محيي الدين شجر يكتب : في اليوم العالمي للراديو

14 فبراير 2023

يُحتفَل باليوم العالمي للإذاعة في 13 فبراير في كل عام، وهو الذي أعلنته اليونسكو في عام 2011، بعد أن اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً بمُوجب قرارها 124/67 المؤرخ 14 يناير 2013.

والإذاعة ظلّت هي الوسيلة المباشرة للثقافة الجادة بعد الكتاب.

وتأتي الوسائط والوسائل الإعلامية المتعددة من قنوات فضائية وصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، في المركز الأخير كمنصات لعرض الثقافات فقط.

فالإذاعة لم تزل وسيلة قوية للاحتفال بالإنسانية بكل تنوُّعها، كما أنها لم تزل منصة للخطاب الديمقراطي.

وللإذاعة دورٌ معروفٌ لطلاب الإعلام وخبرائه في تكوين وتغيير الرأي العام أو الاتّجاهات، شأنها شأن كثير من العمليات النفسية الاجتماعية تتأثّر بطرق الاتصالات من نواحٍ كثيرة.

وعلى المُستوى العالمي، تظل الإذاعة الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشاراً. وبسبب قدرة الإذاعة على الوصول إلى الجمهور الأوسع، وقلة تكلفتها، فإنّ بمقدورها تشكيل تجربة المُجتمع في التنوُّع، وإتاحة مساحة عامة لكل الآراء.

ولقلة وتكلفة الإذاعة، تكون مناسبة للوصول إلى المُجتمعات النائية والفئات المُهمّشة، حيث تتيح أمامهم منصة للدخول في الهَمّ العام، بغض النظر عن مُستوى المعرفة.

ولها أهميتها في التواصل في حالات الطوارئ، وتقديم الإغاثة في حالات الكوارث البيئية، وفي الإرشاد والتوعية الصحية في حالات الأمراض الوبائية، كما أنّ للإذاعة قيمتها الفريدة فيما يتصل بالجمع بين المُجتمعات وتعزيز الحوار الإيجابي بما يدفع قُدُماً نحو تحقيق السلام المجتمعي.

في بلدنا السودان:

الإذاعة السودانية كاملة المصداقية، والجمهور يقول لك (اسمع الراديو)، دليلاً على صحة الخبر ويقول لك (كلام جرائد) مع الاحترام للإعلام المقروء. ولم تتبع الإذاعة السودانية مبدأ ‘أعط الجمهور ما يُريد’ بحجة تسلية الجمهور بالمواد التافهة كما تفعل بعض القنوات الفضائية في العالم العربي.

فكانت الإذاعة مدرسة للتعليم، وقد كانت للبرامج الدينية لتفسير القرآن الكريم متابعات في كل السودان ودول أفريقيا المسلمة.

وكانت منصّة للغة العربية السليمة، وقد شهد العالم العربي بتفوُّق المذيع السوداني على إذاعات الرافدين و”البي بي سي”.

والبرامج الغنائية مثل (ربوع السودان) جذبت المُستمعين من كل الأقاليم المُتنوِّعة ووحّدتهم تحت مَنَصّة الغناء الشعبي.

واحتلت الدراما مساحة معتبرة من الاستمتاع والمتابعة في كل ربوع الوطن العزيز، والبرامج الرياضية والنقل الحي لمباريات كرة القدم المحلية والخارجية، وطّدت العلاقة بين المستمع والإذاعة وهي علاقة متميزة.

البرامج التعليمية يُمكن أن تسهم إسهاماً كبيراً في جسر الهوة بين الريف وقلة الإمكانيات، ويتلقى الطلاب العلم أينما كانوا.

ولعدم وجود مجالس نيابية برلمانية، فإن المواطن حُرم من توصيل صوته عبر الإذاعة لسلطة الدولة والإقليم.

واليوم يجب أن تخدم المحطات الإذاعية، مُجتمعات متنوِّعة، وأن تقدم مجموعة متنوِّعة من البرامج ووجهات النظر والمُحتوى الغني، وأن تكون مرآةً صادقةً لتنوُّع الجماهير في إطار مؤسساتها وعملياتها. وللبلد في احتياجاته البناء والتنمية وليس للترفيه فقط، وفي هذا نجد قُصُوراً كبيراً لا يؤدي للنهوض من كبواته السياسية والاقتصادية والرياضية.

كما أنّ للإذاعة قيمتها الفريدة فيما يتّصل بالجمع بين المُجتمعات وتعزيز الحوار الإيجابي بما يدفع قُدُماً نحو التغيير، وتتيح الخدمات الإذاعية الاستماع إلى أصوات جماهيرها، وتُشجِّع على تلبية احتياجاتهم، كما تُتيح السبيل أمام تنوُّع الآراء والرؤى والأصوات بما يُلبِّي الحاجة لمُواجهة التحديات الماثلة.

في اليوم العالمي للراديو … نُزجي التحية لكل إذاعات بلادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى