الموسم الزراعي والرعوي بشمال دارفور.. إنجازات آنية وحلول مستقبلية 

 

الفاشر- الصيحة

أسدلت الآليات التنفيذية والشعبية المعنية بحماية الموسم الزراعي والرعوي بولاية شمال دارفور الستار على برامج عملها للموسم الزراعي2022-2023 والتي كانت تقوم من خلالها بالمتابعة والإشراف الميداني على الموسم الزراعي والرعوي للحد من التعديات التي تقع على المزارع من قبل الرعاة أو تعديات المزراعين على مسارات ومراحيل ونزل الرعاة والتي ظلت تتسبب في عواقب وخيمة خلال السنوات الماضية دفعت الولاية بسببها المئات من الأنفس ما بين قتيل وجريح من شريحتي المزارعين والرعاة .

وبحلول السابع من شهر فبراير الجاري، وهو التاريخ المتفق عليه قانونا بين المزارعين والرعاة لبداية موسم الـ(طليق) فإن مفوَّضية الرعاة والرحل والمزارعين بشمال دارفور واللجنة التنفيذية لحماية الموسم الزراعي تنفستا الصعداء بعد أن تمكنتا من إنفاذ برامج و خطط عملهما بنسبة عالية ساهمت بصورة مباشرة في إخراج الموسم الزراعي  بالصورة المرجوة، وحظيت تلك الخطط بقبول حكومة الولاية ومفوضية الرعاة والمزارعين وبتمويل من المفوَّضية السامية لشؤون اللاجئين مما أسهم ذلك في تحقيق الرضاء لشريحتي الرعاة والمزارعين، كما أنها جنبت الولاية موجات نزاعات كانت تحدث خلال المواسم الزراعية الماضية.

وأظهر تقرير شهري نوفمبر وديسمبر 2022م الذي أعدته مفوَّضية الرعاة والرحل والمزارعين حول أداء اللجنة التنفيذية لحماية الموسم الزراعي، أظهرت أن أداء اللجنة قد تركز في محليات الفاشر و كتم وكبكابية وطويلة و دار السلام باعتبارها المحليات الأعلى هشاشة من بين محليات الولاية الأخرى، مما تطلب القيام بعمل دءوبٍ وجاد من أجل تعزيز وتطبيع العلاقة بين المزارعين والرعاة، حيث قامت اللجنة بكامل عضويتها، تصاحبها لجنة فنية من وزارة الزراعة والثروة الحيوانية معنية بتقييم سير العمل وتقديم الدعم الفني والمتابعة والإشراف. قاموا جميعاً بتنفيذ أربع جولات خلال تلك الفترة، بواقع جولتين في كل شهر، وإستمرت كل  جولة لمدة خمسة عشر يوماً، وأشركت اللجنة التنفيذية لحماية الموسم الزراعي خلال تلك الجولات اللجان القاعدية والإدارات الأهلية كمنهجية اضافية مهمة لمساعدتها في تبليغ رسائلها الإرشادية والتنويرية  ومتابعة عملها على أرض الواقع والذي يقوم على تطبيق الأساليب العرفية التقليدية المتفق عليها في تسوية النزاعات.

وكنتيجة لذلك العمل في تنفيذ الخطط المحكمة التي تعاونت فيها كافة الأطراف فقد تم إبعاد أكثر من (٥٠٠) (مراح) من الإبل والضأن والأبقار من المزارع خلال الجولات الأربع، حيث كان دخول تلك المواشي إلى المزارع يمثل مستصغر الشرر الذي يؤدي إلى اشتعال نيران الاحتكاكات، كما تمكنت اللجنة من إجراء العديد من المعالجات الميدانية للقضايا التي تتصل بالتعديات على المسارات والمراحيل والصواني والنُزُل وبذلك فقد سجلت اللجنة التنفيذية لحماية الموسم الزراعي نجاحاً كبيرًا لنفسها تمثلت في منع الأسباب التي ظلت تؤدي إلى حدوث الاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين، قياسا بما كان عليها الحال في بالأعوام السابقة.

برغم ما تحقق من نجاح للموسم الزراعي بشمال دارفور (٢٠٢٢-٢٠٢٣) فإن تقرير مفوَّضية الرعاة والرحل والمزارعين قد كشف عن وجود تحديات وصعوبات جمة أعاقت عمل اللجنة التنفيذية في بعض الأحيان من بينها صعوبة الحصول على الدعم المادي واللوجستي اللازم اللقيام بتنفيذ الخطط والبرامج في الوقت المطلوب والمناسب، علاوة على بروز بعض حالات عدم الاستقرار الأمني في بعض المحليات وعدم التزام الرحل  بمواعيد الطليق المعلن واستمرار تعدي المزارعين على المسارات والصواني وخلع الأعمدة والشواخص الموضحة للمسارات، إضافة إلى غياب مبدأ القبول بالآخر بين الراعي والمزارع، وعدم فاعلية بعض اللجان القاعدية وعدم مشاركة المرأة والشباب في حماية الموسم الزراعي.

وكشف التقرير كذلك أن التحدي الأكبر للموسم الزراعي بشمال دارفور يتمثل في الرعاة الوافدين من الولايات الأخرى الذين قال التقرير أنهم لايلتزمون بالمسارات والصواني والقوانين والأعراف المرعية  .

وأضاف التقرير: إن نقص خدمات المياه والصحة وجفاف المراعي الطبيعية في شمال الولاية يؤدي إلى حدوث الطليق المبكِّر في جنوب الولاية مما يتسبب ذلك في حدوث اختلالات أمنية. وبرغم كل تلك التحديات فقد خلص التقرير إلى أن اللجنة التنفيذية لحماية الموسم الزراعي ومن واقع تجربتها الميدانية، فقد أوصت في ختام تقريرها بضرورة عقد مؤتمر جامع للرعاة والمزارعين بولايات دارفور الخمس بمشاركة الإدارات الأهلية والجهات الفنية والتنفيذية والمنظمات والأعيان والمختصين لمناقشة قضايا الرعي والزراعة للخروج منها برؤية مستقبلية فاعلة تؤدي إلى استقرار النشاطين الزراعي والرعوي بدارفور مع أخذ تجربة شمال دارفور كأنموذج.

كما أوصت بتدريب المزارعين والرعاة والإدارات الأهلية والشباب والمرأة على أساليب حماية الموسم الزراعي اهتداء بتجربة محلية كبكابية في مجال بناء قدرات الشباب والمرأة وإشراكهم في جميع مستويات اللجان، مع العمل كذلك على رفع وعي المزارعين والرعاة وتدريبهم  وتمليكهم قانون الراعي والمزارع وحماية الموسم الزراعي. وأوصت اللجنة ببذل المزيد من الجهود لإرساء دعائم السلام ورتق النسيج الاجتماعي والسعي لترسيخ مبدأ قبول الآخر، علاوة على التوصية بتمكين لجان حماية الموسم الزراعي الولائية والمحلية والقاعدية حتى تتمكن من القيام بمهامها، مع أهمية الأخذ في الاعتبار تبادل الخبرات والزيارات والتنسيق بين لجان حماية الموسم الزراعي بالولايات الخمس في  بدارفور خاصة فيما يتعلق بتأسيس وتجويد قوانين العبور من ولاية إلى أخرى،  إضافة إلى التوصية بضرورة الاستعانة بممثلي الرحل والمناديب والإدارات الأهلية وممثلي المزارعين والأعيان في إقناع أصحاب المصلحة. كما تضمنت توصيات اللجنة التنفيذية لحماية الموسم الزراعي مطالبة الحكومة بضرورة توفير الخدمات الأساسية على طول مسارات وصواني ونزل الرحل والقرى بالتركيز على توفير مصادر المياه والشفخانات ونقاط الشرطة والخدمات البيطرية والزراعية، ومطالبة اللجنة الإقليمية بتبني الحلول لمشاكل وقضايا الموسم الزراعي بين ولايات التماس وولاية شمال دارفور.

كما تضمَّنت توصيات اللجنة ضرورة فرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون بنشر مزيد من القوات النظامية طوال فترة الموسم الزراعي وتفعيل المحاكم الريفية وتمليكهم قانون الراعي والمزارع، إضافة إلى المطالبة بتقديم الدعم المادي واللوجستي للجنة التنفيذية لحماية الموسم الزراعي واللجان القاعدية وتفعيل دورهم في الموسم الشتوي.

يذكر أن تقرير لجنة حماية الموسم الزراعي قد عززت رؤيتها المستقبلية لعملها بأهمية أن تلتزم الحكومة في كافة مستوياتها والجهات الأخرى ذات الصلة بتنفيذ  تلك التوصيات باعتبارها الأساس الذي سيعمل على منع الاحتكاكات بين شريحتي المزارعين والرعاة باعتبارهما الأكثر إنتاجاً من الناحية الاقتصادية، حيث ترى اللجنة ضرورة تنظيم حركة الرعاة بالوثائق الثبوتية والأعراف والتقاليد المحلية المتبعة والحد من استغلال الأطفال القصر في الرعي ومراعاة حقوق الطفل ومراجعة المسارات والمراحيل والصواني وتخريطها بالأقمار الاصطناعية وتثبيت العلامات الدائمة لها بالأعمدة الخرسانية أو إيجاد البدائل المناسبة غير القابلة للتخريب وذلك بالتنسيق مع المجتمع المحلي، علاوة على مراجعة مواعيد الـ(طليق) بالنسبة للزراعة المطرية والنيلية وفقاً للمتغيرات البيئية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى