شاكر رابح يكتب: تصريحات البرهان تنصُّل من الاتفاق

مفارقات

شاكر رابح

تصريحات البرهان تنصُّل من الاتفاق

تصريحات الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة التي أطلقها إبان زيارته لولاية نهر النيل والمتعلقة بدمج قوات الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية جوبا لسلام السودان في القوات المسلحة كشرط أساسي للموافقة النهائية على الاتفاق الإطاري، تأتي في الوقت الذي أثمرت الجهود الرامية لتوافق القوي السياسية وحركات الكفاح المسلح على اللحاق بالاتفاق الإطاري وتوصلت الأطراف لتفاهمات مهمة مع حركة جيش تحرير السودان بقيادة أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم واقتربت ساعة توقيعهم عليه باعتباره فرصة أخيرة أمام الأطراف لحل الأزمة السياسية الراهنة .
لا شك أن تصريحات البرهان في هذا التوقيت تعني العودة لحالة الحرب والانقسام والتشظي وألا استقرار ولا دولة، دمج قوات الدعم السريع هو تأكيد للمؤكد وهذا ما وافق عليه حميدتي وورد في اتفاقية جوبا والاتفاق الإطاري نفسه إلا إذا كان يريد القول أنه يملك أدوات قيادة الدولة وصاحب القرار الأخير، هذا التصريح مقرون بتصريحات كباشي بكادقلي وقرارته في ٢٥ أكتوبر العام قبل الماضي، تجد فيها نوع من الاعتداد بالنفس والغرور والنرجسية وعليه أن يعتبر من تجربة البشير في نهاية حكمه .
ولا شك أن القائد حميدتي وبصفته واحد من رموز التغيير لن يقبل بأي حال من الأحوال على قرارات ارتجالية غير مدروسة، ولن يقبل أن تكون قواته أداة للقمع والقهر أو أن تكون تحت وصاية العسكريين أو المدنيين في الفترة الانتقالية .
وعلى كل سوداني أن يفتخر بقدرات قوات الدعم السريع وما حققته من إنجازات على صعيد حماية الثورة والثوار من الفلول وتحقيق الأمن الاجتماعي والسلام ودعم اللاجئين والنازحين ومحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة، وسبق أن أكد دقلو أن قوات الدعم السريع ستبقى أياديها ممدودة لمن يعمل على التوافق الوطني وطي صفحات الماضي وبناء سودان جديد يعمه الخير والسلام.
في تقديري أن البرهان ومنذ قرارات أكتوبر حاول عرقلة عملية التحوُّل الديموقراطي بتعطيله العمل بالوثيقة الدستورية وعدم تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان خاصة بند الترتيبات الأمنية التسريح والدمج ونزع السلاح لقوات حركات الكفاح المسلح ويقف حجر عثرة أمام إصلاح المنظومة الأمنية مما يخلق تحديات جمه سياسية وأمنية واقتصادية وإنسانية .
تلميحات قيادة الجيش يغلب عليها طابع الغموض ويمكن أن تقرأ بزواية عدة منها عدم إيمانهم بالتحوُّل الديموقراطي واستمرارهم في السلطة غير آبهين بانسداد الأفق السياسي في ظل ظروف سياسية واقتصادية بالغة التعقيد.
دمج قوات الدعم السريع ليس بالأمر السهل ويتطلب ذلك تجاوز تحديات قانونية ودستورية:
أولاً: تعديل الوثيقة الدستورية التي نصت على أن قوات الدعم السريع واحدة من الأجهزة العسكرية القومية جنباً لجنب مع القوات المسلحة وقوات الشرطة وقوات جهاز الأمن.
ثانياً: ورد نصاً في اتفاقية جوبا في بند الترتيبات الأمنية يتم دمج قوات الحركات في الجيش والدعم السريع وأيضاً تنشأ قوات حفظ الأمن في إقليم دارفور قوامها ١٢ ألف فرد، ٦ آلاف من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة والأمن و٦ آلاف، أخرى من قوات الحركات المسلحة، بالتالي واحد من التحديات التي تواجه فرضية دمج الدعم السريع في الجيش يتطلب ذلك تعديل الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا.
ثالثاً: إن قوات الدعم السريع أنشئت بقانون مجاز من المجلس التشريعي وبالتالي لا تملك أي جهة مسوق دستوري تستطيع بموجبه اتخاذ قرارات مصيرية هي من صميم الحكومة المنتخبة.
رابعاً: دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة بقرارات آحادية سوف يواجه برفض شديد من المواطنين وأعيان وقيادات أهلية في الهامش خاصة الولايات المتأثرة بالحروب.
عملية الدمج لم تغيِّر ميزان القوة لصالح القوات المسلحة ولم تعد عقارب الساعة للوراء.
في تقديري السير في هذا الاتجاه يمثل جانباً صعباً وعصياً وربما ينقلب السحر على الساحر ولذلك بالضرورة هنا أن تتمتع قيادة الجيش بالمرونة المطلوبة والتقييم السليم لمجريات الأحداث وكلها ضرورية لتحقيق الاستقرار والتوافق الوطني.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
///
حسن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى