معتصم محمد الحسن يكتب : موسيقى أبقار هولندا

 

ومناهج طلاب السودان

يحكى أن الفارابي عزف يوماً فضحك الجميع، ثم عزف مرة فبكى الجميع، وفي المرة الأخيرة عزف فنام كل من كان في المجلس فتركهم نياماً وخرج، إن الموسيقى حاضرة من أيام عالم الرياضيات فيثاغورس الذي كان يقول: أسمع نغمات شهية وألحاناً بهية من الحركات الفلكية وتمكنت تلك النغمات في خيالي وضميري فوضعت قواعد علم الفلك.

ولأثرها العظيم والكببر اهتم الإسلام بالموسيقى والإيقاع والفنون والرياضة وهي وسائل تعليمية وترفيهية، وكذلك حفاظاً على التراث الشعبي وغرسًا للقيم الدينية والاجتماعية والروح الوطنية.

في العصر العباسي ازدهرت الفنون حيث اخترع الفارابي آلة القانون وأشهر الموسيقيين إسحاق الموصلي الأصفهاني وزرياب.

وألف العالم ابن سينا  كتاب المدخل إلى علم صناعة الموسيقى وعالج المرضى النفسيين عن طريق الموسيقى، إن للموسيقى والفنون عامة والرياضة دور كبير وعظيم في الفهم الذي هو أساس الاختراع والنهضة والتطور والمستقبل.

ولذلك كان يُقال: (قليل من الفهم خير من كثيرٍ من الحفظ)

بالفهم يُحسن الطالب توظيف المنقول في المستجدات وبالتأمل يمكن حل الإشكالات.

إن كثيراً من أيات القرآن الكريم تحدثنا عن الفهم أو التدبر وتحثنا عليه:

(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ).

كما جعل من خلال الأيات الكريمة الفهم مقصداً وهدفاً

(أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا).

لذلك يبقى للأطفال والتلاميذ في الروضة والمدارس الابتدائية والطلاب في المدارس المتوسطة والثانوية والجامعية حقاً في محيط نفسي واجتماعي وبدني وصحي جيد يساعد على خلق بيئة مدرسية ونفسية واجتماعية  تسهم في النجاح والإجادة والإبداع والمستقبل.

وفي الأثر:

(علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل).

وحتى يتحقق ذلك لابد أن يتوفر  المناخ الصحي ليشعر فيه التلاميذ والطلاب بالسعادة والارتياح بدلاً من جعلهم كآلات تخزن المعلومات حشوا أو كالمبردات التي تحفظ المياه.

وبعيداً عن الاعتماد على سياسة حرق المراحل إن كانت عمرية أو عملية أي التّوصل إلى تحقيق الهدف دفعة واحدة.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر وفرقوا بينهم في المضاجع).

ولنحقق التطور والمستقبل الزاهر لابد من الرياضة والفنون بأشكالها والموسيقى في المنهج التعليمي والتي تعزز وتحقق الهدف المنشود.

إن تأثير الفنون على الإنسان أصبح قضية شغلت العلماء الذين يقولون:

(إن بحوثاً علمية  كشفت عن وجود اختلافات في المخ بين من تعلموا الموسيقى وبين من لم يتعلموا وإن الموسيقى تساعد في تنمية مهارات عديدة عند الأطفال والكبار).

ورصدت تلك البحوث والدراسات نشاطاً في أماكن معينة في مخ من تعلموا الموسيقى مقارنة بغيرهم من الذين لم يتعلموا الموسيقى علاوة على اكتساب الذين تعلموا قدرات تعليمية  إضافية كبيرة.

ولنرتقي ونتطور يجب أن يقوم المنهج التعليمي على الفهم أكثر منه على الحفظ والكم حتى لا يصبح الطالب كالحمار الذي يحمل أسفاراً وهي كتب العلم التي لا يعقلها ولا ينتفع بعلمها

(مَثَلُ ٱلَّذِینَ حُمِّلُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ یَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ یَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ)

وهنا يبرز السؤال لماذا قال الله تعالى في سورة الأنبياء ففهمناها سليمان ولم يقل فحفظناها أو فعلمناها سليمان؟!

(فَفَهَّمۡنَـٰهَا سُلَیۡمَـٰنَۚ وَكُلًّا ءَاتَیۡنَا حُكۡما وَعِلۡماۚ)

نهاية الإرسال

* سنعود لقصة سيدنا داؤد وابنه سيدنا سليمان وحكمهما بين الفهم والعِلم.

* في هولندا يعزفون الموسيقى للبقرة (الحيوان) فتدر الألبان

وفي السودان يحرمون الطفل (الإنسان) من صوت الكمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى