محمد طلب يكتب: أودعكم أفارقكم لا لا والله ما بقدر Physio-peak 

محمد طلب يكتب: أودعكم أفارقكم لا لا والله ما بقدر Physio-peak 

أودع اودع كيف؟؟؟ والله ما بقدر….. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.. َها أنا أعود إلى (أعلى الوادي) بعد أن هبطت إلى مصر و(وجدت ما سألت) بفضل الله الذي سخر لنا Physio-peak مركز العلاج الطبيعي بالقاهرة… ومن هنا أبعث تحية تقدير واحترام لأصحاب المركز وإدارته والطاقم الطبي وتحية خاصة جداً للدكتور أحمد يس وتحيات طيبات للرجل البركة المحترم دكتور حسام الدين إسماعيل المالك والشريك الطبيب الراقي المحترم الذي باشر علاجي بنفسه بصورة دقيقة وخبرة عالية المستوى ورقة في التعامل واحترام كبير، وكان جزاه الله خيراً لا يؤدي معي جلسة العلاج الطبيعي إلا بعد أداء فريضة الظهر، وكم دخلت عليه في مواعيد الجلسة ووجدته راكعاً أو ساجداً لله ومقيماً للصلاة…
(أودعكم) عنوان مقالي هي أغنية سودانية شهيرة بالعالم العربي للفنان سيد خليفة وهو من منطقة كاتب هذا المقال (العيلفون) ولها علاقة وثيقة بجمهورية مصر العربية (أي الأغنية) بل حتى المنطقة فمؤسسها الشيخ إدريس بن الأرباب له قصة وجائزة من الأزهر الشريف في فتواه حول (التبغ) مع الإمام والمفتي المصري علي الاجهوري ربما نفرد لها مقالاً منفصلاً
تم ابتعاث سيد خليفة إلى مصر للدراسة بالأزهر الشريف ليأتي لأهله (شيخاً) كما هو معروف في ذلك الزمان لكن حبه للفن وسحر أرض الكنانة واهتمامها بالفن والفنانين غير اتجاهه تماماً حتى صار من أشهر الفنانين السودانيين في الوطن العربي رحمه الله رحمة واسعة.
أخذ الوداع في الأدب العربي حيزاً كبيراً يضيق به المجال في هذا المقال… وما الحياة إلا مجموعة من الذكريات الباقية حتى بعد الفناء، تنقضي اللحظات والأيام والشهور وتنحسر كل سنوات العمر حلوها ومرها وما بينهما ويبقى كل العمل ليوم الحساب…..
لوقت قريب كنت استعجب ما الذي يدعو كثيراً من أهل السودان للاستقرار بمصر أو الافتتان بها إلى أن ساقتني الأقدار إلى هناك مجبراً وليس مختاراً ولا أخفي سراً فقد افتتنت بها وبشعبها الكريم المضياف وبأهلها وأدبهم وعلمهم وحكمتهم وإيمانهم التام رغم اني قضيت بها أكثر من ستة أشهر وحدود حركتي اليومية لم تتجاوز الكيلو متر المربع لكن إعجابي بالشارع المصري تجاوز حدود ما تخيلته، قلت لأحد الأصدقاء إني (وجدت الله في مصر) فنزل قولي عليه كالصاعقة وجاء رده (يعني هنا مافي) تعالى الله عن ذلك، ولكن أظن أن مآلات حديثي أكثر من واضحة ولا تحتاج للخوض في الشرح…
الشاعر الغنائي الكبير عبد المنعم عبد الحي من رواد شعر الغناء بالسودان تخرج من المدرسة الحربية بمصر وعمل بالجيش المصري إلى أن وصل رتبة اللواء ومتزوج من سيدة مصرية أنجبت له ستة من الأبناء استشهد اثنان منهم أحدهما في حرب 1967م والآخر في حرب أكتوبر 1973م وثلاثاً من البنات، وظل عبد المنعم عبد الحي رحمه الله طوال سنوات العمر وفياً للوطن واللون الأسمر فمن أغنياته (أنا أم درمان) و(أسمر جميل) وبكى لوطنه وذكرياته في أغنية (نار البعد والغربة) وبحسه العالي وعلمه بأن أرض الله واسعة وما في الهجرة من فوائد كتب أغنية (يا جمال دنيانا).
وهناك أيضاً المرحوم صاحب (الشلوخ المطارق) المرحوم الأستاذ السر قدور الشاعر الغنائي والممثل والكاتب والمؤرخ للأغنية السودانية عبر برنامجه الأشهر (أغاني أغاني) الذي استقر بمصر وتزوج منها وأنجب بنات، وهناك أيضاً الشاعر الغنائي أبو آمنة حامد المفتون بمصر وعبد الناصر لدرجة أنه سمى ابنه (جمال عبد الناصر حسين) هكذا اسماً واحداً وقال قولته المشهورة لو كنت أعرف اسماً بعد حسين لأضفته….
العلاقة بين الشعبين الشقيقين لا يكفيها هذا المقال وتحتاج الكثير … قال لي أحدهم بغباء وعنصرية إن هؤلاء فتنوا (باللون) فقلت له بقريتنا هذه (العيلفون) فقط دون غيرها هناك ثلاثة من الإخوة المصريين متزوجين من بناتنا بالعيلفون (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، وأهل السياسة يخربون المشاعر والعقول، وهذه الزيجات فقط في العقد الثاني من الألفية الثانية وقبلها توجد كثير من حالات التزاوج لا يسمح المجال لسردها لكن لابد أن أشير إلى الدكتورة منى عبد الفتاح عميدة كلية التجارة جامعة القاهرة فرع الخرطوم المتزوجة من السودان.
كما أن اللواء محمد نجيب مولود بالسودان وتربى به والرئيس الأسبق السادات والدته سودانية وهذه مجرد أمثلة والتداخل والتزاوج بين الشعبين عصي على الحصر
ودعونا نعد للحظات الوداع الحزينة للقاهرة التي أتيتها مقعداً وفارقتها وأنا امشي على قدمين بفضل الله وتسخيره Physio-peak وطاقمها الجميل المحترم وملاكها وإدارتها، أقول لهم جميعاً مغنياً مع سيد خليفة:
أودعكم… أفارقكم لا.. لا والله ما بقدر
أودع أودع كيف
لو بالأيد
أعيش بينكم مدى الأيام
أغني لكم وانتو تكونوا لي إلهام
ونزرع ريد
وعالم كلو حب وسلام
لكن آه…لكن آه
وآه بتزود الآلام
أودعكم لا… أفارقكم لا لا لا ما بقدر
دموعي بتغطي عينيا
لكن آه
وآه بتزود الآلام
أودعكم أفارقكم
بتبقى عشرة الأيام
أودع… أودع كيف
نعم ستبقى بيننا عشرة الأيام ومدة ستة شهور قضيتها بينكَم كانت من أجمل أيام العمر رغم الألم والحالة الصحية المعتلة… ونعود لكم إن شاء الله في مقال قادم وتأملات حول المقولة الشهيرة (مصر أم الدنيا).
سلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى