أشرف فوجي يكتب : زيارة كوهين.. قطعت جهيزة قول كل خطيب

12فبراير2023م

قدم إلى البلاد قادماً من تل أبيب في زيارة غير مُعلنة وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين من أجل لقاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان للتمهيد لعقد اتفاقية سلام أبراهام الصهيوعربية بين تل ابيب والخرطوم بعيد تكوين حكومة عبر انتخابات قادمة غير معترف بنتائجها داخلياً بإشراف إسرائيلي ومراقبة أمريكية مقابل سلام داخلي تفرضه إسرائيل بطرق غير مأمونة العواقب نظراً لرفض الشارع السوداني بمختلف ألوان طيفه السياسي والمجتمعي والعقدي لخطوة التطبيع مع الكيان الصهيوني جملةً وتفصيلاً!

الأمر الذي دفع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان للالتقاء برئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف بنيامين نتنياهو خارج البلاد بعنتيبي الأوغندية في السادس والعشرين من يناير من العام ٢٠٢٠م الذي تلته في العام الذي يليه زيارة لرئيس المخابرات الإسرائيلي وقتها إيلي كوهين، أعقبها زيارة أخرى لوفد أمني إسرائيلي في فبراير من العام ٢٠٢٢م تمخّضت عنها الزيارة الأخيرة التي أرسل من خلالها وزير خارجية الكيان الصهيوني عددا من الرسائل السالبة للمدنيين وأخرى إيجابية للعسكر سوف تتضح مآلاتها الكارثية على الراهن السياسي في البلاد خلال الأشهر إن لم تكن الأيام القادمة.

إن اللقاءات المباشرة المتواصلة والزيارات السرية والمُعلنة بين الخرطوم وتل أبيب في السنوات الأخيرة ستفضي إلى واقع سياسي جديد تؤول فيه مقاليد الحكم في البلاد إلى المؤسسة العسكرية عنوةً واقتداراً، بغض النظر عن قيام الانتخابات في موعدها غير المحدد من عدمها ما لم يحدث ما ليس في حسبان رعاة التطبيع من قِبل التيار الإسلامي العريض وجماهير أحزاب المؤتمرين الشعبي والسوداني والشيوعي والبعث وما يلونهم في القوات المسلحة السودانية من أتباع.

إنّ الوعود السابقة الخاصة والعامة التي أعلنت عنها واشنطن وتل ابيب مجدداً على لسان إيلي كوهين لرئيس مجلس السيادة في الزيارة الأخيرة هي بعينها من دفعت البرهان للارتماء في أحضان رعاة اتفاقية أبراهام الصهيوعربية، أملاً في تسنم مقاليد الحكم بالبلاد وإعفاء ديون السودان والدعم السخي للخزينة العامة مقابل إدارة ظهر نظامه للقضية الفلسطينية إلى حين زوال نظامه في القريب العاجل بهبة شعبية عارمة شاملة لم تشهدها البلاد منذ الاستقلال.

إنّ الزيارة الأخيرة لوزير خارجية الكيان الصهيوني إيلي كوهين للبلاد قصمت ظهر المستقبل السياسي لرئيس المجلس السيادي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ونسفت آخر الفرص للانتقال السلس المُوصِّل المحقق للانتخابات الموعودة التي يتشدق بإقامتها المستحيلة أنصاف الساسة في الحرية والتغيير والأحزاب التقليدية بالبلاد، ذلك ما يستوجب على الجميع ساسة وقاعدة التحرُّك السريع لتحريك الشارع لقول الكلمة الفصل لإعادة مياه السودان الى مجرى النيل العظيم قبل الطوفان الذي سيغرق أهرامات بلادي ومشاريعها وموروثاتها التاريخية التي لم ينفك ويتخلى عنها الشعب السوداني طوال تاريخه التليد. ستتسبّب الزيارة الأخيرة لوزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين للبلاد في توقُّف المدنيين عن التواصل مع العسكر وقطع الطريق أمام التفاوض معهم من أجل الوصول لوفاق أو توافق بينهم والعسكر بغية تشكيل حكومة انتقالية تهيئ لقيام انتخابات حرة ونزيهة والاستعاضة عنه بالقيام بحراك شعبي يُغيِّر واقع حال الراهن السياسي المُعقّد ما لم تتدخّل العناية الإلهية وتحفظ السودان كما العادة رحمةً بشعبه الطيِّب في الأوقات العصيبة التي تمر بها البلاد في تاريخه المحفوف بمخاطر التشظي وطمع دول البغي في ثرواته وموقعه الاستراتيجي المُهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى