الفريق “محمد بشير سليمان” في حوار الخاص والعام لـ (الصيحة) 1ـ2

اتهامي بالمحاولة الانقلابية حديث مشروخ وحذّرت البشير من قوش وابن عوف

(الإنقاذ) كانت أخطر مهددات الأمن القومي للسودان منذ الاستقلال

قلتُ للبشير الذين اتهموني بالانقلاب سينقلبون عليك وقد صدقت نبوءتي

مطلوبات دولية كانت تهدّد الرئيس السابق هي التي أعادت قوش رئيساً لجهاز الأمن

 لم يكن ذاك الشاب الأسمر حينها يعلم وهو يضع أولى خطواته على عتبات الكلية الحربية، أنه سيأتي يوم ويغادر المؤسسة العسكرية متهماً بمحاولة انقلابية تحدث الناس وقتها عنها كثيراً قبل أن تتضح الحقائق ويتلقى اعتذاراً من البشير، لكنه اعتذار لم يشفِ غليله حتى الآن على الرغم من مرور 15 عاماً على تفاصيل محاولته التي يصفها بالمشروخة والكاذبة.

ظل الفريق ركن محمد بشير سليمان لما يقارب الساعة يحكي عن المؤسسة العسكرية وتداعيات الانقلابات الأخيرة التي وصفها بالمبررة، قبل أن يسرد وقائع اتهامه بالمحاولة الانقلابية ضد البشير، وجدران صالونه العتيق بمنزله بحي النخيل بأمدرمان تجسد نضالاته وكفاحه من خلال ما علق عليها من صور وشهادات تقديرية.. محاور عدة طرحناها عليه تناولنا فيها الجديد والقديم معاً فكانت المحصلة التالية:

  حوار: هبة محمود سعيد

تصوير: محمد نور محكر

*  كثيراً ما تناولت الإنقاذ في كتاباتك، ولك معها مرارات، الآن الإنقاذ ونظامها ذهبوا، كيف تُقيّم تجربتك فيها؟

دون شك، أن أخطر مهددات الأمن القومي على السودان منذ الاستقلال كانت (الإنقاذ)، أحيت القبلية والتهميش والولاء الشخصي والفساد والشمولية وبناء دولة الحزب، والتي تعني أن كل القوى ذات البعد الأمني كُرّست لحماية البشير وحزبه ومجموعته دون حماية الأمن القومي، وذلك لم يكن في عهد نميري، اضف إلى ذلك أنها أضعفت القوات المسلحة وعملت على تقوية الدولة العميقة بالظلم.

* ولهذا فكرت بالانقلاب عليها؟

الحديث عن انقلاب محمد بشير هو حديث مكرر ومشروخ وغير صحيح.

* البعض يعرف الحادثة وآخرون لم يسمعوا بها وهناك أجيال لا تعرف من هو محمد بشير سليمان ولماذا اتهم، ولهذا أسألك لماذا اتهمت بمحاولة انقلابية على البشير في العام 2004؟

لأنه حسب أنني ذو تأثير على المؤسسة العسكرية.

*ولماذا أنت دون غيرك من قادة المؤسسة العسكرية، ما هي المؤشرات التي تركتها حولك؟

قيل للرئيس إذا كان هنالك من سيقصيك ويبعدك من كرسي الحكم فهو الفريق محمد بشير سليمان.

*ما المنصب الذي كنت تتقلده وقتها؟

كنت أتولى إدارة التوجيه والتدريب وهاتان الهيئتان من أصعب الهيئات، وقد تسلمتهما خلفاً للأخ الفريق فاروق حسن محمد.

*احكِ ما الذي حدث بعدها؟

تم توافق بأن توضع خطة يتم من خلالها اتهامي بتنفيذ مخطط انقلابي، وتولى هذا الأمر الفريق “صلاح قوش” ودفع به عبر تنوير مجلس شورى الحركة الإسلامية وقتذاك، وهذا أمر مرفوض.

*كيف؟

هذا الامر لم يكن من المفترض أن يحدث داخل تنوير للحركة الإسلامية، وكان يجب أن يُنوّر بهذا الفعل داخل المؤسسة العسكرية ومن قبل الاستخبارات العسكرية.

*بم فسرت الأمر؟

 قوش كان يسعى لتكوين شخصية داخل القوات المسلحة فأطلقها داخل مجلس الشورى، وعندما استنكرها بعض الناس ومن ضمنهم البشير شخصياً تراجع قوش وقال إنها إشاعة.

* ماذا كان يريد من تنويرن بواقعة ومن ثم نفيها؟

 إذا لم تكن تريد أن تحدث خرقاً في المؤسسة العسكرية وتنبه لمرحلة قادمة، فلماذا إذاً تنورهم عن إشاعة، هذا أمر، الأمر الثاني جاء في إطار الصراع الذي كان قائماً بين (الشعبي) و(الوطني) في السلطة.

* كيف؟

في إطار أن يبعد محمد بشير من مكانته، وفي إطار أن يكسب المؤتمر الشعبي.

*ما الذي سيكسبه (الشعبي) من إبعادك؟

 الشعبي كان يقود مخططاً لانقلاب عبر مجموعة من أعضائه، وهذه المجموعة عندما خططت قالت إنها تريد الاستفادة من القوات المسلحة، وقالت دعونا نختار مجلس ثورة من القوات المسلحة يكون رئيسه الفريق محمد بشير بحسب تأثيره واختاروا معي أفضل عناصر القوات المسلحة، وذكرنا صلاح قوش في التنوير، وكلهم داخل القوات المسلحة ما عدا انا بل أن نائبي الذي كان مرشحاً في عضوية مجلس الثورة الانقلابي (الإشاعة)، أصبح رئيساً للأركان المشتركة، وهو الفريق أول مصطفى عثمان العبيد.

*هل جلست مع الرئيس السابق البشير؟

عقب خروجي كنت ساخطاً جداً وقلت في الإنقاذ ما لم يقله مالك في الخمر، وعندما التقيت البشير وأخبرني أنني نزلت إلى المعاش قلت له أنا متهم بأنني خائن والآن أمامك أمران، إما أن تخرج ببيان بأنني انقلابي أو غير ذلك، وإذا كنت انقلابياً أعدموني برصاصة واحدة.

* ماذا قال لك؟

صمت لكنه قال لي (حنشغلك) فقلت له لا كونك تشغلني معناها أنا انقلابي، وأنا لا أريد أي منة من أحد والله موجود.

*هذا كان آخر لقاء بينكم؟

لا عندما أصبحتُ أكتب كثيراً في الصحف اتصل علي “بكري حسن صالح وطلب مني لقاء البشير، وقابلته في 2009 في بيت الضيافة.

*ما الذي دار بينكما ولماذا طلبك؟

جلسنا، وقلت له السيد الرئيس أنتم لم تبرّئوني حتى الآن، فقال لي بالنص (لقد تآمروا عليك وضللونا فيك وكنا نحسبك ليوم غير هذا اليوم)، فقلت له الذين تآمروا علي صدقني سوف يتآمرون عليك.

*كنت تقصد قوش؟

“قوش” و”عوض بن عوف” الذي كان يشغل وقتها نائب رئيس هيئة الأركان مشتركة، وقد كان ما قلته، فقد تآمر عليه صلاح قوش ووضعه في السجن ثم أتى به بعد ذلك فانقلب عليه في أبريل.

*هذا حقك؟

نعم وقلتها لأحمد هارون أنت ومن تعرف وأصدقاؤك سنرى فيكم آيات الله سبحانه وتعالى وقد حدث.

*شامت يعني؟

لست سعيداً بهذا الحدث، ولكن الظلم ظلمات، وربنا يأخذ الحقوق في الدنيا.

*لماذا لم يقم البشير بإعادتك إلى الخدمة طالما أنه قال إنه خُدع فيك؟

الرئيس كان يظن أن محمد بشير خطر، واللقاء كان لأجل تخفيف الكتابة، لكن أنا أعتقد أن الرئيس كانوا يهددونه دائماً.

*تهديد مِن مَن؟

نافع وجهاز الأمن والاستخبارات بأن محمد بشير هذا خطر، وأنا حتى بداية الثورة ظللتُ مراقباً أينما ذهبت.

*لماذا أعاد البشير صلاح بقوش إلى الخدمة عقب محاولته الانقلابية؟

على الرغم من اعتراف المندوب الأمريكي للسودان وجنوب السودان بأنه كانت هنالك مؤامرة، جلس وخطط لها قوش في أحد فنادق القاهرة، إلا أن الرئيس أعاده في إطار بُعد مصلحي، فضلاً عن تقاطعات اخرى بين البشير ومطلوبات بيئة دولية، صلاح كان ملماً بخيوطها وأصبحت تشكل مهدداً للرئيس سواء كان على مستوى الخليج او على السعودية أو على  أمريكا. البشير كان يرى أن قوش قد يصلح ويخفف من وطأة الضغط عليه على اعتبار أن الدولة دولة إسلامية، وعودته تأتي في إطار رفع العقوبات والحظر الاقتصادي عن السودان. وأنا كتبت في مقالاتي أن الحركة الإسلامية يجب أن تتوب وتغتسل وتستغفر وتصلي ركعتين وترد الحقوق إلى اهلها لأنه لم تكن هنالك حركة إسلامية في الاصل وهذه خدعة خدع بها السودان، هنالك حاجة اسمها مصلحة سياسية وسلطوية ومال وفساد.

*غياب قوش عن المشهد الآن ودعوات لعودته مجددًا، ما هي السيناريوهات المتوقعة؟

   قوش ليس مبرّأ يجب ان يُعتقل كما اعتقل البشير وصحبه، فجزء من مسار منهجه الأمني الدولة العميقة وهو جزء من النظام، يجب أن يُحاسب، وإذا لم يُحاسب قوش فمن الذي سيُحاسب، لكن صلاح في إطار علاقته الدولية والاستخبارية مع الـ”سي آي إيه” و”الموساد” ومع المخابرات الإقليمية، وكثير من التقاطعات فلا أستبعد أن يأتي ويحكم الآخرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى