حتى لا تتكرَّر الأخطاء حكومة ما بعد الاتفاق النهائي.. ما هو برنامجها؟

الخرطوم: الطيب محمد خير
أحدث الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر العام الماضي، بين المكوِّن العسكري وقوى سياسية ومدنية وصفت بالرئيسة بعض التقدم في العملية السياسية الانتقالية باشتماله على إنشاء هياكل للدولة أكثر شمولاً وإصلاحاً، وتنتظر المدنية المطالبة بالسلطة تحديات جسام تشكل أعباء ثقيلة عليها في مقدِّمتها الوضع الاقتصادي المتدهور الذي دفع بكثير من الأسر إلى الهجرة لخارج البلاد وتدني الأوضاع المعيشية وأخذ في التدهور المتصاعد بوتيرة متسارعة للشرائح الأكثر ضعفاً في المجتمع, ومن التحديات الكبرى الانتكاسات التي شهدها الجانب الأمني بارتفاع وتيرة العنف القبلي في دارفور والنيل الأزرق وزيادة حجم الاحتياجات الإنسانية الخاصة بالمتأثرين رغم وجود اتفاقية السلام الموقعة في جوبا.
ويرى مراقبون أن الجانب غير المرئي وغائب في هذا الاتفاق هي البرامج الإسعافية العاجلة كأولويات للحكومة الانتقالية المحدَّد عمرها بسنتين لتوفير الموارد المالية الضرورية اللازمة لتعزيز الاقتصاد بوضع معالجة جذرية للتشوُّهات وكبح جماح التضخم، ووضع اللبنات الأساسية لاقتصاد يؤسس على التنمية المستدامة والتعامل مع الفقر، وإصلاح الخدمة العامة وأجهزة الدولة مع ضرورة الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي لتحقيق النمو والتنمية المستدامة ووضع سياسة خارجية متوازنة تخدم مصلحة البلاد، وأشار المراقبون إلى أنه ظل غياب البرامج هذه وعدم بروزها بصورة واضحة تسود حالة من الشك في أن يفضي هذا الاتفاق إلى أي تغيير ملموس ولاسيما أن أصداء شكوى رئيس الوزراء السابقة حمدوك من عدم استلامه برنامج من حاضنته السياسية ليعمل عليه موجودة ماجعل فترته يغلب عليها ظهور وزراء بضعف حاد في الأداء وتدهور للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي بالتركيز على تقاسم السلطة، وإغفال القضايا الأساسية الأخرى، ما فتح المجال لتفنن السودانيين في السخرية والتهكم والاستياء من حكومة حمدوك وتحديداً نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من المعارضين، فيما ظلت المواجهات المستمرّة للجان المقاومة والقوى السياسية وتحديداً قوى اليسار التي جهرت بمقاومتها وإسقاطها، ما عجَّل بإسقاط حكومتي حمدوك الأولى والثانية.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين بروفيسور محمد حسن الساعوري لـ(الصيحة): إن الحديث عن البرامج مرحلة متقدمة أن لم تكن مغفلة في الوقت الراهن لدى القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، ويبدو واضحاً الأن الجميع مهوم بالمحاصصة وتوزيع المناصب لكن البرامج الإصلاحية الخاصة بالدولة مغفلة الآن وهنا يظهر دور الخبرة في هذه الجوانب، لكن المجموعة السياسية القائمة الآن على الترتيب للمرحلة الانتقالية القادمة تنقصها الخبرة في الترتيب لمرحلة الاتفاق النهائي وليس لديها الاستعداد للتشاور، وواضح أن البرامج مؤجلة لحين قدوم رئيس الوزراء الذي بدوره متوقع أن يطلب من كل وزير على حدة أن يقدِّم برنامجه ورؤيته في الاجتماعات الروتينية لمجلس الوزراء .
وأشار بروفيسور الساعوري، إلى أن البرنامج الذي ستعمل عليه الحكومة الانتقالية الثالثة مهمل ولا أحد يفكِّر فيه الآن، وواضح هناك بطء ولا يتم التطرُّق لبرنامج محدَّد ستعمل عليه الحكومة القادمة، رغم أن برنامج الفترة الانتقالية معروف بالإعداد للانتخابات، والحكومة المنتخبة هي التي ستضع البرامج لكن قبل ذلك لابد من برامج للعمل عليها لحين قدوم الحكومة المنتخبة، وتساءل هل يعقل أن كل القوى السياسية لم تسأل عن شكل البرنامج الذي سيحكم المرحلة القادمة والبرنامج الآن هو الكرسي.
وذهب أمين الاتصال التنظيمي لحزب الأمة القومي، إمام الحلو، في حديثه لـ(الصيحة) شارحاً بأن الاتفاق الإطاري حسب الخط العام المرسوم له من قبل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي تم تحديده بثلاث مراحل وتم الإفصاح عنها. الأولى منها العمل على إنهاء الانقلاب واستعادة الحكم الانتقالي المدني، وهذه المرحلة الحالية. والثانية وهي الاتفاق حول القضايا الرئيسة الخاصة بالمرحلة الانتقالية ومهامها، وهذا غير مخوَّل للمكوِّن العسكري المشاركة فيها، وسيتم فيها والاتفاق حول البرنامج العام والمرحلة. الثالثة تكوين مؤسسات المرحلة الانتقالية، وهذه بالضرورة كل القوى الموقعة على الاتفاق أن تشارك فيها.
وأشار الحلو إلى وجود استعجال في التنفيذ من قبل البعض بالحديث عن ترشيحات لرئيس الوزراء متناسين أن الأولوية هي الاتفاق على القضايا الأساسية الخمس التي على ضوئها يتم تحديد من الأقدر على تنفيذ البرانامج الذي يشمل إصلاح الاقتصاد ومؤسسات الدولة العدالة الانتقالية وغيرها من القضايا الثلاثة عشر الرئيسة، المحددة في قضايا وبرامج المرحلة الانتقالية التي بالضرورة يكون مجمع عليها لتكون برنامج للحكومة وهذا مستفاد من المرحلة السابقة، لذلك تم التشديد على الاتفاق على القضايا والمهام المنصوص عليها وتترجم لبرامج وبعدها يتم تشكيل الحكومة ويأتي المجلس التشريعي كجهاز رقابي .
عن الخارطة الخاصة بالبرنامج أشار الحلو قال الحلو، إلى أن الاجتماع الموسع للقوى والأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري الذي تم بدار حزب الأمة أمس الخميس، من اهتمامه وضع الخارطة التي ستعمل عليها حكومة المرحلة الانتقالية بجداول زمنية محدَّدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى