالسات، تصاوير توثق لتجاربهن ، ومُشاركاتهن الفريدة يومها قبل عقدين من الزمان تنقص قليلاً، فنانات ، مشخّصاتية مبدعات ، واداروا الورش للشباب ، فيها مدن دارفور الكبرى، نعم طافوا مسارح الدنيا من (نيويورك) الى (مانيلا) وما بينهما ، ثم كانت الفرصة الكبرى للمشاركين في الكونغرس أن يشهدوا في المساء وعلى خشبة المسرح الكبير في فجيرة النور بعض مشاهد حية من المبدعات ، يخرجن من ذات التصاوير على الشاشة الكبرى في خلفية المسرح، وذاك من براعة ما توفر من تقنيات وفرتها الفجيرة ليكون الجانب الإبداعي والعلمي بذات نجاح جوانب الإجراءات والتنظيم الناجح.
ورقص الجمهور بعد أن كثر الحاجز وصعد لخشية المسرح ، ولم يبق منهم إلا القليل ، وقف في مكانه ، أو مشى الخطوات نحو خشبة المسرح ، واستعدنا يومها ذاك المساء ليالي مدينة (الجنينة) حاضرة غرب دارفور وعاصمة مملكة دار (مساليت) الكبرى.
أو تلك الظهيرة المباركة المحروسة في ميدان مدينة (كاس) غير بعيد عنها (نيالا) ، ثم الأكبر في حجم الجمهور عرض ذات الفرجة (بين سنار وعيذاب) في معسكر النازحين الكبير خارجها (نيالا) في معسكر (السريف) والجمهور يمشي معنا نبحث عن مكان للعرض يسع الجميع، وقد كان واتفقنا على المكان وقدّمنا واحداً من أجمل عروض مسرح البقعة به وغيره وكلها المبادرة الإبداعية الإنسانية على عدد من الجوائز العالمية أهمها جائزة حرية الإبداع العالمية.
وتلك هي أوراقي في ذاك المؤتمر العلمي، وفي حلقات البحث العلمي، تبحث في أدوار الفنون في بناء السلام، لذاك بعد انتهاء مرحلة التصويت وبعد إعلان نتائج الانتخابات، وقفت الى الوفد (الياباني) شبابا كانوا وبعض شيوخ أعرفهم، بادر الشباب بالسؤال قبل التهنئة بالثقة التي تسعدني الآن ، وأنا في طريقي الى بغداد في أولى مهامي بعد (الكونغرس)، وسأكتب منها دهليزي القادم.
قال الشباب (نُجدِّد التهاني)، قلتها لك وأنت منشغل بالتبريكات لكني الآن أذكر كم يوم في “طوكيو” جلست إليك بعد انتهاء حصة الورشة الكبرى التي نظّمتها عندنا، وكنت السعيد بها، ثم استمعت إليك البارحة في المائدة المستديرة، ووقفت مع الجمهور على خشبة المسرح أشارك الرقص والغناء، لم أفهم جملة ، ولكني أدركت كم كان جمهورك فيها معسكرات النازحين في أفريقيا سعداء بكم ، فريق فنانين جئتم من عندهم ، لذاك ولهذا وتلك كنت الأسعد ، بأننا كلنا منحناك صوت (اليابان).
وكم طار الفؤاد بي بعيداً وأنا أثق أنّ التنظيم له تأثير بالغ الآن على مستقبل العمل المتقن في أكبر منظمة عالمية لفن الأداء ، وبعد غياب طال بسبب الجائحة ، وقد مللنا لقاءات (السلوك – الزوم) ومن غيرها (السلوك)، ففيها التقنية الأحدث ، رغم ما فيها من قُدرة للتواصل، فيها جفاءٌ، وبُعد للأحباب، وبيننا عشقٌ لا ندّعيه ، وكنا صادقين سنوات التباعد القهري ، مهما تباعدت المسافات ، الفن وفنون العرض تُقرِّب المسافات، كما في قطار الشاعر المسرحي الأستاذ (هاشم صديق) في واحد من أهم أعمالك التمثيلية (قطار الهَم) من بين ما أحببت، منها تلك الشخوص وحُظيت في مطلع بحثي عن المشخصاتي عندي أن قدمت واحدة من تلك الشخوص الغنية في مسرحية (أحلام الزمان) إخراج الحبيب الفنان (صلاح تركاب) تقول بعد التنهيدة، تخرج وفيها شغف (السكة حديد قرّبت المسافات).
وقد عملت سنواتي الماضيات من حيثما أكون ، هنا في البقعة المباركة ، وفي (باريس)، ثم الأهم فيها الفجيرة ، حيث مركز الاهتمام، وما كان ممكناً لذاك اللقاء الكبير أن يكون ممكنا، بدون دعم مقدر ، بل ترحاب كبير من سيدي صاحب السمو الشيخ حمد الشرقي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الفجيرة وولي عهده الأمين صاحب السمو الشيخ محمد الشرقي، ليكون (الكونغرس) العالمي للمسرح السادس والثلاثين ممكناً وبنجاح كبير إذا حسبتك من كل الاتجاهات ، وبذاك النجاح ، وتلك من إشارات المراقبين والشركاء من منظمات عالمية أخرى تربطنا بها صلات العمل والتنسيق المباشر ، خاصة في قضايا السلام والأمن الأممي ، والأهم هو ينعقد لأول مرة في تاريخ الفنون الإنسانية في الفجيرة (رئة الإمارات)، والتعبير من عند صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم دبي ، سمعتها من غير نقل، وكنت الأسعد يومها، فلقاء عالمي فريد خرجت إليه من البقعة المباركة أول مرة وبعدها مرات أحمل في الخاطر ، إنها وقد نجحت وذاك حال السودان وخاصّةً في مجالات الفنون والإبداع ، يوم جاء السادة والسيدات أعضاء المجلس التنفيذي للهيئة الدولية للمسرح لأوّل مرة ليلتقون في الخرطوم بالبقعة المباركة ، ولأول مرة منذ التأسيس في أفريقيا، كان نقلة كبرى في تاريخ أفريقيا الثقافي ، ويمنح البقعة المبُاركة الريادة في المُبادرة والتنظيم مع الجودة ، تلك البقعة التي نحتفي بها مايو المُقبل، مهرجان بكل تفاصيل الفعاليّات في برامجه، ويوم مشيت منها ، أخرج لعوالم الفن في الفضاءات الأدنى والأقصى، مشيت أقدم العروض المسرحية ، ثم أسهم في الإدارة والتنظيم في منظمات عديدة ، أُقدِّم المحاضرات وأدير الورش للتدريب وإعداد المبدعين الشباب. وأعمل مع جامعات كبرى في الغرب الأدنى والأقصى، وكذا في الشرق البعيد تكون البقعة حاضرةً لأنها شكّلت إضافةً لمشهد الفنون العربية والأفريقية، وانظر بتقدير كبير لتقرير وطني واقليمي وعالمي عنها منذ إعلانها في الربع الأخير من تسعينات القرن الماضي والمشاركة فيها تتّسع ويوم ينشر سيكون هدية لكل مُبدعي الوطن الذين ساهموا في ذاك الإنجاز الكبير ، لكني احتفاءً بهم قبلها ، أشير هنا إلى إحصاء أشهد على الدقة فيه ، أرقام من الوثائق تزيِّن الدهليز ، ومدينة (الدوحة) التي تستقبلني وتُودِّعني على عجل، إلى (بغداد) الأجمل، والبقعة في الخاطر، أنشر هنا أرقاماً من ذاك الجهد الكبير، خاصّةً وأنّ الهيئة المديرة للمهرجان تعقد جلساتها هذه الأيام ، وهي الأسعد بنشر بيانها عن الإعداد للدورة الواحد وعشرين (15 الى 23) مايو المُقبل. وفي عقدين من الزمان وبكل ذاك الإصرار على الاستمرار بلغت العروض في دورات المهرجان العشرين. (ألف وخمسمائة) 1500 عرض مسرحي من كافة انحاء السودان، منها في المسابقة التمهيدية، وفي المسابقة الرسمية، وفي العروض خارج المسابقة، والعروض الأجنبية.
عدد الفنانين المشاركين وهم الممثلون ، المخرجون ، مصممو الديكور ، مساعدو الإخراج والديكور ، مؤلفو الموسيقى، فني الإضاءة والصوت، النقاد الباحثون والاعلاميون.
وهم في إحصاء يراجع الآن للدقة بلغ عددهم اكثر من 15000 (خمسة عشرة ألف) فنان وفنانة. وتلك من الحسابات التي يدخل فيها كل من له صلة بالعرض، فنان ومغنٍ من غير ضيوف المهرجان من العالم وذاك حساب آخر.
دهاليزي في الطريق بين مدينتين..
نعم أعود لها الأسفار المتعددة ولا تنفعني في أوقاتي هذه، ولكن اكتب من بغداد الجميلة.. اشهد مهرجانها الدولي لمسرح الطفل في الدورة السابعة، ويستقبلني أعلى في (كربلاء) الأحب لمن فيها ، وأروح الأجداد تستقبلني. هم أهلي ومحل ودي
ثم المؤتمر العلمي العالمي لمسرح الشارع و(بابل) تفتح أبواب التواريخ المجيدة.. أدخلها وأزور والتقي وأبحث ، ثم أقدم ورقتي في الملتقى مع التصاوير عنها تجربتنا القديمة المتجددة.. ثم أحمل التحيات العطرات لأهل المسرح العراقي من صناع المسرح العالمي في زيارتي الأولى بعد انتهاء فعاليات الكونغرس المسرحي العالمي.

دعواتكم،،،
ويا البقعة تنوِّري….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى